رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

متحف لوثائق الحقانية

فى عام 2004 جمعتنى المصادفة مع المستشار عبدالسلام تمراز ، كان يشغل منصبا هاما في الحقانية «لا أذكره»، عرفنى عليه أحد الأصدقاء المشتركين في جلسة جمعتنا بكافيه «أفندينا» في ستانلى بالإسكندرية، وكانت الجلسة تضم بعض القضاة ورؤساء المحاكم، وخلال الجلسة حدثني المستشار تمراز عن أرشيف الحقانية،

لوحات وكتب ووثائق قضايا تعود إلى عام 1700 ربما اكثر، وحكى لى عن حلمه فى اقامة معرض بمبنى الحقانية لعرض هذه الوثائق واللواحات، لأهمية هذه الوثائق اتفقنا على أن يستضيفني في مكتبه بمبنى الحقانية بالمنشية في الصباح التالى والاطلاع هذا الكنز، فى الموعد كنت في مكتبه، احتسيت فنجان القهوة وأنا أستمع لتصوره عن المتحف، بعد فترة اصطحبني إلى الغرفة التي تضم الوثائق واللوحات الأثرية، استسمحته أن يتركني أطلع لفترة ثم نلتقى في مكتبه، كانت القضايا مرتبة حسب السنة والشهر في حافظة ورقية ربطت بدوبارة فوق أرفف من الخشب وحديد، حوائط الحجرة التي تضم الملفات أكلتها الرطوبة، أرضيتها خشبية تآكل بعضها منذ سنوات، الأرفف تضم سجلات قضايا تعود إلى أكثر من مائتى سنة، بعضها يعود للمحاكم المختلطة تمت كتابتها باللغة الفرنسية، السجلات بعضها مجلد بمشمع أخضر وأخرى بمشمع أزرق، كتب على كعبها وصدرها المحكمة المختصة وسنوات القضايا، قضيت ربما ساعة أو أكثر بين أوراق القضايا، أغلب ما قرأت كانت مشاكل تجارية وقضايا ميراث، وبالمصادفة وقعت في يدي قضية تعود لأوائل فترة الثلاثينيات، لسيدة تتنازع مع أقاربها على محل تجارى كان لزوجها، والمفاجأة السعيدة أن المحامى الذي كان يترافع لصالح السيدة هو أحد أفراد عائلتي، الأستاذ زكى عريبى المحامى اليهودي الشهير، وكان الأستاذ زكى من الفرع اليهودي بالعائلة، مكتبه كان في شارع خيرت، وكان عضوا فى البرلمان المصري قبل قيام الثورة، واختاره جمال عبدالناصر ضمن اللجنة التي وضعت مشروع أول دستور للبلاد في عهد الثورة، ولم يكتمل هذا المشروع ولم يظهر للنور لأسباب تعود لقيادات الثورة وللرئيس جمال عبدالناصر، وقمت يومها بتصوير أوراق القضية ومازالت أحتفظ بصورتها لليوم، وكنت أتمنى أن اجمع من هذه الملفات جميع القضايا التي تخص الأستاذ زكى عريبى، لكن ضيق الوقت لم يسعفني، خاصة أن هذه الفكرة تحتاج إلى ساعات وأيام أطلع فيها على جميع ملفات القضايا.
عندما عدت إلى القاهرة اتصلت بالفنان فاروق حسنى وزير الثقافة آنذاك وبالدكتور صابر عرب وزير الثقافة الحالى وكان هو المسئول عن دار الوثائق، وتحدثنا عن كيفية اقامة متحف بعد فهرسة وتكشيف وترميم الوثائق، وكان فكرهم فى اتجاه نقل أرشيف الحقانية إلى دار الوثائق

بالقاهرة، وكتبت هنا عن هذه الوثائق، وأهميتها لكتابة تاريخ مصر.
المستشار تمراز تمسك بحلمه، وكانت له وجهة نظر لها احترامها، ان هذه الوثائق حررت فى الإسكندرية وتتناول جزءاً مهماً من تاريخها التجارى والجنائى والاجتماعى والثقافى، فلماذا لا يقام المتحف فى الإسكندرية ليكون شاهدا على تاريخها؟.
فى عام 2010 شب حريق بمبنى الحقانية وقيل ان النيران أتت على ملفات القضايا، اتصلت بالمستشار تمراز، وطمأنني على الوثائق وأكد أن النيران بعيدة عنها، واتفقنا ان نستكمل حديثنا فى مكة المكرمة، حيث كنت على وشك السفر لأداء فريضة الحج، وهو أيضا سيترأس فوج حجاج وزارة العدل، وللأسف انشغل كل منا بمناسكه.
بعد عودتي من الحج انشغلت في العمل وفجأة قامت ثورة يناير وخرجنا جميعا للشوارع نهتف: الشعب يريد إسقاط النظام، وتنحى الرئيس، وغاب الأمن وانتشرت الفوضى وتغيرت الوزارات، فكتبت أيامه أنبه وأتساءل: فهل مازالت هذه الوثائق فى مبنى الحقانية؟.
الأسبوع الماضى تلقيت مكالمة من المستشار تمراز وحكى أن المستشار أحمد مكى وزير العدل وافق على إقامة المتحف لعرض وثائق الحقانية، وبالفعل تم تخصيص طابق فى مبنى نادى القضاة بمصطفى كامل، لكن للأسف لم يتم صرف المبلغ المالى المطلوب لتجهيز المبنى ولتحويله إلى متحف وارشيف، وهو يقدر بـ 2 مليون جنيه ربما أكثر، وأكد لى المستشار تمراز بأنه ينتظر المبلغ لكى ينفذ حلم معرض وثائق الحقانية على أرض الواقع، فهل اخيرا سيتحقق الحلم ونطمئن على وثائق الحقانية؟، هل سيصرف المبلغ المطلوب قبل أن تمتد أيادى العابثين بجزء هام من تاريخ مصر؟، أأمل أن يسرع الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء والمستشار أحمد مكى وزير العدل فى صرف المبلغ بأقصى سرحة لكى ننقذ ثروة الحقانية.

[email protected]