عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نار الشيوعية ولا ديمقراطيتك يا‮ "‬وطني‮"!‬

 

النزاهة المفقودة التي وعد الرئيس مبارك بتحقيقها،‮ ‬قبل الانتخابات لم يرها أحد ولم نشتم ريحها،‮ ‬وواضح أننا في ظل هذا النظام لن نعرف شيئاً‮ ‬عن حياة ديمقراطية سليمة‮.‬

راحت أيام الانتخابات بكل سوءاتها،‮ ‬وشغل البلطجة والتزوير و»حلق حوش‮« ‬الذي احترفته حكومات الحزب الوطني‮. ‬وجاءت النتيجة علي مزاج اللاعب الوحيد،‮ ‬بأن حصل الحزب الوطني علي‮ ‬85٪‮ ‬من مقاعد مجلس الشعب،مضافا إليها‮ ‬10٪‮ ‬من مقاعد المستقلين المتخفين في لباس‮ ‬غير لباس‮ »‬الوطني‮«.. ‬ومن أجل أن يظهر النظام أنه آخر ديمقراطي،‮ ‬زور نتائج لمرشحين من المعارضة،‮ ‬عيني عينك،‮ ‬وأجبر نواب يسبحون باسمه أن ينضموا لأحزاب معارضة أخري‮. ‬كل الفضائح التي رصدتها أجهزة الإعلام لم تهز النظام،‮ ‬ولن تزعجه خلال الفترة المقبلة،‮ ‬لأنه لا يخشي من شعب استطاع رشوة أغلبيته ببضعة جنيهات للاستيلاء علي أصواتهم طوعا أو كرها،‮ ‬ولا من المنظمات والدول الأجنبية التي أدانت التزوير الفاضح في الانتخابات‮. ‬فالنظام يعلم أن الخارج عينه علي البلد من منظور آخر،‮ ‬وهو الأمن‮. ‬فضياع الأمن في البلد معناه أن مصالحهم في المنطقة أصبحت مهددة‮. ‬والديمقراطية في نظر الكثيرين منهم تعتبر مصدر تهديد للأمن،‮ ‬لأن النظام استطاع أن يصدر لهم فكرة الفزع من التيار الديني المسيطر علي المسلمين والمسيحيين حالياً،‮ ‬خاصة مع وجود قوة سياسية مثل الإخوان المسلمين‮. ‬وأصبح لدي الغرب عقدة من المسلمين سواء الذين يعملون علي النظام التركي أو علي شاكلة بن لادن،‮ ‬فكل المسلمين يوضعون عند الغرب في سلة واحدة‮. ‬

فزاعة الإخوان المسلمين لم تصدر للغرب فقط،‮ ‬بل استخدمت ضد الوفد قبيل بداية الانتخابات بساعات،‮ ‬عندما طلبت قيادات الحزب الوطني بكل بجاحة من حزب الوفد أن يصدر بياناً‮ ‬يسب فيه جماعة الإخوان،‮ ‬وعندما رفض الوفد الانزلاق إلي مستنقع السفالة،‮ ‬كان جزاؤه الضرب في المليان،‮ ‬والعمل علي إسقاط مرشحيه بشتي الطرق‮. ‬وكما سحقت جحافل الوطني الإخوان،‮ ‬مارست نفس الجرم مع حزب ليبرالي كبير مثل الوفد،‮ ‬ولم تستح قيادات الوطني وهم يطلقون علي نتائج انتخابات أعادت ذكريات الناس إلي نظام الحزب الواحد،‮ ‬بأنها كانت عملية انتخابية نزيهة‮!‬

