رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من متقاعد إلى الفريق السيسى

منذ عدة أيام وصلتني رسالة من أحد، طلب عدم ذكر اسمه، كما أنه لم يذكر عنوانه ولا حتى رقم محموله، وأظن انه لا يمتلك محمولاً وليس لديه تليفون فى منزله، هو من المتقاعدين حديثا، فقد بلغ سن المعاش منذ شهور بسيطة، كان يعمل محاسبا، كلما قرأت الرسالة أنخرط فى بكاء شديد وأشاهد نفسى فيه، فقد أصبح مثله عندما أتقاعد، بعض ظروفه تتشابه مع ظروفي وظروف الملايين من المصريين، صاحب الرسالة صور لنا حياته اليومية قبل التقاعد وبعد التقاعد، وضح المستوى الاجتماعي الذى كان يعيش فيه هو وأسرته، والمستوى الذى أصبح يعيش فيه هو وأسرته بعد التقاعد، فى نهاية الرسالة طلب منى أن أنقل صوته وشكواه هذه للفريق عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع:

« أستاذ علاء عريبى.. تحية طيبة وبعد، تابعت ما كتبته عن حد أدنى للمعاش، بالمصادفة وجدت مقالك فى نص صفحة لجريدة «الوفد» لف لى فيها بائع الخضار خضراوات، شد انتباهى مقالك، نفضت الورقة وقرأت المقال، تعرف يا أستاذ علاء المبلغ الذى اقترحته 2500 جنيه كحد أدنى للمعاش والله لا يكفى لكى يعيش الأسرة حياة كريمة أو كما تقول آدمية، ودون أن أطيل عليك سأروى لك تجربتى قبل وبعد التقاعد لكى تستخلص أنت مبررات ما قلته سابقا، أنا يا سيدى تقاعدت منذ شهور بسيطة، وآخر راتب تقاعدت عليه كان خمسة آلاف و400 جنيه، ولدى من الأولاد ثلاثة جميعهم شباب في الجامعات، صدقني إذا قلت لك إن راتبى لم يكن يكفى مصروفاتنا الشهرية، حيث إننا بعد أن تصدعت العمارة التي كنا نسكن بها انتقلنا إلى شقة إيجار جديد، قيمة الإيجار الشهري ألف و500 جنيه، أضف لها قيمة فاتورة الكهرباء والغاز والمياه والتليفون، كان يتبقى لنا حوالى 2500 جنيه، وكنا مطالبين بأن نعيش بها، نأكل ونركب المواصلات وندفع الدروس والمذكرات، ونشترى كسوتى الصيف والشتاء، كيف؟، بالجمعيات وغيرها، وطبعا تعرف غيرها جيدا وهو الاستغناء عن بعض الاحتياجات الأساسية، اللحوم نشترى اثنين كيلو نقسمه على أربع مرات ونشترى فرختين، أغلب البيوت تفعل هذا وكنا نشترى العيش المدعم الذى لا يصلح للحيوان، الحمد لله كانت ماشية، هنعمل إيه؟، الناس كلها كده.
المهم بعد أن تقاعدت فوجئت أن معاشي 800 جنيه لاغير، قل بالله عليك ماذا أفعل بها؟، وكيف ألبى بها احتياجات الأسرة؟، وكيف أسدد قيمة إيجار الشقة، تعرف ماذا فعلنا؟، أحكى لك: بحثنا عن شقة غرفتين وصالة فى العديد من الأحياء بمبلغ مائة جنيه فى الشهر، وللأسف لم نجد، ذهبنا إلى إحدى المناطق العشوائية

ونجحنا بحمد الله فى العثور على شقة غرفة وصالة بمائة وعشر جنيهات، ومنعنا تماما اللحمة والفراخ التي كنا نشتريها، ومنعنا دخول السمن، وتجنبنا الخضراوات المكلفة، وبعد أن كنت أرتدى بدلة أصبحت أخرج بقميص وبنطلون، وأولادي اكتفوا بالجينز يختبئون فيه، عندما يمرض أحدنا نذهب إلى الصيدلية يصف لنا الصيدلي العلاج ونكتفي بشراء شريط فقط، وقد بحثت عن عمل رغم كبر سنى، والحمد لله كما يقولون ألقط رزقى.
تعرف يا أستاذ علاء ، كان نفسي بعد السنين اللى قضيتها فى خدمة بلدى أن أرتاح فى شيخوختي ولا أحتاج ولا أمد يدي لأحد، صدقني إذا قلت لك أنني أشعر بالانكسار والهزيمة والذل لأنني لم اأد قادرا على توفير الطعام لأولادي، بعد 31 سنة خدمة لمصر يا أستاذ علاء ننام بدون عشاء أو نأكل العيش الحاف، نشترى الأجنحة من السوق.
هحكيلك على منظر لم أنسه فى حياتى، فى أحد الأيام نزلت السوق لأشترى نص كيلو أجنحة للأولاد، وعندما كان الفرارجي يلف لى الأجنحة لكى يعطيها لى، انشقت الأرض ودخل أحد الزملاء في العمل المحل لكى يشترى فرختين، وهو يسلم على ويسأل عن أحوالي، قال لى الفرارجي: خد الأجنحة بتاعتك يا حاج، اندهش زميلي وأنا ارتعشت من الخزي والذل، وأخذت الكيس وحييته ورحلت دون أن أكمل حديثى معه، والله يا أستاذ علاء بكيت وأنا أسير ولم أحك لأولادي الموقف.
أستاذ علاء، بلغ الفريق السيسى والحكومة والناس أجمع، نحن المتقاعدين نشعر بالمهانة والذل، نرجوكم، نرجوكم أن تعيدوا لنا كرامتنا وآدميتنا، نحن كنا نخدم مصر، وشبابنا ضاع فى خدمتها، لماذا تهينوننا وتكسرون أولادنا، أستاذ علاء أرجوك ألا تنشر اسمي، ربنا يتولانا برحمته ويخرجنا منها على خير.

[email protected]