رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

القضاء البطيء غير عادل


 

ما فائدة الأحكام العادلة إذا صدرت متأخرة؟، ما الذي يعود على المواطن إذا قضت له المحكمة بعد فوات الأوان؟، ما الذي يستفاد من حكم صدر بعد وفاة صاحبه؟.

يجب بداية أن نتفق أن العدالة ليست فقط فى الأحكام التي يصدرها القضاة، بل العدالة أيضا فى صدور هذه الأحكام فى الأوقات التي نحتاجها فيها، فما الفائدة من صدور حكم بعد وفاة المستفيد منه؟، وماذا ينفع الحكم بعد تشرد الأسر؟.
تعالوا نتناول هذه القضية بشيء من التفصيل، أروى فيها عن واقعة أترك الحكم لكم وللقضاة فيها، منذ فترة وصلتنى رسالة من مدير عام بشركة تأمين فى الإسكندرية، كانت فى بدايتها شركة فرنسية، فى شبابه تقدم للتعيين فى الشركة، ولم تكن الحكومة المصرية تعمل بعد بقانون التأمينات والمعاشات، المسئولون عن الشركة أعدوا نظاما للعاملين بالشركة يشبه صندوق الزمالة، يخصم فيه من المشترك مبلغ شهري، عند تقاعده يصرف له شهرين على ما أذكر عن كل سنة، وتتم العملية الحسابية على آخر مرتب قبل تقاعده، بعد مرور سنوات أصدرت الحكومة قانون التأمينات والمعاشات ونفذته الشركة على الموظفين، القدماء جمعوا بين قانون المعاشات وصندوق الزمالة، ومن تم تعيينهم حديثا اكتفت معهم بقانون المعاشات، صاحب الرسالة تقاعد بعد أكثر من أربعين سنة خدمة، الشركة قدرت مبلغا لم يجده الموظف مناسبا لسنوات خدمته لجأ مثل جميع من تقاعدوا من الشركة إلى القضاء، تخيلوا كم سنة تداولت القضية؟، لن تصدقوا المحكمة فصلت فى القضية بعد مرور 18 سنة من تقاعده، بحسبة بسيطة، الموظف تقاعد وعمره 60 سنة، صدر له الحكم من محكمة الاستئناف بالإسكندرية وعمره 78 سنة، الطريف ان زوجة هذا الموظف كانت تعمل معه فى نفس الشركة، وتقاعدت معه، والمدهش أن المحكمة قضت لها منذ سنة فقط.، السؤال: ماذا فعل الموظف طوال هذه السنوات؟، الإجابة ببساطة أن هذا الموظف عاش حياة البؤس والكرب والغم والفقر، لأن بطء التقاضي حرمه من أن يتمتع بمكافآته، السؤال الثانى: ماذا لو كان هذا الموظف قد توفى بعد سنة أو خمس سنوات من تقاعده؟، ما الذى كان يترتب على وفاته؟، الإجابة ببساطة: كانت المحكمة قضت بشطب الدعوى لوفاة المدعى، وهو يعنى كذلك أن أموال الموظف التي كانت الشركة تستقطعها طوال سنوات خدمته سوف تستفيد منها الشركة، فهل هذا هو العدل؟، هل هذا هو القضاء الذي نريده؟، وما فائدة الحكم الذي صدر من المحكمة بعد 18 سنة لهذا الموظف؟، ما الذي تبقى من عمره لكى يستفيد بالأموال التي قضت بها المحكمة؟.
نترك هذا المثال الواضح على الحق الذي يضيع ببطء التقاضي في المحاكم العادية، بمثال فى المحكمة الدستورية، بالطبع نعلم جميعا أن المواطنين يلجأون إلي

المحكمة الدستورية عندما يشككون في عدم دستورية إحدي المواد أو قانون بعينه، السؤال هنا: ما هو السر في بطء التقاضي فى المحاكم الدستورية؟، ولماذا تتأخر القضايا إلى عشر سنوات وأكثر، إذا كان القضاة فى المحاكم العادية يشكون من الزحام وكثرة القضايا، فما هى مبررات تأخر القضايا فى المحكمة الدستورية؟.
السؤال الثاني الخاص بهذه المحاكم: ماذا لو أقام احدهم دعوى لعدم دستورية مادة فى قانون أو عدم دستورية قانون وتأخرت هيئة المحكمة كالعادة وتم تغيير الدستور؟، ما هو مصير الدعوى؟، السؤال بصياغة أخرى: ما هو مصير القضايا المتداولة فى المحكمة الدستورية منذ أيام الرئيس مبارك؟، ما هو الحكم فيها بعد تغيير الدستور مرتين؟، هل ستنظر هيئة المحكمة القضية من خلال الدستور الدائم أم دستور جماعة الإخوان أم دستور لجنة عمرو موسى؟.
لكى لا نطيل عليكم يبقى أن نقول للحكومة لا عدالة فى أحكام متأخرة، أو كما يقولون العدل البطء ظلم بين، واذا ظلت آلية القضاء على هذا البطء فنحن لا نريده، إغلاق المحاكم أفضل وأوفر لنا جميعا، ونعود للمجالس العرفية، لذا نطالب بأن يتم تغيير القوانين بما يحدد فترة التقاضي، ونقترح ألا تزيد علي ستة أشهر أو سنة على الأكثر فى القضايا الكبيرة، وأن ننقى القوانين من الثغرات التي تسمح بالتعطيل والتأجيل، كما نقترح زيادة عدد القضاة بما يتناسب وتعداد السكان وعدد القضايا، ونطالب كذلك بتحديث الأدوات المساعدة للقضاة بإدخال التكنولوجيا فى التحقيقات والاطلاع على القوانين، ونقترح نشر القضايا على موقع للمحكمة يمكن للمحامين والخصوم فقط الدخول بمبلغ رمزي والقراءة والطبع وإيداع مستندات جديدة، كل ما نريده أن تكون الأحكام ناجزة، تصدر في الأوقات التي نحتاجها فيها وليس بعد وفاتنا، العدالة كما سبق وقلنا ليست في الأحكام فقط بل أيضا فى توقيت صدورها.

[email protected]