رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

استمعتوا بالثورة.. فالأفضل قادم!

بعد 7 أيام، يحين موعد المصريين مع 30 يونية، ذلك اليوم الذي يعتبره البعض نهاية ثورة لم تكتمل معالمها، وبداية عهد جديد لا نعرفه، بينما ينظر إليه كثيرون على أنه لحظة فارقة لإعادة ساعة الزمن إلى الوراء، ليعود الماضي برموزه وشخوصه وهدوئه الذي كنا عليه. كنت أشعر بقلق كلما اقترب 30 يونية،

حيث نرى كل فصيل يشهر أقسى ما عنده من ألسنة ويلوح بأقوى ما لديه من أسلحة في وجه الخصوم والمخالفين له في الرأي. بدا القلق على الجميع، حتى حزب «الكنبة» الذي اعتاد العيش في ركن قصي، بعيدا عن ألاعيب السياسة، حتى تهدأ الأمواج فيركب سفينة الحياة، حركته اليوم أزمات كثيرة، وضعته في مرمي نيران القوى السياسية المتناحرة. ظل الخوف من الغد يتسع أمامي، حتى أهداني الزميل عبد الله الطحاوي، الباحث الساخر، الذي يحب التبحر في الأشياء عبر التاريخ، دراسة طازجة أجراها المركز العربي للأبحاث والسياسات في الدوحة، عن نتائج استطلاع «المؤشر العربي» الذي نفذه المركز في 14 دولة عربية.
استطلاع المؤشر العربي لم يكن عاديا، فهو أكبر مسح ينفذ في المنطقة العربية للعام الثاني، تساهم فيه مراكز وفرق بحثية مختلفة، أجرت مقابلات مع 21 ألفاً و350 مستجيباً، في 14 بلدًا، هي: موريتانيا، والمغرب، والجزائر، وتونس، وليبيا، ومصر، والسودان، وفلسطين، ولبنان، والأردن، والعراق، والسعودية، واليمن، والكويت، خلال الفترة الواقعة بين يوليو 2012 ومارس 2013. لهذا النتائج التي تخرج منها لا أعتبرها مؤشراً عادياً، بل يقترب من المثالية في أمور يصعب معرفتها في بلاد تشهد اضطراباً سياساً منذ عامين، وأخرى شديدة التحفظ لا تمكن جهات البحث العلمي من التقاء مواطنيها بسهولة.أدخلت الدراسة على نفسي سروراً من حيث لم أحتسب، فرغم وجود إجماع من قبل الرأي العام العربي على انتشار الفساد المالي والإداري في بلدانهم؛ حيث أفاد92% بأنه منتشر جداً، أو منتشر إلى حد ما، أو منتشر إلى حد قليل، مقابل 4% أفادوا بأنه غير منتشرٍ على الإطلاق، وهي النسبُ نفسها التي ظهرت في استطلاع المؤشر لعام 2011، فإن المؤشر العربي لعام 2012 - 2013، أظهر تقييماً إيجابياً للثورات العربية من جانب أكثرية الرأي العام العربي. فقد اعتبر 61% من العينة، أن الثورات العربية والربيع العربي، تطورات إيجابية، مقابل 22% عبرت عن تقييمٍ سلبي.
أظهرت المؤشرات، أن الأمل في الغد مازال قائماً رغم العتمة التي تبدو أمام عيوننا جميعاً، والعراك الذي تُسال فيه الدماء أحيانا، وأن الحرب التي يسعرها البعض باسم الدين تارة أو ضد الدين تارة أخرى، لها دوافع خفية عن عيون الناس. فالدراسة تثبت أن العرب الذين يعتبرون الدين عنصراً جامعاً للأمة، تعترف أغلبيتهم بأن قرارهم اليومي لا يرجع إلى قواعد دينية، بل قانونية إنسانية محضة. ويؤمن أغلب العرب بأن الديمقراطية هي السبيل الأوحد لتطهير البلاد من الفساد. ورغم عدم اقتناع الأغلبية بدور البرلمانات، وسوء إدارة الحكومات للموارد المالية، بما يدفع 22% من السكان إلى طلب الهجرة، فإن قناعتهم الأولى بأن مشاكلهم ترجع أصلها إلى تراكم الأزمات الاقتصادية وعدم العدالة والمساواة وزيادة معدلات الفقر. وترفض الأغلبية، أن يؤثر رجال الدين في قرارات الحكومة، أو في كيفية تصويت الناخبين، كما رفضت الأكثرية استخدام الدولة للدين للحصول على تأييد الناس لسياساتها، وبالتالي رفض استخدام الدين من قبل المرشحين للانتخابات من أجل كسب أصوات الناخبين. وتكشف الدراسة بعداً جديداً في الشخصية العربية، حيث ترى أكثرية المنطقة العربية أنها إما متدينة جدا (21%)، وإما متدينة إلى حد ما (67%)، مقابل 8% غير متدينة. ومع أن أكثرية أفراد العينة هم من المتدينين، فإن نتائج الاستطلاع أظهرت أن أكثرية المواطنين لا فرقَ لديها في التعامل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بين المتدينين وغير المتدينين.وتبين دراسة الأوضاع العامة، أن أكثرية مواطني المنطقة العربية (73%) قيمت مستوى الأمان في مناطق سكنِهم بأنه «إيجابي جداً»، مقابل نسبة 27% رأت أنه «سيئ» و50% من الرأي العام يرون أن مستوى الأمان في بلدانهم، هو جيد مقابل 47% قيموه بالسيئ.ويعتقد نصف مواطني المنطقة العربية أن المشكلات ذات الأولوية في بلدانهم هي ذات طبيعة اقتصادية (البطالة، والفقر، وارتفاع

