رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

..ولا عزاء للموهوبين!!

قالها الكاتب المبدع محمود عوض .. وكأنه يتحدث عن  نفسه وعما أصابه هو شخصياً من جزاء موهبته المتوهجة ... قال عوض-  رحمه الله – "الموهوب فى بلادنا أصبح بمثابة لوحة التشنين .. كل السهام والطعنات تأجه ناحيته .. لا هدف للجميع إلا تحطيمه والنيل منه... باختصار الموهبة الآن في مصر أصبحت عبئا علي صاحبها، وليست ميزة يتميز بها" .

 

وعندما نشبت الحرب الباردة بين القوتين العظيميين – لجأت أمريكا الي تجنيد مسئول كبير في الحزب الشيوعي الروسي، وكانت مهمته الوحيدة في بلاده اختيار القيادات وشاغلي المناصب العليا في البلاد، ولما سألهم المسئول الروسي ماذا تطلبون مني أجابوه .. لا نريد منك تقارير أو أخبارا.. كل ما نريده منك عندما يعرض عليك عدة أسماء لاختيار القيادات من بينهم ان تختار الأضعف دائما .. وبالفعل نفذ المسئول الروسي مهمته بكل اقتدار فقد سعي للقضاء علي كل موهبة في بلاده، وأصبح أصحاب أنصاف المواهب بل عديمو الموهبة هم المسئولون عن إدارة البلاد .. وهذا ما سهل فيما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وانتهائه كقوة عظمي !!.

وفي بلادنا يحدث نفس الشىء تقريبا فلا مكان لأصحاب المواهب..أصبحت العلاقات الشخصية والنفاق الرخيص هي جواز المرور الوحيد للمناصب العليا،  وكانت التبعية لأمن الدولة يمكن أن تدفع بك إلى أعلي المناصب سواء في الجامعات أو الوزارات أو حتي في الصحافة، بل الفضائيات والتي كان رجال أمن الدولة يتحكمون فيمن يعمل فيها معدا أو مذيعا أو حتي ضيفا.. باختصار إذا كنت من عملاء أمن الدولة.. وبعت شرفك ومبادئك في سوق النخاسة فكل الأبواب تفتح لك .. المهم أن تكتب التقارير في كل من حولك حتي ولو كانت زوجتك ووالديك .. هذه هي كل مؤهلاتك لتصعد علي أكتاف بل وعلي جثت الموهوبين من زملائك !!. باختصار ولابد وأن يكون لديك الاستعداد الكامل لبيع "كفن والديك".

وهكذا رأينا نجوما زائفة تحلق في سماء الفضائيات بلا فكر أوموهبة فقراء في الثقافة والوعي . المعيار الوحيد لاختيارها، وابرازها وفرضها علينا نحن المشاهدين البؤساء هو معيار التبعية للأمن أو الشللية التي باتت تسيطر علي وسائل اعلامنا حاليا والتي تدين بدين واحد لا يتغير هو المصلحة الشخصية وشعارهم الاوحد "شيلنى واشيلك" وللأسف اصبح هؤلاء يشكلون الرأي العام في مصر، وكأنهم رواد تنوير .. وهؤلاء للاسف اثبتوا لنا بما لا يدع مجالا للشك ان اكثر الناس بُعدا عن القيم والمبادئ .. هم أكثر الناس تحدثاً وتشدقاً!!

وللاسف كان هذا الوضع سائدا قبل الثورة .. واصبح كذلك ايضا بعدها .. كأن شيئا لا يتغير في مصر .. فقد ترك اختيار المناصب العليا في كل المواقع المؤثرة في ايدي اناس عديمي الكفاءة .. عديمي الموهبة .. فاقدون للذمة والضمير اناس اشبه بالطابور الخامس .. بل

هم أسوأ من مسئول الحزب الشيوعي السوفيتي الذي جندته امريكا لتدمير بلاده، وتحطيم كل الكفاءات فيها .. لذلك تنهار المؤسسات، وتسقط الوزارات بعد ان تولى امرها اناس لا يعرفون الله ولا يخشونه .. ففي الغرب قد لا يكون عند بعضهم دين لكن الشىء المؤكد ان عندهم ضمير اما عندنا في مصر، وعند من تختار القيادات فلا دين ولا ضمير .. فلا كفاءة ولا موهبة ولا ابداع يتحكم في الاختيار ولكن المعيار الوحيد هو المصلحة او الشكلية .. اما مصلحة العمل فلتذهب للجحيم لذلك رأينا الانهيار التام في كل اوجه العمل في بلادنا بعد ان اصاب اليأس والاحباط العمل كل موهوب في بلادنا.

باختصار أصبحت الموهبة.. كما قال أستاذنا محمود عوض عبئا علي صاحبها، وليست ميزة يتميز بها .. لأن الموهوب دائما معتز بنفسه وحافظ لكرامته .. وعارف لمقدار نفسه .. لهذا يصبح مكروها من كل أصحاب أنصاف المواهب ولا يمكن أبدأ أن ننسي ما حدث للعلامة المصري المبدع جمال حمدان فقد تجاوزوه في الترقيات بجامعة القاهرة، وبطشوا به أشد بطش واختاروا بدلا منه شخصا عديم الموهبة .. فقير الكفاءة فاكتأب الرجل واعتزل الدنيا .. ومن فضل الله علينا أن انعزاله كان خيرا لمصر وشعبها فأبدع لنا موسوعته العظيمة .. "وصف مصر" .. وأصبح جمال حمدان علامة في تاريخ مصر، وذهب من تجاوزوه في الترقية ومن اختاروهم الي مزبلة التاريخ .. لا يذكر اسماءهم أحد .. وهناك المئات من عينة جمال حمدان.. بعضهم اكتأب وترك الدنيا كارها غاضبا والبعض الآخر .. حول احباطاته الي نجاح أذهل به الدنيا .. أتمني أن أري في بلدي مكانا للموهبين .. أتمني أن أري مستقبلا في بلدي لأصحاب الكفاءة .. لا أصحاب النفاق الرخيص والعلاقات العامة أو التبعية لأجهزة حكومية مشبوهة .. أتمني يا بلدي .