رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وثائق إعلان الحرب!

انتهي شهر العسل الأمريكي مع مصر، وحان وقت المواجهة الحتمية منذ سنوات.. سار علي النهج الأمريكي، زعماء الاتحاد الأوروبي الذين يمشون في ذيل العملاق الذي يحمل جينات جنرالات الحروب الصليبية في عظامه منذ قرون.جاءت نهاية شهر العسل، في وقت نسعي فيه إلي عيش حياة الحرية، وتطبيق مناهج مبادئ العلوم السياسية التي درسناها في كتب المفكريين الأوروبيين العظام،

كي نحظي مثلهم بدستور يقيم دولة القانون، ويقر مبادئ العدل والحرية والمساواة. كنا نريد العيش كما عاشوا في ظل الثورات الأوربية والأمريكية الكبري، التي عمقت مفاهيم الإصلاح السياسي والاجتماعي، التي وفرت للناس نظاما ديمقراطيا يؤمن لهم أرزاقهم وعلاجهم ويمنح كل فرد فرص متساوية في الحقوق والواجبات، بما يجعل الفقير مليونيرا والبائس رئيساً، طالما أدي ما عليه واجتهد في عمله.
كثيرا ما راودنا الحلم الأمريكي الذي نشاهد بعض آثاره في أفلام السينما ودراما الواقع عندما يتحول شخص عادي إلي مليادير لمجرد امتلاكه موهبة أو قدرة علي الإبداع.. كان هذا الحلم وراء دافع الكثيرين منا في تغيير البيئة الفاسدة التي عشنا فيها لسنوات عديدة، فإذا بنا نكتشف أن تلك الأماني مجرد خزعبلات في مخيلاتنا، لأن السياسيين الغربيين والأمريكان بخاصة يريدون لنا واقعا آخر.. فهؤلاء الذين اهتموا بفكرة الإصلاح في الشرق الأوسط، اهتموا بذرع كيانات تدير المجتمع من الباطن، ومن خلف ستار الحكومات، وأحياناً بمعاونة بعض عملائها، تعمل علي تغيير البيئة السياسية في المنطقة بما يتوافق مع رؤيتهم ورغباتهم فقط.. لذا كثرت في العقد الماضي الجمعيات الممولة أمريكيا وترعرع نشاطها في كل مكان، وبمشاركة المسئولين الذين يصنعون علي عين العملاء أو بعيداً عنهم.. لقد اعتقد الأمريكان أن المليارات التي سيصبونها في جيوب العملاء والمنظمات التي تعمل وفق أعرافهم، قادرة علي تغيير مصر ودول المنطقة في الاتجاه الذي تحدده.
تعرضت الولايات المتحدة والغرب عامة لخدعة كبيرة، عندما اعتقدت أن التقارير الكثيرة والمبالغ فيها، التي تكتبها الجمعيات الممولة قادرة علي صناعة رموز في البلاد، يمكنها أن تحرك الناس في الاتجاه الذين يشيرون نحوه.. لم يكتشف هؤلاء السذج أنهم تعرضوا لخدعة كبيرة إلا عندما قامت ثورات الربيع العربي، خاصة في تونس ومصر، فهؤلاء كانوا يعتقدون أن تونس التي دعموا فيها نظاماً علمانياً يرفض إقامة الشعائر الدينية ويجبر الناس علي مخالفة أديانهم، انقضت علي رئيسها فأزاحته خلال أيام، ومصر التي حرص رئيسها وزوجته ورجاله علي خلع ثوبها الإسلامي والعروبي بأي طريقة خرجت عن بكرة أبيها، وتخلع وتداً من أوتاد الأمريكان في المنطقة، وفي الحالتين جاءت التحولات الديمقراطية بالأغلبية التي تنتمي للتيار الديني بكافة توجهاته.
جاءت الثوارت العربية بانقلابات علي ثوابت الغرب التي أراد تكريسها في المجتمع المصري والعربي، فإذا به يرفض الاعتراف بتلك التحولات، ويزيد من ضخ أمواله للفلول التي اعتادت القبض منه والعمل لحسابه.. من هذا الوقت حلت لعنات الولايات المتحدة علي مصر، وبدأت بتهديد المجلس العسكري بقطع المعونات عن البلد، وعندما لم تنفع تلك التهديدات، مع شعب يفضل كرامة الوطن وسيادته علي الحياة ذاتها، دخلت المعركة معتركاً جديداً.. لم تلبث الولايات المتحدة أن أججت حربا ضد القضاء المصري، وذهبت السفيرة الأمريكية الراحلة والجديدة إلي رئيس اللجنة العليا للانتخابات، متقمصة دور المندوب السامي البريطاني، تارة بحجة الاطمئنان علي صحة العملية الانتخابية وأخري لضمان حرية الأقباط والأقليات الدينية والسيدات في التصويت.
لم يزل الأمريكيون يشيعون البغضاء بين المصريين عبر قنواتها المسمومة، فبعد القبض علي العديد من عملائها الجواسيس في ميدان التحرير، وجهت جهودها ناحية أجهزة الأمن القومي المصري، للنيل من سمعتها.. فلم يكن خافياً علي أحد أن التشكيك في قدرات المخابرات المصرية، والحرب عليها واكب تجميع ملفات الجمعيات الممولة من الغرب وأمريكا علي وجه الدقة، لتقديمها إلي النيابة العامة للتحقيق في كيفية تقديم الخارجية الأمريكية وبعض الدول الغربية أموالا طائلة للعديد من الشخصيات التي تستهدف إشعال فتن سياسية وطائفية في البلاد. ووضعت المؤسسات الأمريكية خططا لتمويل بعض الشخصيات في معركة الانتخابات البرلمانية، وعندما فشلت في الزج بهم داخل البرلمان، وجهت أنظارها لمعركة الرئاسة. اللافت للنظر أن المخططين الأمريكيين والغربيين لديهم من الغباء السياسي لتكرار خطيئتهم، فلم يلحظوا أن المجتمع

