عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

كيف تختار رئيسًا؟

صبيحة الأربعاء القادم سيواجه كل مصري أصعب وأغرب سؤال في حياته، هذا السؤال لم يصادفه في أي ورقة امتحانات من قبل، سواء كانت فى المرحلة الابتدائية أو الإعدادية أو الثانوية أو في مرحلة الجامعة، كما أنه لم يطرح علينا فى أقسام الشرطة أو أمام النيابة أو أمام القضاء، هذا السؤال قد يأتي في صياغات متعددة لكن فى النهاية من الأسئلة الإجبارية،

عندما تذهب إلى اللجنة صباحا ستمسك الورقة وستجد السؤال مكتوبا بالنظام الأمريكي، ربما تجده مكتوبا بهذه الصياغة: اختر إجابة من الإجابات على السؤال التالي: من هو رئيس الجمهورية؟، أو فى صياغة اختيار: أختر اسمًا واحدًا من الأسماء التالية؟، أو: علم صح أمام الاسم الصحيح؟، أو: ضع خطًا تحت الاسم الذي تراه مناسبا؟، الإجابة قد تكون مستحيلة، وقد تكون سهلة، وقد تكون صعبة، وقد تحتاج منا وقتًا للتفكير، لكن فى النهاية نحن مطالبون باختيار أحد الأسماء وبدون غش أو إيعاز من احد، هذا الامتحان هو الوحيد الذى لا يجوز دخولك إياه بدون مذاكرة، قبل الذهاب إلى اللجنة عليك ان تجلس وتفكر وتجيب عن السؤال الأهم: ولماذا؟، لماذا «س» وليس «ص» وليس «ع» وليس «م» وليس خ؟، إذا كنت لا تستطيع التوصل لقرار، وإذا كنت من الشخصيات المترددة، وإذا كنت تجهل تاريخ الشخصيات المرشحة، ننصحك بأن تستعين بمن يساعدك على الاختيار، بمعنى آخر يعلمك كيف تختار رئيسا للبلاد؟، أو يرشدك إلى أفضل السبل لاختيار رئيس الجمهورية؟، ونصيحة أخيرة لا تجعله يختار لك، ولا تجعله يلقنك أجندته المنحازة لأحدهم، تمسك بأن يعلمك كيف تختار؟.
لكن قبل تعلمك أفضل الطرق لاختيار رئيس الجمهورية، عليك أولا أن تجيب عن الأسئلة التالية: لماذا قامت الثورة؟، وما هى أهداف الثورة؟، وهل الرئيس المفترض اختياره سوف نختاره لكى ينفذ أهداف الثورة أم لكي ينقذ البلاد من أزمتها الاقتصادية؟، هل سنختاره لكى ينفذ أهداف الثورة أم لكى ينفذ برنامجه الانتخابى؟، وهل برنامجه يتوافق ومبادئ الثورة؟،هل سنختاره لينفذ مبادئ الثورة أم لكي يطبق أيديولوجيته الحزبية؟، نطرح عليك السؤال بصياغة معكوسة: هل قمنا بالثورة لكي نلون البلاد بالفكر الإسلامي أو الليبرالي أو الاشتراكي أو الناصري؟، هل خلعنا النظام السابق لكي يركب الإخوان أو السلفيون أو الاشتراكيون أو الليبراليون؟، هل خرجنا إلى الشوارع لكي نجعلها إسلامية أو اشتراكية أو ليبرالية أو ناصرية؟.
وطالما نحن فى اطار تعلم أفضل الطرق لاختيار رئيس الجمهورية، علينا كذلك أن ننتبه لقضية فى غاية الأهمية، وهى الديمقراطية، هل الرئيس الذى سنختاره سوف يكون ديمقراطيًا؟، ما هى الضمانات التى تثبت انه لن يكون ديكتاتورًا؟، الديمقراطية ليست ان يتركنا ننتقد ونصرخ ونشجب وندين كما كنا نفعل في النظام السابق،

الديمقراطية فى الحريات التى ستنفذ على أرض الواقع، حرية الإبداع والتعبير والاعتقاد، فلا يأتي رئيس للبلاد يفصل القوانين التى تحرم السينما والمسرح والدراما التليفزيونية وكليات الفنون الجميلة، أو انه يعيد المرأة إلى المنزل أو يمنعها من تولى المناصب القيادية لأنه يؤمن أنه لا ولاية للمرأة، أو يأتي رئيسا يكفر غير المسلمين ويفرض عليهم الجزية ويمنعهم من تولى بعض المناصب لأنه لا ولاية لكافر على مؤمن، أو يأتي رئيسا يقول إنه ربانى وان الخروج عليه يعنى الخروج على الشريعة وعلى كلام الله عز وجل، أو أن يأتى رئيسا يلغى الملكية الخاصة ويحددها ويفصل القوانين التى تساوى بين العاطل والكسلان والأمى والجاهل والغنى والفقير والفاعل والناشط والذكي، أو انه يؤمم المصانع والشركات بحجة المساواة بين الفقراء والأغنياء، او انه يلغى الأحزاب السياسية، أو يأتى رئيسا يحكمنا بالوكالة ويكون القرار لرئيس الجماعة أو شيخها.
للأسف ذاكرتنا مع الثورات سيئة، فالثورات فى مصر تأتى دائما بديكتاتور، فى عام 1805 ثار المصريون على حاكمهم خورشيد باشا ورفضوا تماما بقاءه فى الحكم، وبدلا من أن يختاروا مصريا اختاروا محمد على الألبانى، بعد ان استقر فى الحكم أطاح بكل من جاءوا به وساعدوه على الوصول إلى كرسى الحكم، كما انه كان أشد قسوة على المصريين من سابقيه، وفى عام 1952 قام ضباط الجيش بانقلاب واطاحوا بالملك ووضعوا مبادئ للثورة، فرح بها الشعب وبايع جمال عبدالناصر رئيسًا للبلاد، بعد شهور من جلوسه كمم الأفواه، ومنع الأحزاب السياسية، وبدأت سلسة من النكسات التى أدت فى النهاية إلى احتلال سيناء والجولان وفلسطين كاملة، وجنوب لبنان والأردن، ومات الآلاف من المصريين فى اليمن وسيناء ومدن القناة.
لا أخفي عليكم الأسئلة والمخاوف كثيرة وصعبة، لكنها فى النهاية ترشدنا إلى أفضل السبل لاختيار رئيس الجمهورية؟.
[email protected]