النزاهة المفقودة التي وعد الرئيس مبارك بتحقيقها،‮ ‬قبل الانتخابات لم يرها أحد ولم نشتم ريحها،‮ ‬وواضح أننا في ظل هذا النظام لن نعرف شيئا عن حياة ديمقراطية سليمة،‮ ‬وهي من الشعارات الأولي التي اخترعتها حكومات ثورة يوليو ولم تتحقق منذ‮ ‬60‮ ‬عاماً‮. ‬وكما أصبح التيار الديني فزاعة،‮ ‬تحول التيار الليبرالي إلي مصدر تخويف للآخرين،‮ ‬الذين أقنعهم النظام بأن الديمقراطية في مصر تعني شيئين‮: ‬إما أن تعيش مصر في حالة من الفوضي أو يأتي حكم شعبي كاره لإسرائيل وكل من تربطه بها علاقات،‮ ‬وفي الحالتين يكون التغيير في نظر الأجانب هو الخيار السيئ‮. ‬

أصبحنا نعيش بين قبضتين الأولي حاكمة والآخري تساند النظام بشتي الطرق،‮ ‬لهذا لم تخرج صرخات المحتجين عن أروقة المنظمات الحقوقية والجمعيات الأهلية وأحزاب المعارضة في الخارج والداخل،‮ ‬بينما نتعرض للقمع والعصر العلني،‮ ‬ومطلوب منا ألا نصرخ أو نترك الساحة لها شاغرة ليلعبوا وفق أهوائهم‮. ‬أوشك الاحباط الذي علق بصدورنا بعد ملهاة الانتخابات،‮ ‬أن يقتل أي أمل فينا،‮ ‬لولا أن بدرت لي فكرة رأيت أن أهديها للحزب الوطني الحاكم،‮ ‬والذي سيحكمنا‮ ‬غصبا إلي الأبد‮. ‬سبق للعديد من الكتاب تناول الفكرة من منظورهم الخاص،‮ ‬علي مدار الأيام الماضية،‮ ‬بأن دعوا إلي عودة العمل بنظام المنابر السياسية بعد أن سيطر أحمد عز وجنوده علي البرلمان بالقوة،‮ ‬وطالب آخرون الاعتراف بنهاية الحياة السياسية،‮ ‬وأن يبدأ التصعيد الأحمر في مواجهة السلطة باعتبار النظام مغتصباً‮ ‬لإرادة شعب يجب تحريره ولو بالقوة‮. ‬

الهدف في الرؤيتين واضح،‮ ‬وإن اختلفت النتيجة،‮ ‬ولكن آثرت أن نتجه معا إلي التفكير في حياة أخري شاهدتها في الدول التي مازالت متمسكة بالنظام الشيوعي اللينيني‮. ‬فبدلا من إنفاق نحو‮ ‬200‮ ‬مليون جنيه من ميزانية الدولة علي تنظيم العملية الانتخابية،‮ ‬يستفيد منها ربع مليون موظف و2000‮ ‬قاض وافقوا علي المشاركة في هذه العملية،‮ ‬وإهدار نحو‮ ‬500‮ ‬مليون جنيه أخري علي الدعاية والكلام الفارغ،‮ ‬نوفر كل هذه الأموال‮. ‬وبدلا من إرباك الناس في اختيارات بين أحزاب حكومة ومعارضة ومستقلين وتيار ديني وناس لا دين لها ولا أخلاق،‮ ‬ويسفيد من الهوجة أرباب السوابق والبلطجية والسماسرة،‮ ‬نريح نفسنا علي الآخر‮. ‬وبدلا من فضح أنفسنا أمام

الأجانب،‮ ‬شوية نشتم بعض وواحد يقول لآخر يا ديمقراطي،‮ ‬والثاني يرد يا برجوازي يا متعفن،‮ ‬لما لا نجنب أنفسنا كل المتاعب،‮ ‬ونفضها سيرة علي الآخر؟‮!‬

