رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الدولة الدينية والمدنية

ما هو شكل الدولة التي نسعى إلى ترسيم حدودها في مصر الآن؟ هل هي دولة مدنية؟، هل هي دولة دينية؟ وما هي نوعية قوانينها؟، وما هو مصدر هذه القوانين؟، هل سترتكن على الدين أم مبادئه وروحه؟، هل الدولة الدينية هي التي تعمل بالشريعة أم التي تأخذ بنظام الخلافة؟

، هل الدولة الدينية ستعترف بالتعددية الحزبية؟، هل ستشكل حكومتها من علماء الدين فقط؟، هل سيتولى الملك فيها أحد الفقهاء؟، وهل الدولة الدينية هى دولة الكفر؟، هل المدنية بالضرورة ترك الشريعة؟، هل الليبرالية من أعمال الشيطان؟، هل الليبراليون مجموعة من الكفرة أم جماعة من المنافقين الذين يسعون لتهميش كتاب الله وسنة رسوله؟.
قبل أن نطالب بدولة مدنية أو دينية يجب علينا  أن نجلس ونتفق على شكلها وحدودها وأهدافها، ما هو ديني في قوانينها وما هو مدني، حيث أكدت الأحداث الماضية أن معظمنا(وهذا حقه ) يتمسك وبقوة بما هو مقدس، رافضا وبشدة عملية الإحلال والتبديل بين الديني والمدني في بعض القضايا، فما الذي يجعلني آخذ بالمدني طالما الديني متوفرا؟،
والبعض الآخر يرى أن البلاد ليست مهيأة للأخذ ببعض الديني، والبعض الآخر أكد أنه يجب أن نتفق أولا على كيفية تطبيقه أو صياغته في قوانين، وهذا الفريق ذكر على سبيل المثال حد الزنا الذي يحتاج شرعًا إلى أربعة شهود وخيط، بدون توفر هذه الأدوات لا يطبق الحد ويعمل بالأحكام التعذيرية، كما ذكر نفس الفريق حد السرقة وأشاروا إلى تعطيل عمر بن الخطاب رضي الله عنه تطبيق الحدود، خاصة حد السرقة في عام الرمادة.
فى ظني أن القوانين التي نعيش جميعا تحت ظلالها تتضمن في معظمها مواد تعضد الديني والمدني، وليس صحيحا ما يروجه البعض بأن جميعها مستقاة بعيدا عن الشريعة أو أن معظمها يخالف نصوص الدين، صحيح القانون الجنائي يتضمن عقوبات قد تخالف النص ظاهريا، لكن الذي يعود لشروط تطبيق الحد فى الشريعة يكتشف أن العقوبة المنصوص عليها فى المادة تتوافق والواقعة شرعا، حيث انه لا قطع فى حالات الرشوة أو وقائع السرقة من المال العام أو حالات الاختلاس.
الغريب فى الأمر أن بعض من ينادون بالدولة الدينية وتطبيق الشريعة لم يقدموا لنا تصورا لهذه الدولة؟، نظامها؟، حكومتها؟، دستورها؟، قوانينها؟، وظيفة العلم غير الشرعي بها؟، موقفهم من اللغات؟، من الفنون؟، من الملابس التي سنرتديها؟، موقفهم من

عمل المرأة ومشاركتها فى العمل العام؟، رؤيتهم لغير المسلمين وحقوقهم فى التعليم وممارسة الشعائر وتولى الوظائف القيادية؟.
معظم الذين ينادون بالدولة الدينية عندما تسألهم يقولون تطبيق كتاب الله وسنة رسوله الكريم، كيف يتم تطبيق الكتاب والسنة؟، كل ما يردون به شرع الله وحدوده، نرد المساءل لكتاب الله وسنته وإجماع الصحابة ما يتوافق نأخذ به وما يتعارض نتركه، وهو ما يعنى أنهم لا يمتلكون تصورا شرعيا متكاملا لهذه الدولة، وأنهم يتركون الأمر للتجربة، وهو ما يعنى كذلك أن الحاكم وحكومته لابد أن يكونوا من الفقهاء لكي يقيس كل منهم المشاكل التي سيقابلها يوميا على الشريعة قبل أن يتخذ قرارا فيها، إذا كانت تتوافق وكتاب الله أو سنته نأخذ بها، وإذا كانت تخالفهما نتركها، وهذا يجعلنا  نضع تصورًا أولى لشكل الحكومة نظن أنه سيكون أقرب إلى لجنة الفتوى، والطريف أن يعارض أحد الوزراء أو المواطنين فتوى الوزير بفتوى مضادة.
الغريب أن هذا الفريق يكفر يوميا الذين ينادون بالدولة المدنية، والذين يؤمنون بالليبرالية والديمقراطية، ويطالبونهم فى كل ساعة بتقديم تصور للدولة المدنية ودور الشريعة بها، والمؤسف أن الليبراليين يقعون فى هذا الفخ ويقفون دائما فى جبهة المدافع عن إيمانه ونفى الكفر عن مفاهيمه ومعتقداته السياسية.
أعتقد أنه حان الوقت الذي نجلس ونتفق فيه على تصور لدولة لا تهمل الدين ولا تكفر العلم ومدنيته، أن نضع صياغة تتسع لكل المصريين لا تميز بين المواطن من حيث الديانة أو العرق أو الجنس أو الأيديولوجية، صياغة نعيش جميعا تحت رايتها بدون تكفير أو تخوين.
[email protected]