عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شبكات الفساد.. "جرانة« ـ »شوري" نموذجا!!

قبل أن يتولي زهير جرانة منصبه كان قد أوشك علي الإفلاس وكذلك ابن خالته، وخلال 5 سنوات كونا شبكة فساد بخلطة سحرية امتلكت 18 شركة، أصولها من المال العام ودم الفقراء.

 

حالة البهجة التي أصابت المصريين، بعد القبض علي الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه وحكومته، للتحقيق معهم في قضايا الفساد وقتل المتظاهرين، دفعت أصواتا إلي التوقف عن مطاردة آخرين. البعض تحركه دوافع صادقة لرغبتهم الانتقال من مرحلة التحرير إلي التغيير وعودة الحياة الطبيعية للاقتصاد والشارع، بينما يخشي أناس أن تنجرف البلاد إلي مستقبل مجهول. في المنطقة الوسطي بين الموقفين المتناقضين، لاحظنا أن مخططات تدرس وتنفذها أطراف عديدة، في صمت تارة وأخري تستخدم المال تسخر به أقلاما وفضائيات وكتاباً ومسئولين، لإبعاد عيون الناس عن شبكات الفساد التي مازالت تتحكم في إدارة الدولة بدون أن ندرك مدي قوة فسادها وقدرتها علي إدارة شئون الدولة!.

في مصادفة لرصد واقعة فساد كبري تعرضت لها منذ 4 سنوات، في بداية فواح رائحتها، حيث كتبت في حينه علي مدار 8 مقالات متصلة، عن دور وزير السياحة السابق زهير جرانة في توزيع الأراضي علي محبيه، ومنحه تصاريح بشركات سياحية لقيادات بالحزب الوطني وبعض أقاربه، وتوزيع ميزانية الوزارة علي بعض مستشاريه، ممن ثبت فسادهم المالي والأخلاقي. في هذا التوقيت تمكن الوزير السابق أن يوقف الحملة التي بدأتها، مستغلا قدرته السياسية وعلاقاته بشخصيات مهمة في الدولة وداخل الوفد ذاته. بدأ الوزير حملة تلميع قوية في الصحف قادها زملاء في المهنة لدرجة وضعتني كالصوت النشاز في جوقة العازفين. بعد الثورة، آليت علي نفسي ألا أعود لحرب فشلت من قبل في استكمالها، رغما عني، خاصة أن الوزير دخل السجن وأصبح رهن التحقيق في نفس وقائع الفساد التي ذكرتها من قبل، حتي لا أكون من الشامتين والعياذ بالله. فجأة عادت القضية بين يدي حينما قرأت تحقيقا في عدد  "الوفد الأسبوعي" نهاية الشهر الماضي، عن فساد وزير السياحة السابق، وارتباط ذلك الفساد بمجموعة " شوري" القابضة التي يملك أغلب أصولها ابن خالة الوزير جرانة، فقد لاحظت أن الشركة شنت حملة مدفوعة الأجر ضد الجريدة، في العديد من الصحف، دون أن تركز في ردودها علي ما لدي الصحفيين من مستندات، وتستغل علاقات بعض رموزها في منع نشر أية معلومات ضد الشركة أو الوزير بشتي الطرق.

دفعني موقف الوزير وشركته إلي البحث بنفسي عن المستندات التي تدرسها النيابة حاليا عن الفساد الذي ارتكبه، وفجعت بعد أن وقع بين يدي عشرات المستندات التي أدعو النائب العام إلي استدعائي لتقديمها إليه كمستندات رسمية تدل علي الفساد السياسي  وأهمية أن نوقظ الشعب من نشوته ليواصل حربه ضد شبكات الفساد التي صنعها النظام السابق، حتي لا يفاجأ بأن الثورة ضاعت في مهب الريح.

تؤكد المستندات الرسمية التي نعرضها للكافة أن شبكة الفساد التي كان يديرها زهير جرانة كانت عملية ممنهجة، في الوقت الذي تولي فيه منصبه كانت شركته الخاصة تعاني من خسائر فادحة كادت تودي به للسجن. وعندما تولي منصبه الوزاري كان ابن خالته محمد أشرف حامد الشيتي هاربا من تنفيذ أحكام بالسجن عام، لعدم قدرته علي دفع مليونين ونصف المليون جنيه لأحد دائنيه. الآن بعد 5 سنوات فقط أصبحت مجموعة »شوري« التي يديرها ويملك أغلب أصولها محمد أشرف  حامد الشيتي وهو بالمناسبة غيرـ حامد الشيتي صاحب الشركات السياحية المعروف ـ مجموعة قابضة تملك  أصولا قدرها مليار و200 مليون جنيه، ويبلغ حجم أعمالها ـ كما يذكر موقعها الخاص علي الإنترنت ـ 2مليار و600 مليون جنيه سنويا.