النظام الذي رأيته في الصين الشعبية المتمسكة باللينينية الماركسية،‮ ‬طلع أنه أفضل من ديمقراطية الحزب الوطني الديمقراطي‮. ‬الأول لا بيقول إنه ديمقراطي ولا حاجة واستطاع بعد ثورة‮ ‬1949‮ ‬أن يحفظ ويصون قيمة الأحزاب التي حاربت في صفوفه قوي الاستعمار‮. ‬فالنظام الشيوعي كان وفيا لأصدقائه في أيام المحن،‮ ‬لذلك حافظ عليهم،‮ ‬رغم تعرض البلاد لثورة ثقافية قتلت الملايين من البشر ولم تفرق بين أنصار وخصوم النظام،حتي استقر الحكم وانطلقت الصين إلي عصر الانفتاح منذ‮ ‬30‮ ‬عاما‮.‬ً‮ ‬عرفت الصين طريقها للأسواق المفتوحة وأدخلت أحدث نظم الإدارة في المؤسسات العامة والخاصة،‮ ‬ووضعت السلطة تحت رقابة أجهزة فنية كثيرا ما أوقعت وزراء ومسئولين فاسدين في السجون‮. ‬توسع النظام الشيوعي في ضم أعضاء من الشعب بين صفوفه فزاد من بضعة ملايين إلي‮ ‬80‮ ‬مليونا أصبحوا يحكمون ملياراً‮ ‬و350‮ ‬مليون نسمة،‮ ‬وهي نسبة عالية إذا اعتبرنا أن حزب جمال وعز،‮ ‬أي حزب‮ »‬الواحد ونص‮« ‬أصبح يحكم أكثر من‮ ‬80‮ ‬مليون مصري‮. ‬وتوسعت الحكومة الشيوعية في الصين في تبجيل أحزاب المعارضة الثمانية،‮ ‬وتطلق عليهم الأحزاب الديمقراطية،‮ ‬وتمنح رؤساءها فرصة التمثيل في المجالس الاستشارية الشبيهة بمجلس الشوري بالتعيين،‮ ‬وتضعهم في عضوية المجالس علي مستويات البلديات والمناطق،‮ ‬بل توفد بعضهم في مهام بالخارج لتظهر أن الدولة بها تحول علي المستوي السياسي يواكب نموها الاقتصادي الرهيب‮. ‬

عندما أجريت مقارنة بين ما يفعله حزب شيوعي لينيني يحكم الصين منذ‮ ‬60‮ ‬عاما وحزب يدعي أنه ديمقراطي جاثم علي قلوبنا منذ‮ ‬60‮ ‬عاما أيضاً‮ ‬وجدت فرقا كبيرا‮. ‬فالصين لا ترفض الديمقراطية ولكنها تقول إن الشعوب في حاجة إلي توفير لقمة العيش الكريم لها قبل أن يطلب منها أن تدلي بآرائها‮. ‬ومن ينظر إلي حالنا يعرف أن الرشوة التي كانت تدفع للبسطاء دفعتهم دفعا إلي اللجان الانتخابية‮. ‬وتمكنت الصين خلال فترة الانفتاح رغم أننا سبقناها إليه بأربع سنوات من أن ينمو دخل الفرد الحقيقي‮ ‬5‮ ‬أضعاف،‮ ‬بينما نحن نزداد فقرا وتخلفا‮. ‬الصين انطلقت لتصبح القوي الاقتصادية الثانية في العالم،‮ ‬بينما المصريون يهربون إلي بلاد الله خلق الله بحثا عن فرصة عمل،‮ ‬وإن تعرضوا للموت‮ ‬غرقا أو سحلا علي يد اللئام من أهلهم حاملي بطاقة الكفيل‮. ‬

لقد وضعنا نظام الحكم في مأزق فمن ناحية،‮ ‬لا ينوي التحول أبداً‮ ‬إلي نظام ديمقراطي،‮ ‬وفي الوقت نفسه لن نجرؤ علي الخروج عليه بحمل سلاح أو سكب نار أشعلها في قلب الوطن،‮ ‬وفي النهاية لن يكون أمامنا سوي التسليم لقيوده ونفوذه الغاشم‮.. ‬لذا سنرضي الآ ن بنظام ثبت فساده،‮ ‬بشرط أن يوفر كما يفعل الشيوعيون الخبز الكريم والعمل والمدارس للملايين الذين يتمنون نار الشيوعية ولا جنة الوطني‮.‬

 

[email protected]