رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الرئيس وقد رحل

الثورة وقامت، والرئيس وقد رحل، والمطالب أغلبها قد تحقق، والنظام يتساقط، ماذا بعد؟، ما الذي نريده من النظام القادم؟، وما هو النظام القادم؟، هل كنا نسعي لتغيير الأفراد لفسادهم أم سعينا لتغيير النظام فكرا وأفرادا؟، ما هي ملامح النظام المنتظر؟، هل يضمن لنا المرتبات المرتفعة والشقق ذات الأسعار المناسبة؟، هل سيضمن حقوقنا في التعليم والعلاج والعمل والتقاعد والتعبير والاختلاف؟، هل ننتظر منه حرية وكرامة ووحدة وطنية؟، هل سيرعي التعددية الفكرية والدينية والحزبية؟، هل سيقام علي المواطنة ويصون حق وحرية وكرامة المواطن؟

العقبة التي تواجهنا في المنطقة العربية أننا نرتبط بالأشخاص وليس بالأفكار، ومعظم مشاكلنا واختلافاتنا تقع دائما حول الأشخاص، وهذه الآفة ليست وليدة اليوم، وأظن أنها تعود إلي تاريخ طويل من حياة شعوب المنطقة، وآثارها نستطيع أن ندركها في الحركات الدينية والفكرية التي ظهرت خلال عقود مضت، فقد أعلينا من شأن الأنبياء والحكام والأفراد أكثر مما جاءوا به، فننسب للأنبياء وأصحابهم ما يشبههم من المقدس والسماوي، الفكر الشيعي بدأ باختيار الشخص ثم أقيمت حوله الفكر الخاص بالاختيار، نفس الشيء كان في الفقه وفي السياسة، ارتبطنا بعبد الناصر فظهرت الناصرية والساداتية والأحمدية والشاذلية والحنفية والشافعية والأيوبية، وعرفنا نجم النجوم وسيدة الشاشة وسيدة الغناء ومطرب الجيل، والكاتب المتفرد والحزب الواحد والشاعر الجبار، وكرسنا سنوات صبانا وشبابنا وشيخوختنا للحياة في ظلهم، ورفضنا تماما فكرة الحياة بعيدا عن الظل، وأصبح مجرد التمرد أو التفكير في الخروج جريمة تهتز لها السماء، فاستسلمنا للقهر والفساد والديكتاتورية والمهانة والتخلف وعبادة الأشخاص، إذا كنا علي أبواب مرحلة جديدة بالفعل ونسعي إلي نظام مغاير أو مضاد، علينا بالأفكار التي تساعدنا وبناء دولة مدنية حديثة، دولة تجمعنا جميعا تحت شعار واحد هو الأخوة في الوطن وليس الأخوة في الدين، وقد سبق وكتبت وطالبت في هذا الشأن، لكن للأسف الذي يتابع الساحة السياسية منذ تنحي الرئيس مبارك وحتي أمس، يكتشف أننا مازلنا

نفكر بآليات النظام الفائت، نعيش حالة من التربص والتوتر والتخوين والتخويف والإقصاء والفرز، ومازلنا نري مستقبلنا من خلال نافذة هذا النظام، نسعي إلي الأشخاص ونفكر في الأشخاص ونروج لأشخاص ونستبعد أشخاصاً ونرشح أشخاصاً وندفع بأشخاص، ظنا منا أن في تولي هذا أو ذاك (الرئاسة أو الوزارة) سوف تنجو السفينة نحو الدولة المدنية الحديثة، والمدهش أن جميع الشخصيات المطروحة لا تمتلك ما تقدمه سوي قدرتها علي البقاء تحت الضوء، وغاب عنا أن صلاة الجماعة أفضل بكثير من صلاة الفرد، وأن الفرد البطل الأوحد يسكن فقط في القصص والحواديت، وأن الدول تقام وتدار بالمؤسسات وليس بالأبطال، لهذا علينا أن نترك الأشخاص ونسعي إلي الأفكار، علينا أن نفكر في النظام القادم: كيف نريده؟، وما هي ملامحه؟، وكيف يكون دستوره؟، وما هي قوانينه؟، وما شكل إعلامه ومؤسساته وخدماته؟، هل سنعتمد فيه علي القطاع العام وملكية الدولة لقوي الإنتاج أم نجمع بين العام والخاص أم نتركه للقطاع الخاص وحده؟، هل سيكون نظام الحكم جمهوريا يمسك الحاكم بزمام الأمور جميعها أم سنأخذ بالنظام الدستوري؟، هل سنترك الحكم لحزب واحد أم ستشارك بعض الأحزاب في إدارة البلاد؟، هل سيهان المواطن في أقسام الشرطة وفي صناديق الانتخابات وفي سفاراتنا بالخارج أم ستصان كرامة وقامة المواطنين؟.

[email protected]