رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ظاهرة إسلام بحيرى

تابعت مساء أمس الأول مداخلات المذيع إسلام بحيرى مع برنامجى 90 دقيقة بقناة المحور، وعلى مسئوليتى بقناة صدى البلد، وقد دهشت جدا لجرأة المذيع ولتجاوزه على من أكثر منه علمًا وأكبر منه سناً، والذى تابع مداخلات هذا الشاب يضع يديه على بعض ملامح شخصيته الجوهرية،

وهى تضخم ذاته لدرجة مرضية، وسهولة استثارته، وعدم احترامه أو توقيره للآخرين، إضافة إلى محدودية ثقافته وعدم امتلاكه للأدوات التى تعينه وتقديم قراءة جادة فيما نسب للرسول عليه الصلاة والسلام، وأطرف ما يلفت انتباه المتابع لهذا المذيع الشاب أنه يتوهم امتلاكه للحقيقة.
لن أتناول هنا كيف قادتنى المصادفة لمتابعة برنامجه منذ عدة أسابيع، وكيف صدمت عندما سمعته يسب الأئمة ويصفهم بالسفلة وبالرمة والمتخلفين، ولن أذكر كيف وصف ما نسب للرسول فى بعض كتب الصحاح بأن مؤلفيها رمم، وأن ما كتبوه فى صحاحهم بالحثالة، لن أتناول هنا سوى ما استشهد به فى مداخلته الهاتفية مع البرنامجين، إذ أخذ على ابن تيمية حكمه بالقتل على من يجهر بالنية فى الصلاة، ووصف ابن تيمية بسفاك الدماء وبالقاتل وبالسافل.
حقيقة الأمر أن المذيع الشاب لم يقرأ جيدا ما جاء فى باب الجهر بالنية فى مجموعة الفتاوى، ولو كان الأمر على ما ذكر عن ابن تيمية فنحن نصطف خلف المذيع ونوافقه على الخطأ الذى وقع فيه ابن تيمية، لأن الفقهاء قد أجمعوا على معاقبة من يتعمد الجهر بالنية لأنه يشوش على المصلين.
المذيع إسلام بحيرى كان عليه ان يقرأ السؤال السابق للسؤال الذى ذكره، كما كان عليه ان يقرأ اجابة ابن تيمية إلى نهايتها فى المسألة موضع الخلاف، ففى سؤال سابق عن الجهر بالنية، اتفق مع الأئمة على مراجعة هذا الشخص، واتفق معهم كذلك على معاقبته عند تكراره الجهر، واشترط مثلهم مراجعته قبل إيقاع العقاب عليه.
فى المسألة التى ندد بها المذيع الوضع يختلف تماما، إذ إن الشخص هنا لا يشوش على المصلين لجهله، بل لاعتقاده بأن الجهر جزء من الصلاة وركن منها، ولتأكيده بأن لكل إنسان يفعل ما يريد بدينه: «ويقول للمنكرين عليه كل يعمل فى دينه

ما يشتهي»، وهذه الجملة هى التى حكم ابن تيمية عليها بالقتل، وليس التشويش بالجهر، إذا قال بالنص: «وأما قول القائل: كل يعمل فى دينه
الذى يشتهي. فهى كلمة عظيمة يجب أن يستتاب منها وإلا عوقب؛ بل الإصرار على مثل هذه الكلمة يوجب القتل؛ فليس لأحد أن يعمل فى الدين إلا ما شرعه الله ورسوله دون ما يشتهيه ويهواه».
وفى الفقرة السابقة تناول الذى يشوش على المصلين بقوله: «ومن أصر على فعل شيء من البدع وتحسينها فإنه ينبغى أن يعزر تعزيرا يردعه وأمثاله عن مثل ذلك. ومن نسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الباطل خطأ فإنه يعرف فإن لم ينته عوقب ولا يحل لأحد أن يتكلم فى الدين بلا علم ولا يعين من تكلم فى الدين بلا علم أو أدخل فى الدين ما ليس منه».
وابن تيمية هنا قد ميز جيدا من يشوش عن جهل، وبين الذى يعتقد أن الدين مباح لكل إنسان أن يدخل فيه ما يشاء، قد يكون حكم ابن تيمية قاسيا، وقد يكون متشددا ، لكنه فى النهاية لم يكن على من جهر بالنية او على من كان يشوش على المصلين.
استدراك: صحيح نحن مع تجديد الخطاب الدينى، ومع تقديم قراءات جادة للموروث الفقهى، ولنا ان ننتقد ونحذر وننبه، لكن فى إطار الآداب العامة، وليس بسب الآخر ووصفه بالسافل الحثالة الرمة.

 

[email protected]