الأسعار) و11% قالوا إن عدم الأمان هو أهم مشكلة، و10% يرون أن عدم الاستقرار السياسي هو المشكلة الأهم. وتبين الدراسة أن العرب لديهم معرفة واضحة بالعدو الذي يتهددهم، بخلاف ما تبرزه وسائل الإعلام والسياسات الرسمية للدولة. فهناك تيارٌ واضح يفرض نفسه في كل بلدٍ مستطلع يفيد بأن إسرائيل هي الأكثر تهديدًا لأمن بلدانهم بنسبة 36% وكذلك الولايات المتحدة، 11% هي الأكثر تهديدًا، في حين أفاد 12% بأن إيران هي مصدر التهديد الأكبر.
وتظهر الدراسة أن الشعوب العربية لديها ثقة بجيوشها أعلى من الحكومات والقوى السياسية، حيث أكدت ثقة مرتفعة بمؤسسة الجيش، بينما الثقة بالحكومة، وبمجلس النواب، وبالأحزاب السياسية، هي أقل من الثقة بالجيش وأجهزة الشرطة. وجاء تقييم أداء المجالس التشريعية على صعيد رقابتها على الحكومات أو الإنفاق، أو رعاية مختلف فئات المجتمع، سلبياً في مجمله، وأن تقييم أداء الحكومات على مستوى السياسات الخارجية، والسياسات الاقتصادية، والخدمات، غير إيجابي بالمجمل؛ إذ إن 30% إلى 42% قيموا الأداء الحكومي بالإيجابي، مقابل 45% 55-%  قيموا الأداء الحكومي بالسلبي. هذه السلبية تشير إليها الدراسة بقناعة 22% من الرأي العام بأن دولهم تطبق القانون بالتساوي بين المواطنين، بينما رأي 50% أنها تطبق القانون بين الناس ولكنها تُحابي بعض الفئات، ورأى 22% أنها لا تقوم بتطبيق القانون بالتساوي على الإطلاق.
وتشير الدراسة إلى وجود قناعة لدى الرأي العام العربي بأهمية التوجه نحو الديمقراطية، حيث يعرف 36% من مواطني المنطقة العربية الديمقراطية بأنها ضمان الحريات السياسية والمدنية و17% منهم أفادوا بأن الديمقراطية هي ضمان المساواة والعدل بين المواطنين. و15% قالوا إن إنشاء نظامٍ ديمقراطي (يضمن تداول السلطة، والفصل بين السلطات)و6% عرفوا الديمقراطية بضمان الأمن والاستقرار، و3% عرفوها بتحسين الأوضاع الاقتصادية. وترفض أغلبية مواطني المنطقة العربية مقولات ذات محتوى سلبي عن الديمقراطية ويظهر حماسهم لها باقرار أغلبية الرأي العام النظام الديمقراطي بنسبة 68%، مقابل 18% يعارضونه. ورأت أغلبية المستجيبين في استطلاع المؤشر العربي أن توافر الحريات العامة والسياسية وحريات التجمع والتنظيم، وتوافر مبادئ تداول السلطة والفصل بين السلطات، في بلدانها مهم لبلدانها وأن النظام الديمقراطي هو النظام الأكثر ملاءمةً لأن يكون نظامَ حكمٍ في بلدانهم، رغم قناعة كافة العينات بأن مستوى الديمقراطية في البلدان العربية، لم يتعد 50% في الدول التي تمتعت بها.
وتظهر الدراسة مدى اهتمام العرب بالمشاركة في الشئون السياسة في بلدانهم، حيث تتابع أكثرية المواطنين القنوات التليفزيونية لمعرفة الأخبار السياسية (78%)، فالإذاعات، فشبكة الإنترنت. وحظيَت قناةُ الجزيرة للعام الثاني على التوالي، بالمرتبة الأولى كأكثر مصْدرٍ إعلامي للحصول على الأخبار السياسية، وبنسبة 23% فالقنوات التليفزيونية الوطنية 17%، فقناة العربية 8%.. بعد قراءة الدراسة أصبحت عندي أمل في أن الثائرين سيمشون في الاتجاه الصحيح.
[email protected]