رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الانحراف التشريعي

بعد قيام الثورة بفترة بسيطة جرى الحديث عن استبعاد فلول الحزب الوطني عن العمل السياسي والمناصب القيادية والحساسة بالدولة، واقترح البعض إصدار قرارات ثورية لعزلهم، ورفض البعض الآخر فكرة القرارات الثورية وتمسك بسيادة القانون، وبعد فترة بسيطة أعلن المستشار حسنى السلامونى نائب رئيس مجلس الدولة عن إعداده أول مشروع قانون لعزل الفلول،

وتقدم به إلى المجلس العسكرى الحاكم، وإلى عصام شرف رئيس الحكومة السابق، وأيامها اطلعت على مواد المشروع، وكانت المادة الأولى منه تشمل جميع أعضاء الحزب الوطني فى الفترة من 2000 إلى 2011، حوالي عشر سنوات، وقد نصت المادة على حرمانهم من المشاركة السياسية لمدة خمس سنوات، وأذكر أن هذا الحرمان كان يسرى على جميع أعضاء الحزب الوطنى بدون تمييز والأخطر من هذا أن المادة الثانية من مشروع القانون قد نصت كذلك على حرمان هؤلاء الأعضاء(على مدار عشر سنوات) من تولى مناصب قيادية، وهذا الحرمان لا يسرى على الهيئات والوزارات فقط بل يشمل وسائل الإعلام والنقابات والاتحادات وجمعيات المجتمع المدني.
وأذكر أيامها أننى كتبت بعض الانتقادات للمواد كان منها: إن المشروع أولا يوجه تهمة الفساد لجميع الأعضاء وهو ما يخالف المادة 66 من الدستور، والمادة 19 من الاعلان الدستورى: العقوبة شخصية. ثانيا: إن هذه التهمة وصمت بقانون وليس بوقائع وشواهد ومستندات وحكم قضائي وهو ما يخالف المادتين السابقتين (66 و 19): «لا عقوبة إلا بحكم قضائي»، ثالثاً: إنه سيطبق القانون بأثر رجعى بالمخالفة للقاعدة الدستورية: «العقاب للأفعال اللاحقة لنفاذ القانون»، رابعا: إنه سيعمل على عزل أعضاء الحزب الوطني من وظائفهم القيادية الحالية(المادة 14: لا يجوز فصلهم بغير الطريق التأديبي)، وسيحرم الكفاءات منهم من تولى وظائف خلال فترة العزل، خامسا: مشروع القانون سوف يقسم المصريين إلى معسكرين، أحدهما وطنى والأخر خائن أو فاسد أو عميل، سادسا: إنه سيكرس قاعدة(بقانون) للإقصاء والتخوين دون محاكمات. سابعا: مخالفته لمواد الدستور التي تمنح الحق لكل مصري في المشاركة السياسية(المادة 8.. تكافؤ الفرص). ثامنا: أنه يهدم القاعدة الدستورية القائلة: (المادة 67 دستور ــ المادة 20 من الإعلان الدستوري)  المتهم برئ حتى تثبت إدانته.
وقد انصرفت القوى السياسية بما فيها جماعة الإخوان عن التفكير فى اصدار قوانين ثورية أو استثنائية لأنها سوف تظلم المئات من الأشخاص الذين كانوا أعضاء فى الحزب الوطنى ولم يشاركوا فى الفساد او الظلم او استغلال السلطة، وارتضى الجميع الابتعاد عن الفكر الثورى والاستناد إلى القانون وسيادته،

لكن للأسف عند بدء انتخابات الرئاسة اكتشفت الإخوان المسلمين أنها لن تكون فى الملعب بمفردها، وهناك العديد من الشخصيات التى قد تزاحمهم وتستبعدهم من السباق، وكان بين هؤلاء عمر سليمان رئيس المخابرات السابق، والفريق أحمد شفيق رئيس الحكومة التى شهدت موقعة الجمل وتنحى الرئيس مبارك، فأعلنت القوى الإسلامية حالة الاستنفار القصوى وقامت بدفع البعض إلى تقديم مشروع قانون للعزل، كان أقرب فى نصوصه إلى مشروع قانون المستشار السلامونى، من حيث فترة العزل والوظائف التى يطبق على أصحابها العزل، وخلال مناقشة المشروع الذى يعلمون جيدا عدم دستوريته، اكتشفوا أنه سيشمل أحد الذين شاركوا فى اقتراحه، ويشمل المشير طنطاوى، ويشمل رئيس الحكومة والعديد من الوزراء، ماذا يفعلون؟، بدأوا يقصقصون فى فقرات وجمل مواد المشروع، حتى أصبح على مقاس عمر سليمان واحمد شفيق، وتمت الموافقة على المشروع وشحنت جماعة الاخوان بعض القوى السياسية لمحاربة معركة الفلول، او بمعنى أدق شحنت بعض القوى لمحاربة معركة الانتخابات الرئاسية، حيث استخدمت الجماعة بمهارة بعض الشخصيات فى القوى السياسية والاعلامية للقضاء على منافسى مرشح الجماعة د. محمد مرسى، وانتهت المعركة بإحالة مشروع قانون عزل منافسى مرسى إلى المحكمة الدستورية، والأسبوع الماضي فقط أعلنت هيئة المحكمة القرار الذي نعلم مسبقا منذ إعداد القانون بصدوره، وهو عدم دستورية قانون العزل، وقد تضمنت حيثيات الحكم جملة سوف يؤرخ لها فى تاريخ هذه الفترة، وصفت المحكمة السلطة التشريعية بالانحراف، حيث أكدت أن هذا القانون هو انحراف تشريعي، المؤسف بعد كل هذا أن الإسلاميين وبعض من تستخدمهم فى معاركها ينتقدون قرار المحكمة الدستورية ويصفونه بالسياسي والمخالف للدستور.
علاء عريبى
[email protected]