رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

البر مفتيا وشيخا للأزهر

الدكتور عبدالرحمن البر عميد كلية أصول الدين والدعوة بالمنصورة صرح لجريدة المصرى اليوم أمس بأنه سوف يتقدم لمنصب رئيس جامعة الأزهر عندما يتم فتح باب الترشح للمنصب، جاءت تصريحاته فى إطار واقعة التسمم الثانية للطلبة، تصريح البر هذا يعنى أن جماعة الإخوان المسلمين تسعى بالفعل لترضية «البر» بتسكينه فى هذا المنصب.

الطريف أن الدكتور البر سبق ورشح إعلاميا لمنصب مفتى الديار الإسلامية، ومنصب مشيخة الأزهر عندما شنت الجماعة من خلال فلولها حملة على الأزهر وشيخها الدكتور احمد الطيب، وهو ما يعنى ان الدكتور البر قام بتجهيز الملابس الخاصة للمناصب الثلاثة ويمسك بالمحمول فى ذهابه وإيابه منتظرا الإشارة.
عندما بلغ الدكتور على جمعة سن التقاعد فتحت بورصة الترشيحات، وضغطت جماعة الإخوان لتعيين الدكتور البر الذى يلقب إعلاميا بمفتى الجماعة، لكن مشايخ الازهر انتبهوا لقضية فى غاية الأهمية والخطورة، وهى أخونة الأزهر الشريف، أو بمعنى آخر أدلجة الأزهر، فالمناصب الرمزية فى المؤسسات الدينية يجب ألا يتولاها من يتبنى أيديولوجية سياسية بعينها، و«البر» للأسف مؤدلج إخوانيا، والفكر الإخوان مثله مثل الاشتراكية والشيوعية والوجودية والليبرالية، صحيح هو مغلف بالخطاب الإسلامى لكنه فى النهاية لا يخرج عن كونه رؤية سياسية لها برنامجها مثل سائر الأيديولوجيات والأحزاب، وتولى «البر» أو غيره ممن يتبنون أيديولوجية خاصة لمنصب شيخ الأزهر أو الإفتاء قد يضر كثيرًا بحيادية هذه المؤسسات وهو ما نرفضه جميعا، حيث نحرص جميعا على استقلالية المؤسسات الدينية وعدم تبعيتها لأيديولوجية بعينها.
الدكتور البر بالطبع لن يعجبه هذا الكلام وسيرى فيه افتئاتا عليه وظلما له، لكن قبل ان يتسرع فى حكمه عليه وعلى الذين يرشحونه لهذه المناصب ان يألوا أنفسهم للحظة: هل «البر» مؤهل علميا ونفسيا لتولى هذه المناصب؟، هل «البر» يمتلك الثقافة والأدوات التى تؤهله للتصدى للفتوى؟، هل كل من يحمل درجة الدكتوراه أصبح يمتلك ناصية العلم والثقافة والشريعة؟، ما هى المؤشرات التى تزكى «البر» لكى يشغل منصب شيخ الأزهر ومفتى الديار الإسلامية؟، وهل خطابه الدينى الإخوانى، او أيديولوجيته الإخوانية تؤهله للإفتاء؟.
أعتقد اننا جميعا تابعنا رأى الدكتور البر(وليس فتوى) فى تهنئة المسيحيين بأعيادهم، وتحريمه(وهذا رأيه السياسى الأيديولوجى ) تهنئتهم بالأعياد التى تختلف عقائديا بالشريعة الإسلامية، وتابعنا أيضا سيرة الرجل، فلم نتعرف عليه قبل الثورة جيدا ولم نسمع له رأيا فقهيا نتوقف امامه، كما لم نعرف له كتابا نتحفظ به ونعده مرجعا هاما، ولكى لا نظلم الدكتور البر، نرى أنه قد يكون استاذا يدرس للطلبة ما بحث فيه فى الماجستير والدكتوراه وبحوث الترقية لدرجتى أستاذ وأستاذ مساعد، مثله مثل غيره من المئات من أساتذة الجامعة

الذين يلمون بقدر مما بحثوا فيه ولا يلمون بكل التخصص، وحتى لو كان «البر» يمتلك ناصية التخصص فهذا يمكنه من تدريسها للطلبة فقط، ولا تؤهله إلى التصدى للإفتاء، صحيح هناك العديد من الأساتذة فى ثقافته او أقل أو أكثر ويتصدون للفتوى بالفضائيات، لكننا فى النهاية لا نعتد بفتواهم ، ونأخذها تحت خانة الرأى، لأن الإفتاء لا يتلون بأيديولوجية أو برأى، كما ان الإفتاء ليس اجترارا لآراء موروثة من بعض الاجتهادات المرتبطة بزمنها وبثقافتها وبيئتها السياسية والاجتماعية.
بنظرة سريعة على مؤلفات الدكتور البر تكتشف بسرعة أنها لا تخرج على كونها تحقيقا لكتب تراث او انتخابا لبعض الأحاديث من كتب الصحاح، والعناوين معظمها تجارية، بعضها قتل تحقيقا ونشرا منذ سنوات بعيدة، على سبيل المثال لا الحصر: صيد الخاطر لابن الجوزى، مختصر التذكرة فى أحوال الموتى وأمور الآخرة للقرطبى، شرح مختارات من كتاب الاجتهاد من صحيح البخارى، الأضحية فضلها وأحكامها وآدابها، شرح مختارات من كتاب تحريم الدم بسنن النسائى، التحفة الزكية فى فضائل المدينة النبوية، بذل المجهود فى شرح أحاديث الحدود، وغيرها من عناوين شعبية ومدرسية وتجارية.
المدهش فى الأمر أن الدكتور البر يرى فى ذاته انه عالم وفقيه وخطيب وأنه المؤهل لشغل مناصب مشيخة الأزهر او دار الإفتاء او رئاسة جامعة الأزهر، وهذه الثقة بالنفس الذائدة ظهرت ملامحها بقوة بعد تمكن الإخوان وتسلطهم فى الحكم، حيث يقدمونه فى ثوب مفتى الجماعة مع أن جميع القوانين التى تصدر عن الجماعة ولها علاقة بالشريعة تحتاج إلى فقيه يقوم بتعديلها بما يتوافق والشريعة.
أظن ان الدكتور البر وعشيرته عليهم ان يعيدوا النظر مرة بعد أخرى قبل ان يدفعوا بالرجل على منصب يحتاج إلى علم واستقلالية قد لا يتوفران لديه.

[email protected]