عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المهدي‮ ‬المنتظر

لا أظن أن الإدارة الأمريكية ترغب في‮ ‬تحول منطقة الشرق الأوسط إلي الديمقراطية والتعددية،‮ ‬ولا أظن أيضا أنها تحاول مساعدة حكام المنطقة في‮ ‬القضاء علي الإرهاب والعنف السياسي‮ ‬بشكل كامل وقاطع،‮ ‬وكل ما‮ ‬تفعله هو أن تسيطر علي حركة العنف الصادرة من المنطقة،المعروف أن منطقة الشرق الأوسط هي‮ ‬السوق الأكبر لمنتجات الغرب،‮ ‬خاصة الإدارة الأمريكية.


وفي‮ ‬هذا السوق تبيع الشركات الأمريكية منتجاتها العسكرية والتكنولوجية والغذائية،‮ ‬وعندما‮ ‬ينتشر العنف السياسي‮ ‬في‮ ‬بعض البلدان،‮ ‬سواء مع دولة مجاورة أو عنفا داخليا تقوم به بعض الجماعات المعارضة(دينية أو أيديولوجية أو عرقية‮)‬،‮ ‬تنشغل حكومات هذه الدول في‮ ‬حروبها،‮ ‬وتنصرف عن الإنتاج والتخطيط للمستقبل،‮ ‬ويسخر حكامها ميزانية الدولة لشراء الأسلحة التي‮ ‬تعينهم في‮ ‬القضاء علي العدو،‮ ‬كان هذا العدو من المعارضين بالداخل أو المتاخمين للحدود،‮ ‬تماما مثلما كان‮ ‬يحدث في‮ ‬مصر منذ سنوات،‮ ‬ويحدث اليوم في‮ ‬السعودية واليمن والسودان ولبنان والجزائر،‮ ‬الإدارة الأمريكية‮ ‬يهمها من كل هذا ألا‮ ‬يصل هذا العنف إلي مدنها ومنشآتها.

‮ ‬وقد تساعد حكام المنطقة علي هذا القدر،‮ ‬بمعني تساعدهم لا لكي‮ ‬يقضوا علي العنف بشكل نهائي،‮ ‬بل علي قطع زراعته التي‮ ‬قد تصل إلي المدن والشوارع الأمريكية والأوروبية،‮ ‬لأن القضاء عليه‮ ‬يعني إغلاق سوق لبيع الأسلحة والمهمات العسكرية وبعض الأغذية السريعة والمعدات الطبية والأدوية والمستشفيات المتنقلة،‮ ‬ويعني أيضا إيقاف الخط الساخن بين مخابرات هذه الدول،‮ ‬وعدم الحاجة إلي مستشارين سياسيين وعسكريين،‮ ‬منطقة الشرق الأوسط سوق كبير لتصريف منتجات وسياسات ونفايات الغرب.

‮ ‬وحكام بلدان هذه المنطقة هم الخفراء علي هذا السوق،‮ ‬الذين‮ ‬يساعدون علي دخول وتصريف المنتجات،‮ ‬والإدارة الأمريكية حريصة علي أن‮ ‬يظل السوق مفتوحا،‮ ‬وفي استقرار هذه البلدان ما‮ ‬يهدد

تصريف هذه المنتجات،‮ ‬لأن الدول المستقرة تتجه إلي البناء وإلي الإنتاج،‮ ‬وهو ما‮ ‬يعني علي الأقل توفير نصف ما تستورده من الخارج،‮ ‬كما أنها من الممكن أن تنافس بعض السلع الأمريكية في‮ ‬أسواق أخري،‮ ‬وهو ما‮ ‬يعد خرابا وركودا وبطالة،‮ ‬كما أن وصول العنف الذي‮ ‬تنتجه المنطقة إلي المدن الأمريكية فيه أيضا خراب.

‬لهذا كان من المنطقي‮ ‬أن تساعد الحكومة الأمريكية دول المنطقة في‮ ‬قطع زراع العنف لكي‮ ‬لا‮ ‬يصل إلي مدنها،‮ ‬ومن المنطقي‮ ‬أيضا ألا تساعدهم في‮ ‬القضاء علي هذا العنف داخليا،‮ ‬لأن اختفاءه‮ ‬يعني إغلاق سوق الأسلحة،‮ ‬كما كان من المنطقي‮ ‬أيضا أن تطالب الإدارة الأمريكية هذه الحكومات بمزيد من الديمقراطية والحريات،‮ ‬لكن بالقدر الذي‮ ‬لا‮ ‬يتيح نوعا من الاستقرار،‮ ‬فمع الديمقراطية والتعددية‮ ‬يختفي‮ ‬العنف‮ ‬،‮ ‬ويتحول المعارض من العمل السري‮ ‬إلي النقد العلني،‮ ‬لذا نخطئ كثيراً‮ ‬عندما نعول علي بوش أو أوباما أو‮ ‬غيرهما في‮ ‬الضغط علي النظام الحاكم لكي‮ ‬يمنحنا مزيدا من الديمقراطية،‮ ‬الحريات تؤخذ ولا تمنح،‮ ‬والرئيس الأمريكي‮ ‬ليس هو المهدي‮ ‬المنتظر أو البطل الأسطوري‮ ‬الذي‮ ‬سيخلصنا من القهر والاستبداد والديكتاتورية‮.‬