رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ما بين مرسى وبين الحاكم بأمر الله

الأيام السابقة أكدت بشكل واضح أن الرئيس محمد مرسى يجب أن يرحل، ليس هو فقط بل جميع أعضاء جماعة الإخوان ومن يسيرون فى ركابهم من التيارات الإسلامية الأخرى، والرحيل الذي أعنيه هو الابتعاد عن العمل السياسي،

أو تولى مسئولية فى الدولة، لماذا؟، لأن مرسى وجماعته وتوابعهما نجحوا فيما فشل فيه كل الغزاة الذين دخلوا مصر واحتلوها منذ أيام الفراعنة حتى الاحتلال الإنجليزي، نجحوا فى زرع الكراهية والانقسام والعنف بين أبناء الوطن الواحد، وكل هذا باسم الدين وباسم الله وكتابه وسنته.
الذى يعود إلى تاريخ مصر سيكتشف وجود بعض صغار النفوس الذين سعوا من أجل مصالحهم الشخصية إلى الوقوف خلف الحاكم  ضد أبناء وطنهم من أجل تحقيق مصالح شخصية ضيقة، لكنهم فى النهاية لم يزرعوا هذا الانقسام الحاد ولا هذه الكراهية الشديدة ولا هذا العنف الذى يعيشه الشعب المصرى هذه الأيام، اللهم سوى مرات قليلة نذكر منها فترتين نظن وجود بعض التشابه بينهما وبين فترة الرئيس مرسى وجماعة الإخوان
الفترة الأولى تعود إلى العصر الفاطمي، وتحديدا فترة الحاكم بأمر الله (996 ــ 1021) الخليفة الفاطمي السادس، حيث كان  الحاكم بأمر الله يتبنى خطابا ومذهبا دينيا انتهى به إلى تدشين العقيدة الدرزية، الفترة الثانية هى فترة بهاء الدين قراقوش(توفى 597هـ) خادم صلاح الدين الأيوبى، فى مقال اليوم نتناول التشابه بين فترة الرئيس مرسى وجماعة الإخوان مع فترة الحاكم بأمر الله الفاطمى.
الحاكم بأمر الله تولى الحكم صغيراً وكان يصرف أمور البلاد أبوالفتوح برجوان كبير خدمه، وبرجوان هذا قام ببرجنة الدولة، حيث زرع رجاله فى جميع مؤسسات الدولة، الجيش والقصر والحرس الخاص والشرطة، عندما كبر الحاكم بأمر الله وأدرك ما يدور حوله قتل برجوان، ثم قام بالتخلص من جميع رجاله الذين يسيطرون على مقاليد الأمور فى القصر وفى الجيش، وبدأ يزرع رجاله مكان رجال برجوان، كما بدأ خطة للنهوض بالبلاد ومحاربة الفساد الذى كان استشرى فى فترة برجوان وبطانته، فى الأسعار، والنظافة، الموازين، حتى أخلاق المواطنين، الحاكم بأمر الله حاول أن يقومهم ويعيدهم إلى تعاليم الشريعة كما يفهمها هو، وقد كان الحاكم بأمر الله يتبع المذهب الشيعى الإسماعيلى، لكنه كان صاحب فكر وعلم أو كما نقول هذه الأيام كان له خطابه الديني الخاص.
ذكر المؤرخون أنه فترة حكمه شهدت أزمة فى الخبز وأخرى فى النظافة، فقام بمداهمة المخابز ومنع عجن الخبز بالرجل، حيث كان الخبازون يقلبون العجين بأرجلهم، كما أمر ببيع الخبز مبلولا، وكانت مصر أيامها تعانى من انتشار الفساد، ففتح باب مظالم فى قصره وكان يستمع بنفسه للمظالم، كما كان يقرأ المكتوب منها ويجلس على هذه المشاكل بنفسه، وبسبب

انتشار القمامة فى الحواري والأزقة أصدر فرمانا بكنسها، وكان ينزل إلى الحواري والشوارع والأزقة يتفقد النظافة بنفسه، كما راقب الأسواق والتجار الذين يتلاعبون بالأسعار ويغشون فى الميزان، وأمر بإصلاح الموازين والمكاييل ونهى عن البخس فيها، وبالنسبة للحوم والثروة الحيوانية منع الحاكم بأمر الله ذبح البقر التى لا عقب لها سوى فى أيام الأضاحي، واشترط لذبحها أن تكون غير صالحة للحرث، كما منع السمك المقشر، وبالنسبة للمرأة فقد شهدت في عصره تهميشا وظلما كبيرا، حيث منعها من التبرج فى الشوارع أو كشف وجهها في الأسواق، كما منعها من السير خلف الجنائز.
وقد شهد عصر الحاكم بأمر الله معارضة كبيرة من المصريين، وكانت تتمثل فى النكات والأشعار والحكايات الساخرة، مثله مثل قراقوش الخصى خادم صلاح الدين الأيوبى، وقيل لإن قراراته الغريبة والعنيفة هى التى وسعت من رقعة المعارضة، حيث امتدت إلى رجاله ومماليكه فى الجيش وفى القصر، ومما زاد حنق الشعب وغضبه عليه أنه كان يحاول نشر أفكار غريبة وشاذة فى الشريعة، فنسب إليه إصداره أوامر للمساجد أن يؤذن لصلاة الظهر في الساعة السابعة ولصلاة العصر في الساعة التاسعة‏، وقيل إنه حاول تغيير نظام الوراثة المعمول به فى المذهب الشيعي الإسماعيلي ، حيث كانت محصورة في نسل الإمام علي بن أبي طالب، من الأب إلى الابن، الحاكم خالف مبدأ الوصي وعهد بولاية العهد لابن عمه عبدالرحيم ابن إلياس، وأخذ له البيعة على جميع رجال الدولة.
وأمام شخصية مثل هذه اتسعت مساحة المعارضة فى مصر ضده، كما انقسمت الناس انقساما شديداً، إلى التابعين الذين يستفيدون من الحاكم وهم رجاله وعشيرته وبطانته، وعامة الناس الذين يقع عليهم العبء الأكبر لهذه القرارات، وبالطبع انتصرت فى النهاية الأغلبية الرافضة لخطابه الديني ولقراراته السياسية الحمقاء.
[email protected]