عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هل يمكن عزل فخامة الرئيس «أبوكرتونة»

ماذا لو اكتشفنا بعد ظهور نتائج الانتخابات أن الفائز بالأغلبية قام بشراء أصوات الفقراء والجهلة والأميين والنصابين والبلطجية والدهماء؟، ماذا لو تأكدنا أنه وصل إلى هذا الكرسي عبر كراتين سكر وزيت وسمن ومكرونة وأرز وقطعة لحم؟، هل الإعلان الدستوري يتضمن مواد تعيننا وعزله وتقديمه للمحاكمة؟، وهل الدستور المعطل كان يتضمن مواد تعزل الرئيس وتحاكمه؟.

الإعلان الدستورى لا يتضمن أية مواد تعيننا وعزل الرئيس المنتخب، ولا تتضمن مواد لتقديمه إلى المحاكمة، والمؤسف أن الدستور المعطل لم يتضمن مواد لعزله أو لتقديمه إلى المحاكمة سوى فى حالة واحدة هى الخيانة العظمى، أم شراء الأصوات وتزوير الانتخابات واستغلال الفقراء والأميين والجهلة وغيرها من الجرائم الكبيرة والصغيرة فليست لها عقوبات فى الدستور المعطل، والمدهش أن الدساتير التى عرفتها مصر منذ حكم محمد على باشا حرصت على فرض حصانة وسياج من حديد حول الطبقة الحاكمة، كان من المستحيل معها تقديمهم للمحاكمة، ففي عهد محمد على باشا تضمنت مواد قانون العقوبات الذي صدر ضمن قانون السياستنامة عام 1837، مادتان ميز بهما كبار رجال الدولة عن باقي المواطنين، وقد كانوا من الباشاوات والبكوات والأفندية والأعيان والمشايخ، حيث نص البند الثامن عشر على محاكمة رجال كبار الدولة أمام مجلس خاص، يتم تشكيله من أعضاء الشورى الخاصة، وناظر ديوان تفتيش الحسابات، ونفر من الكبراء تتفضل الحضرة الخديوية الشريفة بتعيينه من لدنها، وذلك في قضايا الاختلاس وتحصيل الأموال بدون قرار والرشوة والتزوير، واشترطت السياستنامة في البند التاسع عشر ألا تكون أحكام هذه المجالس نهائية، وإحالة الحكم إلى الحضرة الخديوية، وله القرار النهائي بالقبول أو التخفيف أو العفو، وهذا التمييز الطبقي انتقل من السياستنامة إلى دستور سنة 1923، الذي وضعه شيخ القضاة يحيى باشا إبراهيم رئيس الحكومة في عهد الملك فؤاد، حيث تم إدراج بعض النصوص التي تتناول الوزراء وأعضاء البرلمان، وقد كانوا أيضا من الباشاوات والبكوات والأفندية والأعيان.
وبالنسبة لرئيس الجمهورية فقد تجاهلت النصوص تماما الاتهامات الجنائية، مثل الاختلاس، التزوير، استغلال النفوذ، الرشوة، القتل، وغيرها من الجرائم التي تناولتها القوانين الجنائية، إذ لا يجوز بنص الدستور عدم توجيه اتهامات بهذه الجرائم لرئيس الجمهورية، والغريب أن النصوص قيدت مصادر الاتهام حيث اشترطت أن يقدم ثلث أعضاء البرلمان الاتهام للرئيس، دون ذلك لا يلتفت إلى أية اتهامات، حتى لو كانت من مجلس الوزراء ككل أو من خلال بعض الوزراء، كما اشترطت المادة موافقة ثلثي أعضاء البرلمان على الاتهامات والإحالة للمحاكمة، وأخطر من هذا أن النص رفض تقديم الرئيس الخائن إلى المحاكم المعمول بها في البلاد، وأنشأ له محكمة خاصة تنظر جرائمه، ترك شكلها وهيئتها وأسلوب التقاضي بها إلى القانون، حيث جاءت المادة (130) في دستور 1956، على النحو التالي: «يكون اتهام رئيس

الجمهورية بالخيانة العظمى أو عدم الولاء للنظام الجمهوري بناء على اقتراح مقدم من ثلث أعضاء مجلس الأمة على الأقل، ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثي (حذفت كلمة: ثلثي ـ من المادة 112 دستور 1964 ) أعضاء المجلس، ويقف عن عمله بمجرد صدور قرار الاتهام، ويتولى رئيس مجلس الأمة الرياسة مؤقتا، ( ويتولى النائب الأول لرئيس الجمهورية الرياسة مؤقتا ـ مادة 112 دستور 64)، وتكون محاكمته أمام محكمة خاصة ينظمها القانون. وإذا حكم بإدانته أعفى من منصبه مع عدم الإخلال بالعقوبات الأخرى، وقد حذفت جريمة «عدم الولاء للنظام الجمهورى» من نص الدستور الدائم الصادر 1971، وإلى ما انتهى عليه في سنة 2007، وأضيفت جملة: «أو بارتكاب جريمة جنائية ـ المادة 85 بدستوري عام 71و2007»، إلى تهمة الخيانة، مع الأخذ بشرط تقديم الاتهام من ثلثي أعضاء مجلس الشعب، ومحاكمته بموافقة ثلثي أعضاء نفس المجلس، وأدخلت المادة(139) من الدستورين نواب الرئيس في هذه الحصانة، وساوت بين الرئيس ونوابه في الاتهامات والإحالة والمحاكمة الخاصة.
خلاصة القول إن الدستور جعل من محاكمة الرئيس ونوابه شبه مستحيلة، كما أنه ضرب بمواد سيادة القانون والمساواة بين المواطنين عرض الحائط، والأخطر من ذلك أن الدستور أكد عدم اعترافه بنزاهة القضاء واستقلاله، لأن الاعتماد على أعضاء البرلمان دون الهيئة القضائية من أعضاء النيابة والقضاة فيه عدم اعتراف صريح بقيمة وقامة وأهلية الهيئة القضائية في محاكمة الوزراء ونوابهم ورئيس الجمهورية ونوابه، وهو ما يؤكد تمييزه النخبة الحاكمة عن سائر المواطنين، ويدفعنا إلى المطالبة بإلغاء هذه المواد، ووضع نصوص بديلة تعطى القضاء أهليته وقوته، وتساوى بين الحاكم والمحكوم، لأنهما في النهاية عند اقتراف جريمة أصبحوا من الخارجين على القانون، والقانون والدستور في نصوصه يصفهم بالمتهمين، ولا فرق بين متهم أو مجرم كان من النخبة أو من العامة.