عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«بكار» فى البوليس الحربى

أطرف تعليق قرأته عن تشكيل المجلس الأعلى للصحافة جاء على الفيس بوك، كتبه بعض الشباب على سبيل التهكم من تكرار إسناد العديد من المناصب إلى شخصيات بعينها، التعليق اختار الشاب السلفى نادر بكار المتحدث الإعلامى لحزب النور كنموذج، أسفل صورة لبكار كتب الشباب التالي: بعد بكار فى التأسيسية، وبعد بكار فى المجلس الأعلى لحقوق الإنسان، وبعد بكار فى المجلس الأعلى للصحافة انتظروا بكار قريبا فى الأسطول، وبكار فى البوليس الحربى».

غير خفى عن أحد أن هذا التعليق مستوحى بذكاء شديد من سلسلة أفلام الكوميديان الراحل إسماعيل ياسين، الذى قام بتمثيل العديد من الأفلام باسمه، كتب أغلبها الراحل أبوالسعود الإبيارى، وقام بإخراجها فطين عبدالوهاب، وأنتجتها القديرة ليلى مراد، وكان منها إسماعيل ياسين فى مستشفى المجانين، وإسماعيل ياسين فى بيت الأشباح، وإسماعيل ياسين فى الطيران، وإسماعيل ياسين فى متحف الشمع، وإسماعيل ياسين فى البوليس، وإسماعيل ياسين فى الجيش، وإسماعيل ياسين فى البحرية، وإسماعيل ياسين للبيع، وإسماعيل ياسين يقابل ريا وسكينة.
نادر بكار قرأ هذه التعليقات وللأسف لم ينتبه للمغزى من التعليق، واعتقد أنه كتب للسخرية منه، ووصف هذه التعليقات للإعلامية رولا خرسا فى برنامج البلد اليوم على قناة صدى البلد بأنها إرهاب فكري، أو كما قال: إن ما أتعرض له من هجوم يمثل إرهابا فكريا، وقال أيضا: إن المجلس (يقصد المجلس الأعلى للصحافة) فى ظل النظام السابق كان مجرد «ديكور» ولا يسمن ولا يغنى من جوع، وقال: لو قبلت العضوية سيكون من منطلق استشعارى المسئولية ليحقق شيئًا»، لكن بكار لم يتحمل عبء الإرهاب الفكرى الذى تحدث عنه، وفى صباح اليوم التالى كتب اعتذاره على الفيس بوك عن تولى المنصب.
وبغض النظر فإن تعليق بكار يؤكد أنه لم يفهم الرسالة، لأن تصوير الشباب لبكار على الفيس بوك فى صورة القدير إسماعيل ياسين ليس طعنا فى بكار بقدر ما هو طعن فى قرارات الرئيس محمد مرسى الذى يسير على خطى الرئيس مبارك فى اختيار أهل الثقة لتولى المناصب، حيث كان مبارك يسند أكثر من منصب أو وظيفة لشخص واحد، د. محمد مرسى لا يفعل هذا فقط، بل إنه قام بتضييق الدائرة جدا على عشرين شخصية من المرضى عنهم أو المقربين له أو لجماعة الإخوان، والذى يقارن الصندوق الأسود الذى كان يختار منه الرئيس مبارك بصندوق الدكتور مرسى، يكتشف كثرة وتنوع وتعدد الشخصيات فكريا بصندوق مبارك، على الجانب الآخر يتضح قلة شخصيات صندوق مرسى وافتقار أغلبها لقدرات تؤهلها لتولى أكثر من وظيفة.
وقد نبهت خلال الأسابيع الماضية لهذه القضية فى عدة مقالات، تساءلت فيها: هل مصر خلت من الرجال ومن الكفاءات؟، هل لم يعد بين الثمانيين مليون مصرى سوى عشرين شخصية يتولون جميع المناصب فى البلد؟، هل هذه الشخصيات هم العباقرة الأفذاذ ؟، هل البلد لم يعد به سوى قيادات الأحزاب ذات المرجعية الدينية وتوابعهم التى تصلح لتولى جميع المناصب؟، ما قيمة هؤلاء لكى يجمعون بين عضوية البرلمان والشورى واللجنة التأسيسية ويحملون الحقائب الوزارية؟، هل قمنا بالثورة ضد الحزب الوطنى لكى يأتى حزب أسوأ منه؟، هل خرجنا نطالب بالمساواة والعدالة الاجتماعية لكى يركب البلد عشرون نفرًا فقط؟، هل هذه هى الديمقراطية والشوري ودولة الخلافة المنشودة؟، هل هؤلاء ينزل عليهم الوحى من السماء؟.
وقبل تشكيل حكومة الدكتور هشام قنديل، حذرت من تركيز المناصب فى يد مجموعة

