رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

بلد تسريبات بصحيح

هل مصر بعد آلاف السنين من الحضارة والمؤسسات والعمل بالقانون يأتى عليها اليوم الذي تنحدر فيه وتذيع وتنشر تسجيلات هاتفية لبعض المواطنين؟، هل

تدنت الحكومة وأجهزتها إلى حد إذاعة أسرار المواطنين وكشف عوراتهم؟، هل مصر بعد ثورتين طالب فيهما الشعب بالعدالة والحرية والمساواة وتنفيذ القوانين، يجيء عليها اليوم الذي تنشر فيه أسرار مواطنيها وخصوصياتهم؟، أين ذهبت نخوة الرجال؟، لماذا بارك بعض النخب هذا السلوك المشين؟، لماذا التزم السياسيون والكتاب ومن يرتدون ثوب الثوار الصمت وجبنوا عن إدانة كشف أسرار المواطنين؟، هل مصر مقبلة على فترة من فترات التدني والحقارة؟، هل نحن مقبلون على فترة دعارة إعلامية وسياسية؟، كيف سنواجه أولادنا؟، ما هي مبرراتنا عندما يسألوننا لماذا قبلتم ومارستم هذه السلوكيات المشينة؟، لماذا لم تعلنوا رفضكم لتشويه صورة معارضيكم بهذا الشكل القبيح والداعر؟.
بداية يجب أن نؤكد أننا بشر ولسنا ملائكة ولا أنبياء، وجميعنا له أخطاء وزلات ونزوات، والأنبياء وحدهم المعصومون فقد عصمهم الله عز وجل لكى يكونوا فم الله، وبداية نؤكد أيضا أن هذه القضية قد تفتح علينا نار جهنم الحمراء، ومن غير المستبعد أن أستمع لبعض مكلماتي الغرامية منذ أن كنت فى المدرسة الابتدائية، حيث بدأت مبكرا جدا جدا، وكافحت فيها لسنوات حتى شهور مضت قبل أن أفقد للأسف بحكم الزمن وعوامل التعرية لياقتي وصحتي، لكن يعلم الله أن هذه القضية نفتحها من أجل هذا الوطن فقط، بعيدا عن الشخصنة والحديث عن أسماء بعينها، فقط المبدأ. 
الذى أذكره جيدا ويتذكره أغلب المواطنين المصريين أن جهاز أمن الدولة فى عز جبروته وفرض سلطته وسطوته بعهد الرئيس مبارك وبرئاسة اللواء حبيب العادلى وزير الداخلية، لم يذع أو ينشر مكالمة مما سجلوها، وعندما سئل حبيب العادلى في أحد أعياد الشرطة عن تسجيل المكالمات الهاتفية قال بالحرف: «اللى خايف ما يتكلمش»، وساعتها قامت الدنيا ولم تقعد، واتهمت الداخلية بالتنصت على المواطنين والتسجيل لمكالماتهم الشخصية، ورغم هذا لم نسمع أن وزير الداخلية الفاسد(حسب البعض) الرعديد الذى قامت الثورة لتغييره، لم نسمع أنه قام بفضح المعارضين للنظام أو بنشر خصوصياتهم بهذا الشكل القبيح.
فى ظنى أن نشر هذه المكالمات يعنى أن الأجهزة الأمنية فى مصر انحدرت أخلاقيا إلى حد لا يمكن السكوت عليه، وأن تسريبها هذه التسجيلات يعنى أولا: ضعفها وعدم قدرتها على تنفيذ القوانين،

ثانيا: إن ضعفها وفشلها حولها إلى حيوان مسعور ينهش فى خصوصيات وأسرار وعورات المصريين، ثالثا: إن هذه الأجهزة أصبحت غير مؤتمنة على الوطن ولا على المواطنين، لأنها سوف تستخدم نفس السلاح القذر مع من يعترض أو ينتقد الحاكم والحكومة والأجهزة نفسها، بمعنى أنها سوف تضع السيف فوق رقاب المواطنين: «اللى هيفتح بؤه هنفضحه».
البعض يوافق على هذا السلوك القبيح، ويقول: سيبهم يفضحوهم علشان يتلموا، وهذا للأسف نفس منطق الأجهزة، وللأسف كذلك نفس المستوى المتدني للأخلاق الذي يتبع سياسة الفضيحة وكشف العورة.
ما أريد أن أقوله، إن هذه التسجيلات حتى لو كانت بأمر قضائي فبثها ونشرها فى الصحف والفضائيات أو الإنترنت جريمة يعاقب عليها القانون، والجريمة الحقيقية والتى قد تؤدى لانهيار البلاد أخلاقيا واجتماعيا هو تفكير(مجرد التفكير) الأجهزة التى سجلت هذه المكالمات فى استخدامها كسلاح خارج النيابة وقاعة المحكمة.
أخيرا نطالب السادة الزملاء الذين ينساقون خلف الانفرادات أو بنية كشف الوجه الآخر للمعارضين والإرهابيين، بأن يتوقفوا،  ونطالب الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية بإغلاق مصادر هذه التسريبات وإحالة من سربوا هذه المكالمات للقضاء، مصر يا سيادة الرئيس لم تقم بثورتين لكى تسمح لأجهزتها الأمنية بالتسجيل للمواطنين وإذاعة هذه التسجيلات فى الفضائيات والصحف، كما أن مصر ياسيادة الرئيس لم تشهد هذا الأسلوب المتدني فى عصر من سبقوك مبارك والسادات وعبدالناصر، فليس من المعقول تأتى أنت ويحتشد الناس خلفك، ثم يسمح بكشف خصوصيات وعورات المواطنين، حتى لو كانوا ممن يتبنون العنف، الذى يفضح المتبنى للعنف اليوم يفضح من ينتقده ويعارضه غدا.

[email protected]