رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

غدوا وعشيا

فى مقال سابق أشرنا إلى أن الآيات التى قيل إنها تقر عذاب القبر، كانت تتحدث عن المنافقين والكفار والمشركين وليس عن المؤمنين، ولا أقصد بالمؤمن من يتبع الدين الإسلامى فقط، بل كل من آمن بالله الواحد القهار، وذكرنا أن المفسرين نقلوا لنا الاختلاف حول المعنى، البعض قال بعذاب القبر، والبعض الآخر بعذاب الآخرة، وقد اكتفى أغلب المفسرين بنقل آراء السابقين، ويفهم ضمنا من بعضهم عدم ميله للرأى الذى يقر بعدم وجود عذاب فى القبر، مثل القرطبى، وابن كثير،

والسيوطى، أما ابن جرير الطبرى فكما أوضحنا فى المقال السابق، قام بعرض جميع الآراء التى أولت ظاهر نص الآية بالعذاب فى القبر أو فى الآخرة، وكان محددا فى صياغته، حيث يؤكد الاختلاف ويسمى من اختلفوا بأهل التأويل، وبعد عرضه لمختلف الآراء يدلى برأيه، حيث يؤكد صعوبة القطع بأحد الآراء لعدم وجود ما يرجح أحدها لكونها من الغيبيات.
فى سورة غافر الآية رقم 46 من الآيات التى تعد أصلا لدى أهل السنة والجماعة فى إثبات عذاب القبر، وهى سورة مكية، قال تعالى: «النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب».
ابن جرير الطبرى عند تفسيره لها، وقد نقل عنه جاء بعده، ذكر حكاية فى غاية الطرافة، حول كيفية عرض آل فرعون عن النار، وهى أن أرواحهم جعلت فى أجواف طير أسود، تطير بها غدوا وعشيا إلى النار، قال بهذا التفسير بعض التابعين وهم: الهزيل بن شرحبيل (تابعى) والسدى(ت 127هـ) والأوزاعيّ (ت 157هـ)، قال الأخير: رأينا طيورًا تخرج من البحر تأخذ ناحية الغرب بيضًا، فوجًا فوجًا، لا يعلم عددها إلا الله، فإذا كان العشيّ رجع مثلُها سُوْدًا، قال: وفَطَنتم إلى ذلك؟ قالوا: نعم، قال: إن تلك الطيور فى حواصلها أرواح آل فرعون يعرضون على النار غدوّا وعشيًّا، فترجع إلى وكورها وقد احترقت رياشها، وصارت سوداء، فتنبت عليها من الليل رياش بيض، وتتناثر السود، ثم تغدو، ويُعرضون على النار غدوّا وعشيًّا، ثم ترجع إلى وكورها،

فذلك دَأْبُها فى الدنيا فإذا كان يوم القيامة، قال الله: {أدخلوا آل فرعون أشد العذاب } قالوا: وكانوا يقولون: إنهم ستّمائة ألف مقاتل.
الفريق الآخر قال: إنهم يعرضون على منازلهم فى النار تعذيبًا لهم غدوًّا وعشيًّا. وهذا الفريق يضم: مجاهد(ت 104هـ)، وقتادة (ت 118هـ)، ومحمد بن كعب القرظى (ت 108 أو 120ه)، قال قتادة:: يُعرضون عليها صباحًا ومساء، يقال لهم: يا آل فرعون هذه منازلكم، توبيخًا ونقمة وصغارًا لهم، وقال مجاهد: ما كانت الدنيا.
وقد عقب ابن جرير فى نهاية العرض بقوله: وجائز أن يكون ذلك العرض على النار على نحو ما ذكرناه عن الهذيل ومن قال مثل قوله، وإن يكون كما قال قتادة، ولا خبر يوجب الحجة بأن ذلك المعنيّ به، فلا فى ذلك إلا ما دلّ عليه ظاهر القرآن، وهم أنهم يعرضون على النار غدوًّا وعشيًا»
السؤال: هل المطلوب منا أن نأخذ برواية الهذيل والسدى والأوزاعى التى تقول إن أرواح آل فرعون فى جوف طائر أسود؟، سؤال آخر: إذا كان التابعون والمفسرون قد اختلفوا فى تأويل الآيات، بعضهم أقر بعذاب القبر للكفار والمشركين والمنافقين، وبعضهم قدم تفسيرا مخالفا، لماذا نحن مطالبون بأن ننحاز لمن قاموا بتأويل ظاهر الآيات وأقروا بالعذاب؟، ولماذا لم يتهم المفسرون من أولوا الآيات بعيدا عن عذاب القبر بإنكار ما هو ثابت بالضرورة؟.

[email protected]