رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

توفيراً للنفقات

نشرت الصحف منذ أيام خبراً عن قيام سيدة ببيع ابنها لكي تنفق على باقي أولادها، بطبيعتي أتجنب قراءة هذه الموضوعات، لسبب بسيط جدا وهو أنني ضعيف جدا من الناحية الإنسانية، مع قراءة هذه الموضوعات ينشط خيالي بدرجة كبيرة،

وأتخيل نفسي الطفل الذي سيحرم من والديه، أو أتقمص دور الأب الذي باعت زوجته أو طليقته ابنه بدون علمه، أو الأم التي باعت لحمها لكي تنقذ باقي أولادها من الجوع والتشرد، ومع كل شخصية ينسج خيالي قصصاً وسيناريوهات مأساوية لا نهاية للسواد والألم بها، أدعمها بكلمات وصور في غاية القتامة والمرارة، وخلال نسجى للمشاهد تنسكب دموعي أنهارا، ويرتفع الضغط في دمى وضربات قلبي تزداد سرعتها، وأصاب بأزمة قلبية أو بذبحة صدرية بسبب بعض شرايين قلبي المسدودة، وترفع حالة الطوارئ في البيت، ويناولني ابنى حبة دينيترا أضعها تحت لساني، وقرص أسبرين أطفال أمضغه، وحبة ضغط وأخرى لتوسيع الشرايين أبلعهما، وحبة بلافكس لتذيب الجلطات، وأنطق الشهادة وأكرر عليهم وصيتي: ادفنوني فى أى مكان مع والدي في بلدتي أو بمدافن الصدقة هنا، وأسرعوا في استخراج الأوراق لكي تصرفوا معاشي من التأمينات والنقابة ، صحيح مجموع المبالغ تصل بالكاد ألف جنيه، لكنها نواة تسند الزير، وأهم بند في الوصية: العزاء على المقابر، ولا تقيموا «شادر» لترشيد النفقات، وألح على ابنى ألا ينسى تغيير زيت للعربية كل سبعة آلاف كيلو، وتغير معه فلاتر الزيت والهواء، وبوجيهات العربية كل 20 ألفاً، ويخلى الميكانيكى يبص على السيور، وما تنساش تقفل ترباس باب الشقة قبل أن تذهب للفراش، وتتأكد من إغلاق شباك الريسبشن، وتدفع اشتراك الانترنت يوم 5 من كل شهر، وطلع باسكت الزبالة مساء أمام الشقة، وتبعت إيجار الشقة يوم 29، وماتنساش فلوس البواب والجرايد وفواتير الكهرباء والغاز، وخلى بالك لو تأخرت فى اشتراك النادي مرتضى منصور بيتلكك

وهيلغى العضوية، وما تطفيش نور الريسبشن لأن والدتك بتخاف من الضلمة، وفى نهاية الوصية أعتذر عن فشلي طوال سنوات عملي فى ترك أموال أو عقارات، حتى القبر لم أتمكن من شرائه، وأوصيه بأن ينام كالمعتاد قبل منتصف الليل أيام الدراسة، وألا يجهد عينيه فى القراءة على المحمول، ويشتغل بالهندسة وينسى فكرة أن يكون صحفياً كفاية غم ومرض وفقر، على يدك أهه.
قبل أن أستسلم للخيال المأسوي أسرعت إلى الحمام، وضعت رأسي تحت الحنفية ولم أرفعها حتى محوت آثار المأساة السوداء توفيرا لصحتي وللأدوية، وحكمت عقلي بعيدا عن العاطفة، وتساءلت: ماذا تفعل الأسر التى لا تجد قوت يومها؟، ومن أين تنفق على أولادهم؟، أرخص شقة وصل سعرها نصف مليون جنيه، والشباب بدون عمل وبدون أمل، ما هو المطلوب من زوج راتبه يتراوح بين المائة والخمسمائة جنيه، ومطالب بأن ينفق على التعليم والصحة والمواصلات والطعام والملابس والدروس الخصوصية والمسكن والكهرباء والمياه والغاز، وعليه أن يقدم رشوة لكي ينهى خدماته.
بالطبع هذا ليس مبررا لكى نبيع أولادنا، لكن ما هو الحل؟، كيف توفر الأسر نفقاتها فى ظل الظروف التى نعيشها؟، كل الأبواب مغلقة، والأسعار مرتفعة وأغلب المصريين يحاربون يوميا لكى يوفروا لأولادهم وجبة طعام.

[email protected]