رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الإذاعة.. سفير مصر فى العالم

 

 

< اوعى="" يابا..="" تنسى="" حجارة="">
- فيرد أبى حاضر يا ولدى.

كلمات كنت لا أمل من تكرارها.. كلما هم أبى بالخروج إلى عمله فى مدينة نجع حمادى.. وقبلها فى مدينة فرشوط.. وفى كل مرة أشدد على أبى ألا ينسى الحجارة فيقول لى أبى - رحمة الله عليه - والله ما هنسى يا ولدى!
كانت الإذاعة بالنسبة لنا كل شىء هى أم كلثوم.. وحليم.. وهى عبدالباسط عبدالصمد.. هى ألف ليلة وليلة.. وعلى بابا والأربعين حرامى.. هى ناصية آمال فهمى.. وحكايات أبلة فضيلة.. هى فؤاد المهندس.. وشقيقته.. صفية.. هى نادية صالح.. وزيارة مكتبات العمالقة وغيرهم من نجوم مصر ورموزها.
أول أمس احتفلت مصر بمرور 81 سنة من عمر الإذاعة.. وهو يوم لو تعلمون جليل.. فهذه الإذاعة العريقة كانت شريكة لوالدينا فى تربيتنا.. ومكملة لدور المدرسة فى تعليمنا وتثقيفنا.. وزرع القيم والمثل فى نفوسنا.. ولو كانت قيم الإنسان وتربيته شيئاً محسوساً.. لوجدت للإذاعة فيها بصمات وبصمات!
أما نحن أولاد الريف المصرى عموماً.. والصعيدى على وجه التحديد فقد كانت للإذاعة مكانة فريدة فى نفوسنا.. فقد كانت هى العين والإحساس المرهف، وغذاء الروح!
تقريباً.. كانت هى السينما.. وهى المسرح.. بل هى كل الفنون.. كان هذا جهاز الراديو الكبير.. يمثل بالنسبة لنا صندوق الدنيا.. وغالباً كان بالنسبة لنا مغارة على بابا.. التى تفتح لنا أبوابها لنصرخ فرحاً.. دهب.. مرجان.. ياقوت!
كنت صغيراً لم أبلغ العاشرة بعد.. وكنت أتلهف يومياً على الاستماع لبرامجها، فكنت أنتظر برامج بعد الفطار.. على أحر من الجمر.. أكثر من انتظارى للطعام.. وأسهر مع برنامج «دعوة على السحور».. الذى كان يسحرنى.. بحلاوة مذيعيه، وعظمة ضيوفه فى مختلف المجالات.. وكنت أسأل نفسى.. هل يا ترى يأتى اليوم الذى أكون أنا الطفل القروى البسيط ضيفاً ونجماً من نجوم هذا البرنامج.. وأدعو ربى أن يحقق لى هذه الأمنية الغالية!
ويشاء العلي القدير.. أن يستجيب لدعائى بعد 40 عاماً كاملة.. لأفاجأ منذ أقل من شهر.. بالإذاعية المتميزة سونيا محمود.. وهى تقول لى:
- يللا استعد يا بطل.. رمضان على الأبواب!
فرددت عليها قائلاً: خير يا أستاذة.. أستعد لإييييه؟!
- فقالت: لتكون نجم «دعوة على السحور» فى رمضان.. وأختار من تحب من ضيوفك فى هذه الليلة!
فغالبت دموعى.. وقلت لها: معقولة دى.. وحكيت لها عن أحلام طفولتى وصباى حول هذا البرنامج الغالى على نفسى وقلبى!
كانت الإذاعة المصرية هى السفير المصرى.. الحقيقى لكل دول العالم بلا استثناء.. كانت هى القوة الناعمة.. والقفاز الحريرى الناعم الذى يساعدنا فى عمل المعجزاااات!
كانت الإذاعة المصرية - وصوت العرب تحديداً - تحرك الجيوش.. وتهز العروش فى العالم العربى.. بل كانت تستخدم كشفرة عسكرية لإرسال المعلومات إلى قواتنا المحاربة.. بل استخدمها عبدالناصر ككلمة سر لبدء تحرك القوات المصرية مصحوبة بفريق من المرشدين المصريين.. للاستيلاء علي مكاتب شركة قناة السويس عند تأميمها.. وإخراج الأجانب منها!
هذه هى الإذاعة.. وتلك هى مكانتها فى أعماق نفوسنا.. هذه هى مصر الجميلة العظيمة.. التى روجت لها الإذاعة.. وساهمت فى صنع مجدها.
لقد أحسنت الدولة.. عندما اعتبرت عيد الإذاعة.. هو عيد الإعلام والإعلاميين، كل سنة وكل إعلاميي مصر بخير.