عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إله المدينة

بعد ثلاثة أيام فقط سوف نذهب إلى صناديق الاقتراع، ولأول مرة فى تاريخ مصر سوف نختار حاكماً للبلاد، ومصر كما عرفنا من كتب التاريخ لها حضارة تعود إلى سبعة آلاف سنة،

خلال هذه الآلاف من السنين شهدت العديد من أنظمة الحكم، جميع هذه الأنظمة كانت ديكتاتورية، وكان الحكام يتولون بدون الرجوع للشعب، وبدون إرادة الشعب، أشهر الأنظمة التي عرفتها مصر هو توريث الابن البكر شئون الحكم، وقد ظل هذا النظام آلاف السنين وتوارثته ثلاثون أسرة، الأب يسلم الابن البلاد على المفتاح بعبيدها ومثقفيها وموظفيها وفلاحيها وعمالها وكهانها وأطفالها وحريمها وأراضيها وسجونها ومزارعها ومعابدها وقبورها وقراها ومدنها ونيلها وترعهها وحواريها وشوارعها ودروبها ووديانها وجباله، بدرجة حرارتها وبرودتها وأمطارها، حتى إله المدينة وديانته كان الابن البكر يرثه من والده بأسمائه وصفاته وقدراته ومعابده وكهانه، وكان الابن يترك الإله يعبد كما كان يعبد فى أيام والده وجدوده بكل رموزه وطقوسه، وربما كان يسعى فقط إلى الفوز ببركته من خلال التوسع فى معابده أو فى الاهتمام بكهانه أو في تنفيذ إرادته، ولم نعرف على مدار السبعة آلاف سنة أن أحد الأشخاص أزاح أحد الحكام بالقوة من أجل تغيير الإله وديانته، حتى عندما كان يأتى أحد الأشخاص ويقضى على سلطة الأسرة الحاكمة ليبدأ هو أسرة جديدة، كان هذا الشخص يزيح الأسرة السابقة لأسباب دنيوية وليست دينية، مثل الفقر والظلم وغياب العدالة وانتشار الفساد وغيرها من الأسباب الاجتماعية الحياتية، ولم يذكر لنا التاريخ حالة واحدة خلال السبعة آلاف سنة ثاروا فيها من اجل تغيير الله وديانته، أو من أجل تبنى هذا الثائر لمشروعه أو لخطابه الديني الخاص(كمصلح دينى)، معتقدا أن هذا الخطاب فيه رفعة الناس والبلاد أو فيه العودة إلى صحيح الدين، الحالة الوحيدة التى وصلتنا من هذه الأسر كانت لإخناتون، فقد حاول بعد استلامه البلاد من والده بإلهها وديانتها بفترة أن يغير إله المصريين وديانتهم، فبنى للإله الجديد مدينة ومعابد وحاول خلال سنوات حكمه أن يجبر المصريين على ترك إله والده وجدوده والإيمان بإلهه الجديد، وفي النهاية باءت محاولته بالفشل وثار المصريون وهدموا معابد إلهه وقتلوه وارتد من طاوعه إلى إلههم القديم.
حتى الأنبياء والرسل الذين فتحت لهم أبواب السماء وتم تكليفهم بنقل نص رسالة الله عز وجل لأهل القرى، كانت لهم وظيفة محددة وهى أن يضعوا الذات الإلهية فى ذاتها الحقيقية، وقد نجح بعضهم فى مهمته وقد فشل البعض الآخر لأن أنظمة الحكم فى هذه القرى كانت أقوى، مثل نوح ولوط وإبراهيم وغيرهم، ولم يذكر أن احدهم فكر فى أن يطيح بالحاكم لكى يغير إله المدينة بإلهه، وربما أشهر قصة عرفناها تضمنت صداما بين النبى والحاكم، كانت قصة موسى بن عمران عليه السلام مع فرعون مصر، الصراع فى القصة لم يكن بهدف إزاحة حاكم مصر من اجل تغيير إله المصريين، او لتدشين عملية إصلاح ديني فى البلاد، بل كان من أجل أن يترك الفرعون أتباع موسى يخرجون من العبودية إلى الأرض الموعودة لكي يعبدوا إله موسى الجديد، وقد هزم حاكم مصر وانتشلت جثته من البحر، لكن في نهاية القصة مات موسى ومن قبله شقيقه هارون دون أن ينجح في إتمام المهمة التي كلف بها، وهى نقل بنى إسرائيل إلى الأرض الموعودة، وظل المصريون كما هم يعبدون إلههم ولم يتغير إله المدينة.
وعندما فتحت مصر لم يسقطوا إله المدينة ولم يجبروا المصريين على ترك إلههم وديانتهم، كل ما قاموا به أن أعلنوا اسم إله المسلمين وصفاته وديانته، وأصبح الله هو اسم إله النظام الحاكم فقط وليس اسم إله الأغلبية من الأهالى، وظل يهوه ويسوع يعبدان بجانب إله الأقلية المسلمة الحاكمة.
[email protected]