المصري إن لم يتجه في معظمه للتوجه الديني، فإنه في مجموعه مصمم علي أن تكون الانتخابات الرئاسية معركة وطنية بالدرجة الأولي يتسابق فيها من يرغب بشرط أن يظهر استقلاله وانتماؤه لتراب هذا البلد في كل قول وفعل في الحاضر والمستقبل.. ووسط هذا الزخم السياسي يرفض الشعب المصري قبول التبعية لأي دولة، خاصة الولايات المتحدة، التي ارتضت أن يكون الرئيس المخلوع حاكما طاغية ضد شعبه، طالما يأمن لها مصالحها ويحمي أمن إسرائيل، ويعذب المنتمين للتيارات الدينية الذين تعتبرهم مفرخة للحركات الأصولية والارهابية في الشرق الأوسط وأعداء الغرب في العالم.
رغم رفضنا الشديد لوجود المجلس العسكري في السلطة وتنديدنا بأسلوب إدارته لحكم البلاد خلال العام المنصرم، إلا أننا نرفض الحرب المسعورة التي تشنها الولايات المتحدة ضده حاليا. فلم تتحرك ألسنة الأمريكان ضد قادة المجلس العسكري إلا بعد تأكدهم، بقبوله تسليم السلطة لمدنيين. ولن تكون السلطة المدنية المقبلة، بعيدة عن التيارات السياسية ولا التكتلات الوطنية، التي لا تملك قنواتاً سرية ولا مصالح خاصة مع الأمريكان.. فقد حاول الأمريكان عبر قنواتهم الممولة تسويق فكرة تولي الفريق سامي عنان للسلطة، حتي يظل العسكر حاكمين للبلد، ويبقي ماسكاً بزمام الأمور لحين تشكيلهم لشخصيات جديدة تحكم البلاد وفق أهوائهم.. وكانت القنوات الممولة جاهزة لزراعة وصناعة هذه الشخصيات عبر أجهزة الإعلام والفضائيات التي أنفقت عليها الولايات المتحدة ببذخ خلال السنوات الماضية.
وجاءت الطامة الكبري بأن المجتمع المصري الرافض لبقاء المجلس العسكري وهيمنة الإعلام الموجه من الخارج، بمثابة ضربة قاصمة للأمريكان، فظهر الوعيد والتهديد للمجلس العسكري، بدءاً بحملات تجويع مصر وانتهاء بالحرب المسمومة ضد المخابرات المصرية، التي تعمل حاليا علي لملمة أرواق الفساد للجمعيات الممولة أمريكيا ورجال الرئيس المخلوع، والتي وصلت وثائقها منذ أيام للنائب العام، بما يهدد بسجن رجال أمريكا وأوروبا الموجودين داخل السجون وخارجها حالياً.
لقد ظن الأمريكان أن قيام ثورة شعبية بلا رأس، يمنحهم الفرصة الكافية لفرض قبعة الكابوي علي الرأس التي يحددونها.. يجهل هؤلاء أن المصريين وإن رفضوا المجلس العسكري أو أداء أجهزة المخابرات العامة، يجعلهم مصدقين لتلك الترهات والوثائق التي يسوقونها الآن عنهم، خاصة أن الشعب أصبح لديه الآن سلطة لمحاسبة أي مسئول مهما كانت الحصانة التي يختبئ وراءها.. مصيبة الأمريكان أنهم يصدقون وثائق يحترف كتابتها عملاء يحسنون صنعاً لمن يدفع لهم أكثر، ولا يتقنون أي شيء في حياتهم سوي البغبغة، وتصوير الواقع بما يتفق مع أوهام صاحب المال المدفوع.. لذا كانت صدمة الربيع العربي قاسية علي عقول قادة الغرب، حينا علموا أن الربيع الذي تمنونه جاء قبل أن يطلقوا له صافرة البداية، واتجه بمصر وغيرها في الاتجاه الذي يكرهونه، ويتواصل الإصلاح في البلد بدونهم، والشعب يفضل الجوع علي أن يمد يده لأسياد العملاء.
[email protected]