رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إن جاءك الطوفان

عندما تقرأ قصة فتح مصر في كتب المؤرخين المسلمين والمسيحيين، تصاب بدهشة شديدة بسبب السهولة التي جاءت عليها قصة الفتح، وتندهش أكثر عندما تكتشف أن البلاد لم تمر بحالات فوضى أو انفلات مثل التي نعيشها هذه الأيام بعد طوفان يناير.

المؤرخ المصرى عبدالرحمن بن عبدالله بن عبدالحكم، المولود بعد الواقعة بحوالى ثمانين سنة، حيث ولد عام 187هـ، وتوفى عام 257هـ، رواية ابن عبدالحكم هذه سجلها فى كتابه «فتوح مصر وأخبارها»، وقد اعتمد عليها بعض من كتبوا في التاريخ بعده، مثل: البلاذرى ت 279هـ صاحب كتاب «فتوح البلدان»، واليعقوبى ت 292هـ صاحب التاريخ المعنون باسمه، والطبرى ت 310هـ مؤلف «تاريخ الرسل والملوك»، والكندى ت 350هـ وكتابه «الولاة والقضاة»، وابن الأثير ت 630 هـ وتاريخه «الكامل»، والنويرى ت 733هـ و«نهاية الأرب»، وابن كثير ت 774هـ صاحب «البداية والنهاية»، وحتى المقريزى ت 845 هـ صاحب «الخطط المقريزية»، وابن تغرى بردى ت 874 هـ، جميعهم اعتمدوا على ما حكاه لنا ابن عبد الحكم، وقد جاءت قصة الفتح بسيطة جدا، قيل إن عمرو بن العاص عندما انتهى من فتح فلسطين، خطر على باله فجأة ان يفتح مصر، أرسل إلى الخليفة عمر بن الخطاب رسالة يستسمحه فتحها، قال فيها(حسب صياغة اليعقوبى فى تاريخه): «يا أمير المؤمنين تأذن لي في أن أسير إلى مصر، فإنا إن فتحناها كانت قوة للمسلمين، وهى من أكثر الأرض أموالا، وأعجزه عن القتال»، وأخذ يعظم أمرها فى نفسه ويهون عليه فتحها، حتى عقد له على أربعة آلاف،
وحكى اليعقوبى أنهم وضعوا السلم ليلا إلى جانب الحصن، ثم اقتحم جماعة، وكبر المسلمون، فلما استحر القتل دعوا إلى الصلح، فقال بعضهم: صالح المقوقس عمرو بن العاص على دينارين لكل رجل.
يوحنا النقيوسى صاحب تاريخ مصر، كان أحد القسس فى الكنيسة المصرية، وعاش خلال القرنين السابع والثامن الميلادى، بالتاريخ الهجرى بين سنة 21 و254 هـ، أعاد دخول العرب بسهولة إلى خيانة المقوقس حاكم مصر الرومانى، وإلى مساعدة بعض اليهود للعرب، وكذلك بعض المسيحيين الذين تحولوا إلى الإسلام، إضافة إلى سلبية المصريين الأقباط وإلتزامهم الحياد.
يعقوب نخلة فى تاريخ الأمة القبطية حكي أن جماعة

المقوقس كانوا يمدون العرب سرا فى أثناء الحصار بالمؤنة والعلف، ولما وصل كتاب الملك أقبل المقوقس إلى عمرو بن العاص وأطلعه على ما فيه، وطلب منه ثلاثة أمور: الأول ألا تنقض عهد القبط وأدخلني معهم وقد اجتمع كلمتى وكلمتهم على ما عهدتك عليه، الثانى إن سألك الروم بعد اليوم أن تصالحهم فلا تصالحهم حتى تجعلهم فيئا وعبيدا، وأما الثالث فأنى اطلب إليك أنى إذا مت تأمرهم بأن يدفنوني بجسر الإسكندرية، فأجابه إلى ما طلب، على ان يكون القبط أعوانا له.
المدهش أن جميع الرواة لم يؤكدوا أن مصر قد تشهد حالات فوضى، ولم يذكروا ان مصر بين فترة سقوط نظام المقوقس وتولى نظام ابن العاص، قد عانت من انفلات في الأمن مثل الانفلات الذي نعيشه هذه الأيام، مصر منذ أن قامت الثورة ويعيش أغلب أهلها إحساس من ضرب بلادهم الطوفان، كل منا يحاول أن يضع الآخر تحت قدمه لكي ينجو.
منذ سنة ونحن نحاول تغيير النظام ومحاولاتنا تبوء بالفشل، لماذا؟، ولماذا بعد عام من إسقاط مبارك فشلنا في إسقاط نظامه؟، ولماذا انقسمنا؟، ولماذا نقوم بمظاهرات ضد بعضنا البعض؟، ولماذا نعجز أنفسنا بمطالب نعلم جميعا أن مواردنا لا تكفى لتحقيقها؟، ولماذا نجر أجسادنا إلى الشوك؟، ولماذا نقطع الطرق ونعطل الشركات والسكك الحديدية؟، ولماذا يريد كل منا أن يفرض رأيه ولو بالقوة؟، هل لأننا نعيش إحساس الذين ضربهم الطوفان أم لضعف من يديرون البلاد؟.
[email protected]