عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أرجوك لاتسقنى هذا الماء!

 

هل يعقل أن شربة الماء التي كانت من قبل تعالج من الأمراض وتسبب الشفاء بفضل الله نجدها الآن تحولت الى سم قاتل يسرى فى أجسادنا نحن المصريين

والسبب فى ذلك التلوث الشديد فيه مياه الشرب؟!.... هل يعقل ان يدفع المواطن المصرى فاتورة تلوث المياه من دخله البسيط الذى لا يكاد يفى باحتياجاته الضرورية ويدفع من صحتة التى يدمرها كوب الماء الملوث ؟!.. هل يعقل ان تنفق الدولة ملايين الجنيهات سنوياً لعلاج الأمراض التى يسببها تلوث المياه ولا تنفق الدولة هذه الملايين على تنقية مياه الشرب للحفاظ على صحة المواطنين ؟!.. هل يعقل ان مياه الشرب التى يشربها المواطنون فى بعض المحافظات لاتصلح حتى لشرب الحيوانات ؟!. هذه هى الحقيقة المرة التى تم كشفها منذ عدة سنوات عندما قام احد مستوردى المواشى بمحافظة الدقهلية بالتعاقد مع شركة هولندية لاستيراد سلالات جديدة الا ان الشركة اشترطت اختبار جودة المياه التى ستشرب منها الماشية ولذا طلبت من المستورد ارسال عينة منها والمستورد لكى يفوز بالصفقة غش الشركة وبدلا من ان يرسل اليها عينة المياه من الترعة أو المصرف أرسل العينة من مياه الحنفية التى يشرب منها وكانت الكارثة ان الشركة رفضت العينة وألغت الاتفاق والصفقة أتدرون لماذا؟ لأن عينة المياه التى ارسلها المستورد من مياه الحنفية المخصصة لشرب المواطنين لاتصلح لشرب المواشى !! يعنى المياه التى يشرب منها البشر فى مصر لاتصلح لشرب البقر فى هولندا فهل هناك كارثة أفظع من هذه الكارثة؟
إن ما حدث فى مركز الابراهيمية بمحافظة الشرقية من تسمم للمواطنين بسبب تلوث مياه الشرب ليست هى الكارثة الأولى فى الشرقية فعندما ننظر إلى مشكلة تلوث مياه الشرب فى الشرقية نجد أنها مشكلة مزمنة تمتد إلى سنوات طويلة لم يهتم المسئولون بها وقد كتبت فيها العديد من المقالات ولكن للأسف كل المسئولين السابقين عن مرفق مياه الشرب بالشرقية لم يهتموا بتوفير كوب ماء نظيف للمواطنين وتركوهم يشربون المياه الجوفية الملوثة المخلوطة بمياه الصرف الصحى. تركوهم لقدرهم يسقطون ضحايا الإهمال وعدم الاهتمام.. تركوهم فريسة للأمراض والتسمم وكلنا نتذكر الكارثة الصحية التى وقعت فى قرية بردين مركز الزقازيق منذ عدة سنوات وأدت إلى تسمم عدد كبير من المواطنين بسبب مياه الشرب الملوثة المخلوطة بمياه المجارى ومرت كارثة بردين مرور الكرام وسوف تمر كارثة تسمم المياه فى الابراهيمية أيضا مرور الكرام بعد ان تخرج نتيجة تحاليل العينات من المعامل المركزية سليمة 100% وتثبت أن المياه الحكومية مطابقة للمواصفات القياسية وان التسمم يرجع الى أن أهالى الابراهيمية شربوا المياه من المحطات الأهلية غير النقية ولم يشربوا المياه من المحطات الحكومية النقية!.. وإذا صدقنا ذلك يأتى السؤال: لماذا لجأ الأهالى لشرب المياه من المحطات الأهلية وتركوا المحطات الحكومية؟ وكالعادة تنتهى

الكارثة ويلبس الأهالى المسئولية وتخرج شركة المياه بالشرقية بيضاء من غير سوء وفى كل مرة نكون أمام لغز كبير وهو من المتسبب فى كارثة التسمم هل المحطة الحكومية أم الخاصة أم الطلمبات الحبشية والنتيجة الأكيدة هى تسمم المواطنين.
والحقيقة المؤلمة أن المسئولين عن مرفق مياه الشرب لا يفكرون فى البشر إلا بعد وقوع الكارثة ولا تعنيهم مشاكل مياه الشرب من قريب أو بعيد حتى تقع المصيبة وهذه هى البلوى التى تصيب المسئولين فى مصر بأن لا أحد يسأل ولا أحد يتحرك إلا بعد أن تقع الفأس فى الرأس.
مشكلتنا التى ليس لها علاج فى مصر حتى الآن أن المسئولين عن مرفق مياه الشرب كغيرهم من المسئولين لا يريدون الاعتراف بأن هناك قصورا فى نطاق تخصصاتهم ومنطق «كله تمام» هو السائد.. هذا المنطق الذى يؤدى إلى حدوث الكوارث والأزمات يجب ان يتغير ويعترف المسئول بالخطأ فالاعتراف بالخطأ أول وأسهل طريق لعلاج المشاكل لكن للأسف المسئولون عندنا فى مصر لديهم حساسية من هذا الخطأ حتى تقع الكارثة ونجد أن كل شىء ليس تماما كما يدعى المسئولون.
لقد فاض الكيل بكل المواطنين بسبب السموم التى تدخل أجسامهم مع كل شربة ماء واعتل الناس بأمراض استوعبتها أجسادهم النحيلة ولم يعد أمامهم من سبيل إلا التضرع الى الله ان يحفظ صحتهم وسلامتهم بعد أن أصبح الأمر لا يهم المسئولين عن مرفق المياه فى شيء وصحة المصريين البسطاء الذين يتجرعون الأمراض فى كوب ماء الشرب لا تعنيهم فى شىء ولا تمثل اهمية عندهم إلا بعد أن تقع الكارثة.
اننى أهيب بالمسئولين عن مرفق مياه الشرب بالشرقية بصفة خاصة والشركة القابضة لمياه الشرب بصفة عامة أن يتحركوا ليس من أجل صحة الانسان فهو والحمد الله تعود على الأمراض والمهلكات وإنما من أجل تحسين الصورة السيئة التى تظهر عليها مصر بلد النيل.