رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سباق القساوسة والشيوخ علي السلطة!

القساوسة والشيوخ كانا شريكين للنظام البائد في تهدئة الناس، فماذا جري وجعلهما في سباق علي قيادات المظاهرات بعد توقف نداء الجهاد؟.

وسط أجواء الفوضي التي تعيشها البلاد، خرج من بين الأنقاض قساوسة ومشايخ يقودون المظاهرات ويحركون الناس أفرادا وجماعات في مظاهرات ترتدي ثوبا سياسيا، بينما هي في حقيقة الأمر تسكب النار علي الزيت. فها هو الأب ماتياس قسيس كنيسة العذارء في المرج يقود مظاهرة حاشدة أمام ماسبيرو احتجاجا علي حرق كنيسة مار مينا في امبابة، التي راح ضحيتها 10 مسلمين وقبطيين، وعشرات الجرجي أغلبهم من المسلمين، بعد احتجاز المدعوة عبير داخل الكنيسة بعد أن أعلنت أسلامها. وها هو الشيخ فلان بن علان يقود مظاهرة في قرية صول بمدينة أطفيح مطالبا باخراج المسيحيين من صول بعد أن تلاعب شاب قبطي بصديقته المسلمة التي قبلت معاشرته علي مدار عام كامل.

في المشهد الأول لم يكن الأب ماتياس واقفا بمفرده بل متحصنا بغيره من القساوسة الذين جاءوا من أنحاء البلاد، يقودون الشباب ويطالبونهم بالتمترس أمام التلفزيون، فيقطعون طريق الكورنيش كي يتوقف قلب العاصمة عن العمل، لحين الاستجابة لمطالب لا علاقة لها بالحادث الذي أصبح أمره بين يدي القضاء. وفي المشهد الثاني تخرج أصوات تدعو الشباب إلي التصدي لما يزعمون بأنه مخطط قبطي للقضاء علي الإسلام. تصدر القساوسة والشيوخ للمشهد السياسي في الأيام الماضية أصبح أمرا ملفتا، فالطرفان كانا شريكين للنظام السياسي السابق في تهدئة الناس، فماذا جري وجعلها في سباق علي قيادات المظاهرات وتأليب الجماهير؟.

تصرفات القساوسة والشيوخ واكبتها حملات إعلامية ضخمة في الفضائيات، واستخدام موسع لبعض الصحف التي تتحرك وفق هوي شخصيات تريد أن تظل الفتنة مشتعلة كي تنجو بما غنمت من النظام البائد والأموال التي تدفقت عليها من الخارج. تحول الطرفان إلي زعماء سياسيين، يرفعون رايات العصيان ويقطعون الطرق وينامون في الشوراع وعلي قضبان السكك الحديدية، مستغلين حالة الرخاوة التي تمر بها الدولة، لتكريس أوضاع يحسبون أنها ستخدم أهدافهم إلي الأبد. جاء تشدد بعض القساوسة بأن نادوا علنا بضرورة تدخل قادة الدول الغربية، وبابا الفاتيكان في المسألة القبطية لمصر، لحماية المسيحيين وضمان حقوقهم وهو الأمر الذي كانت ترفضه الكنيسة المصرية منذ ميلادها في الإسكندرية قبل ظهور الإسلام بمئات السنين. وعلي المقابل استنجد مشايخ بأقرانهم في الدول العربية ليمولوا مشروع الدولة الإسلامية في مصر. ويتولي كل طرف تجنيد الشباب، وصفهم وحشرهم كوقود في معركة بدأت تستعر ولا نعلم إلي أي منحي ستأخذ البلاد!.

رايات القساوسة والمشايخ ترفع في كل ركن، تغذي مشاعر الفتنة تارة تحت ستار خطف كاميليا لإجبارها علي أن تكون مسلمة وأخري تحت زعم أن كاميليا مسلمة ويريد المسلمون أن تعود لأخواتها، وفجأة تظهر كاميليا علي قناة مسيحية لتعلن أنها ما كانت مسلمة قط. وفي المرة التالية نجد الفتاة عبير وقد أسلمت فخطفت داخل مارمينا، وجاء تلامذة المشايخ لتحريرها من يد الأقباط الذين يطلقون سراحها خوفا من المساءلة. هكذا أصبح الوطن لعبة في يد المتعصبين من الطرفين وكأنه ساحة معركة من أجل الشرف والغيرة علي العرض، بينما واقع الأمر أن المتصارعين لديهما مشروع خفي، لا يعلم حدوده إلا الشياطين التي تحركهما معا.

