رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى الأزمة السعودية حسنة وأنا سيدك

الأزمة التي تشهدها العلاقات المصرية السعودية لا يتحملها الشباب الذين توجهوا إلى السفارة وسبوا ولعنوا الشعب السعودي وحكومته، ولا بعض الإعلاميين والصحفيين الذين رددوا الشائعات كالببغاوات، ولا الحكومة لتقصيرها فى توفير المعلومات اللازمة عن الواقعة، بل يتحمل المسئولية كاملة النظام الناصرى ومن يطلق عليهم بالنخبة، حيث كرسوا منذ سنين طويلة لمبدأ «أدينى حسنة وأنا سيدك» في التعامل مع دول الخليج، بمعنى أنهم وضعوا فى ذهنية العامة أن المصري أفضل من شقيقه الخليجي فى النوع وفى الدرجة..

وهذا المبدأ العنصري تم تدشينه فى العهد الناصري، عندما كان الرئيس جمال عبدالناصر يحلم بان يكون رئيسا لجميع البلدان العربية، يصدر القرار فى القاهرة ويعمل به فى الرباط والرياض ووهران وحمص وعدن، لم يكن فى التاريخ العربى سوى مسمى واحد هو الخليفة، هذا المسمى لم يكن يتوافق والفكر الاشتراكى الذى تبناه عبدالناصر، فاختارت نخبة مسمى الزعيم وصار «زعيم الأمة»، بعض البلدان العربية وعلى رأسها المملكة السعودية استنكرت هذه الزعامة وتصدت للفكر الاشتراكى، وبدأ النزاع بين الأشقاء، وللأسف كان للنخب المصرية الناصرية الغلبة فى المعركة، استغلوا استعانة الأشقاء بالعمالة المصرية فى بناء دولهم وتعليم شعوبهم سلاحا فى معركة غير متكافئة للنيل من بعض الحكام الذين رفضوا فكرة الزعامة، وللأسف نالوا كذلك من الشعوب الشقيقة، فرفعوا سلاح المن والمعايرة، وكأن العمالة المصرية(مدرسين ومهندسين واطباء ومحاسبين ...) كانت تعمل بدون أجر، والأمر لم يتوقف عند حد المن، بل كرست النخبة المصرية الناصرية أيامها لفكرة التمييز العنصرى، حيث قاموا بالتسفيه من الأشقاء فى دول الخليج، وأكدوا ان المصرى يرتفع عدة درجات فى النوع والذكاء عن غيره ممن يعيشون فى الصحراء، ووصلت المعركة إلى حد أن العامل الأمي المصرى أصبح يعتقد أنه أفضل من شقيقه الخليجى المتعلم أو الجامعى، درجة ذكائه أعلى وأفضل من درجة ذكاء الخليجى المتعلم، وروج النخب إلى أن ما قدمناه(مقابل أجر) جعلنا شركاء فى الثروات التي كونها الأشقاء من النفط، وقد استغل الكتاب والفنانون والمبدعون هذا الفكر العنصري(مثل الساسة) أفضل استغلال لكى يجلسوا على عرش الريادة فى الوطن العربى ، فلم يثقوا فى أعمالهم وانحازوا بقوة إلى فكرة العنصرية، وأصبح ما يكتبه الناشئ والصغير أفضل مما يكتبه أو يقدمه كبار المبدعين من الأشقاء العرب.
والمؤسف أن عصر الزعيم لم يتوقف عند تشويه الأشقاء في دول الخليج وحدهم، بل امتد كذلك إلى الأشقاء في

دول المغرب العربي، حيث كرسوا إلى أن الأشقاء هناك مجموعة من البربر، والمصريون هم الذين علموهم كيف ينطقون اللغة العربية، وأن مصر ساعدتهم هم وغيرهم على تحرير أراضيهم من الاحتلال الأجنبي، فزعامة الأمة التي كان يسعى إليها عبدالناصر دفعت نخبه إلى تشويه جميع الأشقاء العرب، وإلى تكريس العنصرية فى ذهنية الشعب المصري.
وهنا كان من الطبيعي أن تتولى مصر قيادة وزعامة الأمة العربية، وهذه الزعامة في جميع المجالات، السياسية، والفنية، والإعلامية، والأدبية، والعلمية، والاجتماعية، وبات من الواجب على الحكام والشعوب العربية أن تعترف وتعلن فى كل مناسبة عن هذه الزعامة والريادة وهذا الفضل، كما أصبح عليها أن تسرع للمساعدة عندما تحتاج الزعيمة، مصر الزعيمة، والمصريون هم الأفضل فى النوع وفى الجنس وفى القدرة.
الطريف ان هذا المرض العنصري تحول مع الأيام إلى مرض وعقدة، وأصبحنا نورث ونعلم ونربى أولادنا هذا النقص، وبعد أن رحل الزعيم جاء الرئيس المؤمن محمد أنور السادات، ومع نشوب أزمة معاهدة كامب ديفيد استدعى السادات عقدتنا وأصل لها تاريخيا منذ عصر الفراعنة، وأكد على أصولنا غير العربية، وأن حضارتنا تعود إلى سبعة آلاف سنة، وكالعادة امسك النخب الفاسدة الخيط وقاموا بالتأكيد على الانفصال العرقي، وأصبحت حضارة السبع آلاف سنة هى الشاهد والبرهان على تفوق وتميز المصري فى النوع والدرجة والعرق عن شقيقه العربي.
المؤسف أن هذا المرض الذي توارثناه منذ العصر الناصري مازالت النخبة المصرية تعانى منه وتروج وتؤصل له، لماذا؟، لكي تعطى لنفسها أفضلية فى الفن والأدب والفكر والإعلام والعلم، وبحمد الله ظهرت أعراضه وبشدة فى أزمة الجيزاوى، ربنا يشفى.
[email protected]