رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مختل عقلياً

قيل: إن أحد المختلين عقليا اقتحم الوحدة المحلية في بلدته، كان مسلحاً برشاش صناعة محلىة ومسدس وجهاز راديو صغير، احتجز العاملون وأمسك الميكروفون الخاص بالوحدة، وطالب بعدم استقبال السفير الإسرائيلي وطرده ، الصحف أيامها أشارت إلى أن النبوي إسماعيل وزير الداخلية آنذاك، حاول أن يثنيه عن موقفه، أحضر والدته وشيخ القرية، أصر على موقفه واتهم أنور السادات بالخيانة وجلس يستمع للأغاني الوطنية، في المساء اقتحمت القوات الخاصة مبنى الوحدة المحلية، ومات المختل بعدة رصاصات في رأسه، ذكروا انه كان يدعى سعد إدريس حلاوة، عمره كان 35 سنة، من قرية أجهور محافظة القليوبية، تعلم حتى الثانوية العامة، ثم تفرغ للزراعة في أرض والده، هذه الواقعة كانت في شهر فبراير عام 1980 وكنا طلبة في الجامعة ندرس الفلسفة والنظريات السياسية، وكانت مصر أيامها تدشن معاهدة السلام، بفتح سفارة لإسرائيل في القاهرة ، وكان السادات يستقبل أول سفير للكيان الصهيوني، أذكر اسمه جيدا "إلياهو بن أليسار"، اليسار المصري(اشتراكيون وناصريون وشيعيون) صنع من سعد بطلا، وأكد انه أول شهيد ضد التطبيع، انقسم الطلبة واختلفوا في توصيف المختل، هل كان شهيدا؟، هل صار بطلا؟،

شدني في سعد انه ضحى بحياته من أجل فكره، تماماً مثل الفلاسفة والمعارضين السياسيين الذين زج بهم إلى المعتقلات وذاقوا مرارة التعذيب من أجل فكرة، كنت مبهورا بالفكرة، لكنني لم أستطع أن أجارى توصيفات اليسار، دائما يصنعون أبطالا وهمية، كنا نجلس نناقش بالساعات التوصيف المناسب لسعد حلاوة، وأذكر اننى وبعض الزملاء رفضنا تماما تسميته بالشهيد، واختلفنا في تنصيبه كبطل، وكنت ضد فكرة الحرب إلى النهاية، صلاح الدين وقع معاهدة سلام وتطبيع مع الصليبيين، بعد أن حرر ما استطاع تحريره من الأراضي المحتلة، لا أعرف لماذا كنت ضد ربط العنف بالفكرة، ووصفت ما قام به

حلاوة بالديكتاتورية والعمل العنيف،

فقد استعان بالسلاح لفرض فكره، واستخدم الإرهاب في إعلان الفكرة، سعد حلاوة في رأيي لم يكن يتقبل تعدد وتنوع الفكرة، لم يكن يستمع سوى إلى ما عشش في عقله، تماما مثل اليسار والإخوان المسلمين والجماعات المتطرفة، آمنوا بفكرة ويعيشون من أجل الفكرة، ولا يستمعون لغير الفكرة، ويجهلون ويخونون ويكفرون الذين لا يؤمنون بالفكرة، سعد مات لأنه لم يستوعب أن الحياة من الممكن أن تسير بدون هذه الفكرة، أو أنه من الممكن أن يطل على المشهد من نافذة ليست تابعة للفكرة، وإخوتنا في اليسار وفى الإخوان المسلمين وفى القاعدة أو غيرها من الجماعات او الأيديولوجيات يصرون على اعتقالنا داخل الفكرة، وأن يجبرونا على أن نعيش الحياة من خلال الفكرة، يتصورون وقائع وعوالم أفضل وأجمل قد تكون لو سادت الفكرة، الفكرة عندهم هي الحقيقة والواقع والماضي والمستقبل والحياة، في ظني انه لا يوجد فرق كبير بين الفكرة فى الأيدولوجيا وفى الفقه المتطرف، سوى اسم الله الضامن للفكرة الثانية، كلاهما أيديولوجيا، وكلاهما دوجمة، صنعوا بروازا من الفكر ومن الفقه وسجنوا العالم فيه، اختصروا العقل في نافذة ويجاهدون من أجل إجبارنا على أن نطل إلى الحياة منها.

[email protected]