غموض تصرفات القساوسة والمشايخ، تدفعنا للتساؤل: أين كانوا عندما كان النظام السابق، يلقي بالمعارضين خلف القضبان، فلم نر لهم دعوة لمظاهرة ضد الفساد ولا الظلم والطغيان؟. فقد كانت قادة الكنيسة المصرية في وفاق تام مع الرئيس السابق حسني مبارك، وتضع معارضيه في خانة الحرمان، إلي أن تقع أحداث ليست علي هوي البابا فتصبح رموز المعارضة هذه أدوات لتحريك الصراع مع السلطة، وحين تنقشع الأزمة يعود السمن إلي العسل والدعوات الصالحات لقادة النظام. وكم من مرة صدرت الفتاوي من المشايخ في المؤسسات الدينية الرسمية والبعيدة عن السلطة تحرم الخروج علي الحاكم، ولو لمجرد التظاهر باعتبارها من الوسائل التي تفتت شمل الأمة وتؤدي إلي زوالها. بل هناك بعض الشيوخ الذين أباحوا للرئيس السابق أن يعين نجله في مكانه باعتباره خليفة المسلمين، وتبعتهم في ذلك الكنيسة المصرية.ومن المدهش أن بعض هؤلاء من أفتي بحرمة

الأحزاب وتعددها في الشارع المصري، باعتبار أن الإسلام الصحيح من وجهة نظرهم، لا يعرف إلا حزبين لا ثالث لهما، وهو حزب الله، وحزب الشيطان، وبالتالي كل من كان في جوقة السلطة فهم حزب الله ومن يقف ضدها فقد كان في حزب الشيطان سواء كان مسلما أو قبطيا!!. الآن يقود هؤلاء المظاهرات، بل منهم من يطلب تشكيل حزب سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية والرئاسية، لإقصاء باقي الأحزاب عن السلطة، دون أن يحدد لنا لأي فئة ينتمي لحزب الله أم أصبح هو الآخر في حزب الشيطان؟!.

الظاهرة الخطيرة التي نحن بصددها أننا أمام عمائم ترفع شعار إسلامية الدولة، وهو شعار لا يضيف للواقع شيئا، فمصر ستظل دولة إسلامية غصبا عن الجميع وإن حذفت المادة الثانية من الدستور. فبحكم التعداد السكاني والجغرافيا والتاريخ  مصر دولة إسلامية، ولا مناقشة لهذا الأمر علي الإطلاق، سواء تمت عن طريق الأدوات الديمقراطية علي النهج الغربي أو الشرقي، أما أن تكون مصر مسيحية أو دولة غير دينية فهو أمر غير وارد علي الإطلاق، بحكم الثقافة والخلفية الفكرية لأغلبية لم تتعرض لما مرت به الدول الغربية من تفسخ في علاقة المواطنين بالكنيسة والأديان. الذي لا يدركه هؤلاء القساوسة والمشايخ أن الناس لا تريد حكما دينيا، يرفع راية الطاعة العمياء للفقيه فإن أفلح فلحوا أو أخطأ أودي بهم في النار، بل يريدون أن يٌحَكَم فيهم (بضم الياء وفتح الحاء)، بحيث يصبح الدين هو طريقة المعاملة بين الناس. فلم يدع الدين الإسلامي أو المسيحي إلي قتل ولا ترويع للناس ولا سرقة ولا فساد في الأرض، ولا تنابز ولا تنافر ولا نفاق ولا تعال بين البشر. فالأديان في أصلها السماحة والعفو وحسن الخلق والتعاون، وهي أمور ندر وجودها الآن بين كل مسلم ومسيحي، فلم يتهافت علينا الشيوخ والقساوسة ليحكمونا قبل أن يعلِمونا الحِكمة التي يدعو لها الإسلام والمسيحية السمحاوين؟!.

لماذا يصر هؤلاء إلي جرجرة البلاد إلي مستقبل مظلم ولا يستمعون إلي عقلاء مثل الأب فيلوباتير كاهن الكنيسة الأرثوذوكسية الذي طالب بمحاكمة رجال الدين المتطرفين من الجانبين الذين يتحدثون في القنوات التي تدعي التحدث باسم الإسلام أو باسم المسيحية، ولا نصائح الدكتور محمد سليم العوا الذي وصف أحداث إمبابة بـ"الفتنة الطائفية" قائلاً، "ما تعيشه مصر ليس بفتنة طائفية انما هي جرائم فساد أخلاقي برداء ديني فلا يصح ان يُقتل مواطنون مصريون بسبب علاقة رجل بامرأة وعلي رجال الدين الاسلامي و المسيحي ان يخشوا الله وعلينا ان نتوقف عن الحديث في مثل هذه الموضوعات".

هذا هو صوت العقل فماذا أنتم فاعلون يا قساوسة ومشايخ المظاهرات التي تحركت بعد الثورة حينما توقفت عجلة الجهاد، حان وقت العمل لما فيه صالح الشعب والبلاد؟.

[email protected]