رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المحكمة بين الرأي والحكم

المستشار حسنى السلامونى نائب رئيس مجلس الدولة نبهنى إلى جملة فى حيثيات الحكم الصادر ببراءة عادل إمام وآخرين من تهمة ازدراء الأديان، تتهم صاحب الدعوى بأنه جاهل ومتخلف وظلامي، وقال: لو صح فعلا أن هذه هى أسباب الحكم ببراءة عادل إمام وآخرين فى دعوى ازدراء الدين الإسلامي،

فان المحكمة تكون قد تجاوزت حدود ولايتها من مناقشة مدى ثبوت الفعل المنسوب إلى المدعى عليهم من عدمه إلى تسفيه وتحقير وتوبيخ رافع الدعوى لدرجة وصفه بالجهل والتخلف والظلامية، وقد اتفقت مع الصديق المستشار فى أن هذا يعد تجاوزا ويرقى الى سب رافع الدعوى، والمفترض أن المحكمة تفصل فى القضية المقدمة وفقا للقانون، وليس من حق هيئة المحكمة أن تدلى برأيها فى الواقعة سياسيا أو أخلاقيا سواء بالإيجاب أو بالسلب، بعد انتهاء المكالمة عدت إلى الصحف وقرأت نص الحيثيات المنشور فى أكثر من جريدة، واتضح أن الجملة التي نبهني إليها المستشار السلامونى وصفت هيئة المحكمة بها موقف أو رأى مقيم الدعوى، حيث جاء النص كالتالي: «على فرض أن تلك الأعمال الفنية تتناقض مع فهمهم للعقيدة فهل معني ذلك أن يختزل الدين في فهمهم وتأويلهم؟، لماذا صوروا ما جاء في الأعمال الفنية على أنه خطر على العقيدة وهو في الحقيقة خطر على فهمهم وتأويلاتهم؟ لأن الدين والعقيدة في نفوس المصريين كشعب متدين أقوى من أن يهددها عمل فني، لكن ضعف موقفهم المستمد من الظلام والجهل هو الذي صور لهم ذلك»..
والنص كما نشر بالصحف يوجه اللوم لمقيم الدعوى، ويناقشه في رأيه الذي استقر عليها، كما يوجه له الانتقاد، ويصف المصدر الذي استقى منه معلوماته أو أسس عليه رأيه بأنه ظلامي وجاهل، وان هذا هو الذى صور له ما ادعاه على عادل امام ومن معه .
وهذا الرأى السلبى ليس الوحيد الذى تتضمنته حيثيات الحكم المنسوبة لهيئة المحكمة، فالنص المنشور فى أكثر من صحيفة يتضمن العديد من الآراء العامة السلبية والايجابية التى أدلت بها المحكمة فى بعض القضايا الفكرية، منها على سبيل المثال: «حرية الرأي والتعبير من أهم مقومات النظم الديمقراطية وإن الانتقاص منها انتقاص من الحكم الديمقراطي السليم».، ونسب أيضا لهيئة المحكمة قولها: «توجيه الانتقادات لأي تيار فكري غير مجرّم وأن بعض المتشددين يصرون على تنصيب أنفسهم أوصياء وحراساً ومدافعين عن العقيدة ضد الأخطار».
وردت المحكمة على ادعاء المحامي مقيم الدعوي بأن الأعمال الفنية التي أقام دعواه ضدها انطوت على ازدراء الدين الإسلامي وتحقير المسلمين عموما والجماعات الإسلامية والإخوان المسلمين على وجه الخصوص فإنه يجب التفرقة بين الدين والفكر الديني من جهة وبين ما هو مقدس وما هو غير مقدس.
وحول تقليد الفنان عادل إمام للشيخ الشعراوي في فيلم «الواد محروس بتاع الوزير» وقوله إنه اندرج على استهزاء

بمظهر أكدت المحكمة أنه من الخطأ الفادح إضفاء صفة القداسة الدينية على رجال الدين أو على فكرهم.
وعن قول الفنان عادل إمام: كيف أرشي الله؟ في فيلم «مرجان أحمد مرجان» فإن المحكمة لا ترى في ذلك تطاولا على الذات الإلهية في شيء حيث إنه سؤال استنكاري لعدم إمكانية حدوث ذلك ولا يوجد ما يمنع من إظهار شخصية لا تؤمن بالله في عمل فني لأن المجتمع به مؤمنون وغير مؤمنين.
وبشأن قول وحيد حامد في فيلم «الإرهابي» «احنا طلعنا الفضاء ولسه فيه ناس بتقول ندخل الحمام بالرجل الشمال ولا اليمين» اعتبرت المحكمة أن ذلك لا يعد استهزاء بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه لم يثبت أن ذلك جاء في أحاديث السنة المؤكدة وإنما هو اجتهاد علماء.
وعن الادعاء بأن الأعمال الفنية بها تحقير للمسلمين عموما والجماعات والإخوان حيث تهكم الممثل علي الزى والهيئة التي يرتديها رجال الدين الذي ظهر به الملتحون والمنتقبات في فيلم «مرجان أحمد مرجان» وكذلك في فيلم «الإرهابي» أكدت المحكمة أن هذا من أمور السياسة ولا حصانة لها من النقد خاصة أن الإخوان والجماعات أصبحت طرفا في المنظومة السياسية للبلاد وأنشأت أحزابا سياسية اشتركت بالفعل في الصراع السياسي، وقالت المحكمة إن الأعمال الفنية من خيال المبدع ولا عقاب على خيال.
والحقيقة ان هذه الحيثيات تجعلنا نتساءل: هل من حق هيئة المحكمة المشاركة بالرأى فى الخلاف الفكرى الذى يتنازعه الخصوم؟، هل لها أن تدلى برأيها السياسى او الفكرى فى واقعة تنظرها؟، هل لها ان تنحاز فكريا او سياسيا مع ما يتوافق مع فكرها بالوقائع المنظورة امامها؟، هل نذهب إليها لنأخذ رأيها أم حكمها؟، وماذا لو شاركت بالرأى؟، هل من حق من خالفته الرأى ان يرفض الحكم الصادر منها؟، وهل له ان يقاضى هيئة المحكمة عن تجاوزات فى رأيها ضده؟.
[email protected]