مباني البنك العقاري
تلقيت منذ أسبوعين مجموعة من المستندات الخاصة بإنشاء أفرع للبنك العقاري المصري العربي في مدن الإسماعيلية وبورسعيد والغردقة، وهذه المستندات تشمل جميع ما يخص مناقصة هذه المباني، ابتداء من الإعلان عن رغبة البنك في البناء وحتي تسليم المبني من الشركة المنفذة، ولا أخفي لا أفهم جيدا في هذه القضايا، لكنني عكفت بكل جدية علي قراءة هذه المستندات التي بلغت حوالي 400 ورقة، وكررت عملية القراءة والفحص عدة مرات، وقمت بتفريغ أهم البيانات، وقد لفت انتباهي عدة نقاط تثير الدهشة وتزرع في العقل الشك والريبة، الأولي: إرساء المناقصات الثلاث علي الشركة التي تقدمت بأغلي سعر، علي العكس تماما مما نعرفه في هذه العمليات حيث تطرح المواصفات في كراسة الشروط، ويتم اختيار أقل العروض وليس أكبرها، الأمر الثاني : فوز شركة بعينها بالمناقصات الثلاث، والغريب في الأمر أن من بين الشركات التي تقدمت لبناء هذه المنشآت وخسرت شركة المقاولون العرب أو أكبر شركة مقاولات في مصر، الأمر الثالث: ان الشركة سلمت المبني بعد موعده بشهور وربما بسنوات، الأمر الرابع: زيادة السعر المتفق عليه في المناقصة لصالح الشركة.
ولكي لا ندخل في ألغاز أعرض الوقائع من خلال المستندات، في عام 1999 قرر البنك العقاري المصري العربي بناء فرع للبنك في مدينة بورسعيد، تم طرح الأمر وتقدم للمناقصة خمس شركات هي: "شركة المقاولون العرب، وشركة الجيزة العامة للمقاولات، والشركة المصرية للتجارة والمقاولات الفنية، وشركة مباني مصر، وشركة الشرق الوسط للتنمية المحدودة، حسب المستندات التي بين أيدينا تقدمت شركة المقاولون العرب بمبلغ 800 ألف جنيه، تم فتح الكراسات ووقع الاختيار علي شركة مباني مصر التي تقدمت بأغلي سعر وهو مليون و800 ألف جنيه، علي أن يتم تسليم المبني بعد أربعة أشهر في 9 نوفمبر 2000، لكن حسب الأوراق تم تسليم المبني في 27مارس 2002، وصرفت الشركة 2 مليون و755 ألف جنيه بزيادة كبيرة علي السعر الذي تقدمت به، نفس الشركات تقدمت لبناء فرع للبنك في مدينة الإسماعيلية، المقاولون العرب تقدمت بسعر مليون و200 ألف جنيه، وتم إرساء العطاء كالعادة علي شركة مصر للمباني التي تقدمت بسعر مليون و800 ألف جنيه، علي أن يتم تسليم المبني بعد خمسة اشهر في مايو2001، وكالعادة
بالطبع هذه الوقائع تذرع الشك، فكيف تفوز شركة واحدة بجميع العمليات؟، ولماذا يتم اختيار الشركة التي تتقدم بأعلي الأسعار؟، ولماذا تتأخر في كل مرة ولا يفرض عليها غرامة تأخير؟، ولماذا تصرف في كل مرة مبالغ أكثر مما اتفق عليه؟، هذه الأسئلة لم تغب عن بعض الشركات فتقدمت بطعن وببلاغات للنيابة، وقدم البنك تقارير أدخلت النيابة في تفاصيل، اضطرت معها إلي حفظ التحقيقات، وعملية الحفظ هذه لم تخمد الشكوك ولم تجب عن الأسئلة، لهذا نحيل هذه الوقائع للنائب العام لإعادة التحقيق فيها مرة أخري، كما أطالبه بتشكيل لجنة من أساتذة الهندسة لدراسة ملفات هذه العمليات وتوضيح مدي شفافيتها.