رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«رشوة» فى نقابة الصحفيين!!

موقف غريب حقا.. لم أتعرض لمثله إلا في بدايات عملي الصحفى، والتى تجاوزت الثلاثين عاما.. وكان أبطالها -حينئذ- أصحاب محاجر الجيزة.. وكانت لهم مشكلة كبري مع المحافظة! وقتها لقنتهم درسا لن ينسوه أبداً وقد أبلغت رئيسى وقتها الاستاذ عباس الطرابيلى بالواقعة.. ويعلم الله انى وقتها لم اكن احتكم فى جيبى، أو فى غرفتى المفروشة التى اقيم فيها إلا علي 15 جنيها.. لأن مرتبى الشهرى وقتها لم يكن يتجاوز 35 جنيها كاملة!! وكانت الرشوة وقتها تساوى أكثر ألف شهر من راتبى!!

الآن وبعد كل هذا العمر الطويل.. يأتى من يعرض على رشوة.. أى والله رشوة صريحة واضحة ﻻ تحتمل التأويل.. ارجوكم لا تندهشوا.. وتعالوا نعرف التفاصيل دون زيادة أو نقصان!!
ففي يوم الجمعة الماضي - وهو يوم مبارك وفيه ساعة إجابة - دعوت ربي كما أدعو في كل صلاة قائلاً: اللهم اغننى بحلالك عن حرامك.. ومضيت أمارس طقوسى الحياتية المعتادة.. وفى ساعة متأخرة من مساء اليوم جاءتنى مكالمة هاتفية من إعلامى تربطنى به علاقة مودة.. فتخيلت أنه سيدعونى لبرنامجه الذى يتولى إعداده بجانب تقديمه.. المهم بعد السلامات والأشواق طلب منى الرجل اللقاء غدا ليس كضيف فى برنامجه كما اعتدنا.. ولكنه أخبرنى بأن له صديقا لديه مشكلة ويرجو منى أن أسمعها لأطرحها إعلاميا وصحفيا.. كإعلامى وصحفى كبير - هكذا وصفنى الرجل فى مجاملة رقيقة قطعاً لا أستحقها - المهم أنني رحبت ووافقت علي تحديد اللقاء ظهر اليوم التالى السبت.. وبعد أن انتهيت من أحد لقاءاتى التليفزيونية انطلقت على الفور الى نقابة الصحفيين حتى ألحق بموعد الإعلامى وضيفه صاحب المشكلة.. المهم اننى وصلت قبل وصولهما الى هناك.. فأخذت أطالع ما معى من جرائد.. وبعد نصف ساعة حضرا بالفعل الى كاڤتيريا النقابة بالدور الثامن.
تقدمت لاستقبالهما عند المصعد مجاملة للزميل الإعلامي.. وبعد السلام عليه تطلعت الى صاحبه وكان رجلا وسيما ويرتدى ثيابا غالية.. تطلعت لوجهه فشعرت بأننى أعرفه فوجهه معروف إعلاميا.. ولم يترك الاعلامى فرصة لحيرتى وأخبرنى باسم الضيف.. فجاملت الرجل قائلاً: طبعاً.. طبعاً فلان بيه غنى عن التعريف.. المهم أن الإعلامى أدرك انشغالى وضيق وقتى.. فقال لى إن فلان بك لديه مشكله كبرى ويرجو مساعدتى فى طرحها للرأى العام.. ليس فى «الوفد» فقط ولكن فى صحف أخري من خلال علاقتى الطيبة بزملائى فى الصحف الأخرى!!
المهم بدأ الرجل يروى مشكلته باختصار غير مخل فأدركت أن الرجل صاحب حق فعلاً وقضيته ﻻ تخصه وحده لكنها تخص أشخاصا عديدين غيره.. فأبديت تعاطفى معهم.. واستعدادى لتبنى مشكلتهم.. لكن اعتذرت عن حكاية نشرها بالصحف الأخرى

لأنى ﻻ أملك ذلك إلا فى جريدتى «الوفد».. وهنا أكد الإعلامى أنه سيتكفل هو بذلك!!
وبعد قليل قام الرجل المشهور صاحب المشكلة بالوقوف والسير بعيدا عنا.. وانا ﻻ أدري هل كانت مكالمة حقيقية أم مكالمة امريكانى.. حتى يتيح للإعلامى الانفراد بى..المهم اننى فوجئت بالإعلامى الشهير يقول لى بصوت منخفض والآن ما طلباتك؟!
فسألته بكل حسن نية.. طلبات اييييه؟!
فقال لى بكل وضوح.. يعنى عايز كام.. واكمل معلهش.. ده شغل بزنس يعنى خد وهات!!
وهنا أدركت اننى أمام جريمة رشوة مكتملة الأركان.. فقلت للإعلامى وهل تعرف أنت أن عصام العبيدى بتاع الكلام ده.. وأكملت أنا سأعتبر نفسى لم أسمعك.. حتى لا أخسرك الى الأبد.. فأسقط في يد الاعلامى.. وأخذ يهمهم بكلمات تحمل معنى الاعتذار وآثار اللخبطة.. وهنا جاء الرجل المعروف وانقطع حوار الرشوة.. كما دخل علينا زميل آخر من صحيفة أخرى كبيرة وقد جاء بناء على طلب الاعلامى له.. فقلت فى نفسى: أهلا بالضحية الجديدة.. واسأذنت فى الانصراف.. بعد أن حصلت على كل مستندات الموضوع من الرجل المعروف لأنه صاحب حق بعيدا عن موضوع الرشوة، وصاحبها الإعلامى المعروف.. وبينما وقفت لأدفع لموظف الكاڤتيريا ثمن ما شربناه فى جلستنا من مشروبات.. حمدت الله اننى لم أشرب الشاى بالياسمين!!
نظرت بطرف عينى إليهم وأدركت أنهم سيكررون نفس السيناريو الهابط مع زميلى الآخر.. والسؤال هنا: ما الذى يدفع صاحب الحق فى بلادنا لدفع الرشاوى للحصول على حقه.. وهل أصبحت تلك الرشوة هى الوسيلة الوحيدة للحصول على الحقوق.. أليس هذا شيئا مؤلما وكارثيا فى مصر الجديدة.. وبعد ثورتين عظيمتين دفعنا فيهما دماء أولادنا.. وهل أصبح الانحراف سلوكا مجتمعيا؟!
هنا أدركت اهمية دعائى الأثير فى كل صلواتى «اللهم اغننى بحلالك عن حرامك».