رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مادة صلاح عيسى مكرر

لماذا نصر على رفض وضع مادة تحبس الصحفيين والإعلاميين والكتاب والفنانين في الدستور القادم؟، هل لأن الصحفيين والإعلاميين على رأسهم ريشة؟، هل لأننا نسعى إلى صحافة وإعلام بلا أخلاق؟.

الموضوع ببساطة لأن حرية المجتمعات تبدأ من مساحة الحرية المتاحة لوسائل الإعلام، وبدون صحافة حرة يسهل للحاكم أن يقهر شعبه، فتقييد حرية الصحافة والإعلام أو حرية التعبير بشكل عام هى البداية لمولد حاكم فاشى وديكتاتور، وبداية لتشكيل بطانة من الفاسدين والمرتشين وأنصاف المثقفين الذين يقتسمون ثروات ومراكز البلاد فيما بينهم، تقييد حرية الإعلام يعنى ببساطة إقامة الدولة البوليسية أو العسكرية، ونحن بالطبع لم نقم بثورتين(25 يناير و30 يونية) لكى يعيدنا صلاح عيسى وضياء رشوان وتوابعهما إلى النظم الفاشية الديكتاتورية الفاسدة التي خرجنا ضدها.
حرية التعبير التي نتحدث عنها والتي قيدت في المادة 52 من المواد التي اصطنعها المجلس الأعلى للصحافة ونقابة الصحفيين، لا تقف عند الصحفيين فقط، بل تشمل الفنانين والمذيعين والمعدين والكتاب والسياسيين، بمعنى مبسط: تقييد حرية التعبير فى المقالات، والموضوعات الصحفية، والبرامج التليفزيونية، وفى الندوات، والاجتماعات العامة، وفى المسلسلات، والأفلام، ورسوم الكاريكاتير، والأغاني، والمسرحيات، واللوحات الفنية.
المادة 52، المعروفة بمادة صلاح عيسى، جاءت في الصياغة التالية :».. لا توقع عقوبة سالبة للحريات في الجرائم التي ترتكب بطريقة النشر أو العلانية، غير المتعلقة بالحض على العنف أو التمييز بين المواطنين أو الطعن على الأعراض».
حملة العقوبة «السالبة للحريات» بشكل عام تشمل السجن والحبس، والفرق بين العقوبتين يعود لنوع الجريمة، حيث تم تصنيف الجرائم(حسب قانون العقوبات) إلى ثلاثة أنواع، 1ــ جنايات: وتبدأ فيها العقوبة بالسجن 3 سنوات وحتى المؤبد والإعدام، 2ــ جنح: والعقوبات فيها الحبس ( بسيط أو مع الشغل )، الغرامة ( التى تزيد علي مائة جنيه) احدهما أو كلاهما معا، 3ــ المخالفات: وتقتصر فيها العقوبة على الغرامة(راجع مواد 9 : 12 بقانون العقوبات).
الجرائم التي أدرجها صلاح عيسى فى مادته المشئومة(رقم 52) تصنف بالجنايات، والعقوبة بها تبدأ من 3 سنوات وحتى الإعدام:( الإعدام ، السجن المؤبد، السجن المشدد، السجن).
قبل هذه المادة المشئومة كانت جرائم النشر، الموجودة بالقوانين وليس الدستور، فى معظمها تصنف بين الجنح والغرامة، وكانت العقوبات تتراوح بين الحبس من شهور وحتى سنتين أو غرامة مالية أو الغرامة والحبس معا، وهو ما يعنى أن الكاتب اليساري الكبير صلاح عيسى ومجلسه الأعلى للصحافة بالاشتراك مع نقابة الصحفيين بقيادة النقيب ضياء رشوان قد جنوا على حرية التعبير، كيف؟، أولا: مدوا مظلة القيود بحيث شملت كل من يقول رأيه بالكتابة أو التمثيل أو الرسم أو الغناء أو البرامج أو الخطابة أو المحاضرات، ثانيا: غلظوا العقوبة من الجنح إلى الجنايات، وهو ما يترتب عليه من أحكام قد تضيع عمر وحياة الصحفي أو الفنان أو الكاتب

أو السياسي أو الإعلامي.
ببساطة الكتابة عن مظاهرة أو مشاجرة أو الحديث عنها فى ندوة او عرضها فى فيلم او مسلسل أو برنامج تليفزيونى، قد تتحول إلى جريمة تحريض أو تأييد على العنف، ويحال الكاتب أو الصحفي أو المذيع أو المخرج أو السياسي أو المصور أو الرسام إلى محكمة الجنايات محبوسا، ولهيئة المحكمة تقدير العقوبة من 3 سنوات وحتى المؤبد.
مبررات الكاتب اليساري الكبير صلاح عيسى وتوابعه فى المجلس الأعلى للصحافة وفى نقابة الصحفيين تتلخص فى القول: إن وضع ثلاث جرائم في الدستور سوف يرفع عن الصحفيين والإعلاميين عقوبات الحبس في 36 مادة بقانون العقوبات والنشر.
وبالطبع هذا المبرر مردود عليه بأن العقوبات الموجودة بالقوانين فى مجملها تصنف تحت خانة الجنح، وعقوبتها تتراوح بين الغرامة والحبس حتى عامين، والجرائم التي أدرجتموها فى الدستور تصنف فى خانة الجنايات، وعقوبتها بين السجن المتوسط والمتشدد والإعدام، فأيهما أرحم وأفضل للحريات وللصحفيين والإعلاميين والفنانين.
ثانيا: القول بأن الثلاث جنايات التي وضعتموها فى الدستور سوف تلغى العقوبات الموجودة فى القوانين هو كلام أقرب للخيال، لأننا حسب رؤيتكم هذه نستطيع أن نكتب ونسب الوزير ورئيس الجمهورية ورجال الأعمال، ونقول لهم: يا كلب، يا حيوان، يا كاو دون أن نعاقب بالحبس، كما نستطيع أن نفشى أسرارا عسكرية هامة، أو ننشر أسرارا تضر بالأمن القومي، أوننشر وثائق فى فترة الحظر القانوني، أو أسرار المخابرات العامة أو العسكرية، أو ننشر صوراً قليلة الأدب، أو نشجع على الدعارة أو الإلحاد أو المثلية، وممكن أن نحرض على قلب نظام الحكم، قد نفعل أكثر من هذا دون عقاب، المواطن البسيط يحال للجنايات ونحن بنص الدستور لا نعاقب سوى بغرامة مالية، وهنا نخل بمبدأ التمييز بين المواطنين الذي حرصتم عليه فى المادة، حيث سيميز الدستور بين المواطنين فى العقوبات.. ربنا يستر على البلد.

[email protected]