محدودة من الشخصيات، وقلت إن البلاد مليئة بالكفاءات التى تستطيع بمهارة فائقة إدارة الملفات أو المراكز التى تسند إليها، وقلت كذلك إن عملية الجمع بين أكثر من وظيفة لا تقوم به سوى الأنظمة الديكتاتورية والفاسدة، وأشرت إلى أننا قمنا بالثورة لكى نقضى على احتكار مجموعة محدودة لمصر، وطالبت جماعة الإخوان المسلمين بتوسيع الدائرة والابتعاد عن احتكار المناصب وتركيزها فى يد قيادات الجماعة، وقلت إن فى الجماعة العشرات والمئات من الشخصيات القادرة على الإدارة، والمفترض ألا تتجاهلهم الجماعة وتتيح أمامهم الفرصة، وقد وجهت نفس النداء إلى جميع القوى السياسية الإسلامية والمدنية، كما وجهت نفس النداء للدكتور هشام قنديل رئيس الحكومة، وطالبته بعد اختيار شخصيات سبق وتم اختيارها لشغل مناصب أخرى، وضربت مثالا بأسماء بعينها فى بعض الأحزاب، وقلت إن هؤلاء جمعوا بين عضوية البرلمان وعضوية اللجنة التأسيسية وتم ترشيحهم إلى تولى حقائب وزارية، إضافة إلى هذا أن هذه الشخصيات هى التى تتولى المناصب القيادية فى أحزابهم، وسألت يومها: ما هى المميزات التى تؤهلهم لكى يتولى كل منهم كل هذه المناصب؟، لماذا جمع بين قيادة حزبه وعضوية البرلمان عن حزبه وعضوية اللجنة التأسيسية عن حزبه؟، ولماذا يرشحه حزبه لتولى حقيبة وزارية فى حكومة الحاج هشام قنديل وشركاه؟، ما الذى يميزه نفسيا وعقليا واجتماعيا وثقافيا عن زملائه فى الحزب؟، وهل المناصب سوف تركز فى يد عشربن شخصية من بين 85 مليونًا؟.
وقلت كذلك أن اغلب الأحزاب المصرية القديمة والحديثة (بلا استثناء) سرت على نفس النهج، رشحوا بعض قيادات الحزب أو بعض المقربين لرئيس الحزب إلى البرلمان وللجنة التأسيسية، وسيتم ترشيحهم فى الأغلب إلى حقائب وزارية، لماذا؟، هل لافتقار هذه الأحزاب لكوادر؟، هل لأن الاختيار يقع على أهل الثقة فقط؟، هل لأن هذه الشخصيات تتميز بالعبقرية؟، هل لأن هذه الأحزاب ليس بها رجال؟، وهل هذه الديمقراطية والتعددية التى صدعوا رؤوسنا بها؟، لماذا كانوا ينتقدون نظام الرئيس مبارك؟، ولماذا اتهموه بالديكتاتورية والتكويش وعدم إتاحة الفرصة لغير المقربين من الرئيس وأولاده؟، هل قمنا بثورة لكى نطيح بمجموعة من الشخصيات كانوا يكوشون على المناصب لكى نأتى بمجموعة أقل منهم؟، هل كتب على الشعب المصرى أن تديره شلة باسم الديمقراطية أو باسم الله؟.