برصد الأعمال التي تقوم بها شركات " شوري" تبين أنها تعمل من خلال 18 شركة تابعة في مجالات السياحة والفنادق واستصلاح الأراضي، واستيراد المبيدات والتجارة والأسمنت، والاستشارات والاستيراد والتصدير. أعمالها المتشعبة من الأمور العادية في سوق مفتوح، ولكن عند  مراجعة نوعية الأعمال تجد أن نشاطها نما قدر نمو الفساد السياسي في الدولة. فالأراضي التي تحصلت عليها الشركة من الدولة، تمت بعد تعيين ابن رئيس شركة ريجوا للاستصلاح الزراعي العامة والتي بيعت بعد ذلك بخسا للقطاع الخاص. والمنتجعات السياحية التي تملكها وتديرها جاءت بأوامر من

زهير جرانة ابن خالة رئيس الشركة،الذي أدار الأمر كمالك عزبة؛ حيث كان الطرف المانح للأرض من جهة ومن جهة أخري أصبح مالكها هو وابن خالته  ورئيس مجلس إدارة في شركة تابعة وأحيانا يكون عضواً منتدباً ومفوضاً مالياً علي إحدي الشركات التي تؤول إليها ملكية الأرض. التعاون بين الوزير وابن خالته لم يتوقف عند هذا الحد فنمو الشركة جعلها في حاجة إلي شخصيات أخري أقوي، لذا عندما توسعت في استيراد المبيدات واتهمت بجلب مواد مسرطنة تضر بالفلاحين أرادت إثارة زوبعة ضد وزير الزراعة الأسبق أحمد الليثي، ولم تجد أفضل من بعض الأقلام المأجورة لمحاربته، فضمت أقلاما إلي عضوية مجالس شركاتها. وعندما أرادت فتح باب الاستيراد لنفس المبيدات ضغطت علي وزير الزراعة السابق، بتنظيم حملة شوهته وعائلته، حتي أتاها طائعا وكان أول قرار وقعه بعد توليه الوزارة استيراد المبيدات التي تطلبها الشركة المتهمة بسرطنة المصريين حتي تتوقف الحملات ضده. ولضمان السيطرة علي سوق الأسمدة الزراعية ضمت شقيق وزير سابق إلي عضوية مجالس إدارات العديد من شركاتها، بما أدي إلي تحقيق مكاسب طائلة جراء احتكار العديد من الصفقات التي رفعت أسعار الأسمدة بصورة خيالية للفلاحين المساكين.

توصل جرانة وابن خالته محمد أشرف الشيتي إلي الخلطة السحرية التي مكنتهما من تحقيق مليارات الجنيهات خلال 5 سنوات فقط، وحولتهم من مفلسين إلي أصحاب المليارات. هذه الخلطة اعتمدت علي ضم بعض الوزراء والمسئولين ورجال شرطة وصحفيين ومحامين في مجالس إدارات الشركات التابعة لهم،بحيث تجد الفرد منهم ضمن التشكيلة المهمة في مجلس إدارة كل شركة. فتارة زهير جرانة عضو مجلس إدارة  في شركة شوري فودز بينما ابن خالته رئيس مجلس الإدارة، وفي شركة رويال للتأجير التمويلي المحظور التعامل حولها حاليا، نجد الوزير جرانة رئيسا لمجلس إدارة الشركة بينما ابن خالته رئيس مجلس إدارة، ووليد علي محمود ورور عضو مجلس إدارة. وفي شركة كريس للاستثمارات السياحية نجد الشيتي رئيسا وزهير جرانة عضوا بصفته أحد ملاك مجموعة شركة شوري القابضة للتنمية الاقتصادية، ووليد علي ورور عضو مجلس إدارة.

بمراجعة صحيفة السجل التجاري المصدر من وزارة التجارة والصناعة والذي حصلنا عليه الأسبوع الماضي، نجد تكرار المسئولين الكبار في المجموعة بين الشركات التابعة بنظام تغيير الكراسي، بين الملاك وبعض رجالهم، خاصة الصحفيين وضباط الشرطة والمحاسبين والمحامين، كنوع من التحايل، بينما أوراقهم الرسمية المجمعة لدينا تفضح هذه التجمعات التي اكتشفنا أنها أفضل نموذج حي للفساد الممنهج الذي كان يقوده نظام فاسد، جعل من يقتربون منه أشد منه فسادا وقدرة علي تحريك الأمور في غيبة تامة من سيادة القانون.

المستندات تحت أيدينا للعامة والخاصة، نعرضها لمن يطلبها حتي يحقق ويتحقق، وينضم إلينا في مطاردة شبكات الفساد أيا كانت، حتي لا يضيع دم الشهداء هباء.

[email protected]