رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

المعاقون في رقبة مرسي

علي باب الوفد استوقفني عم حمدي.. هو شاب في نهاية الأربعينيات من عمره.. لكن الاختبار الإلهي الذي تعرض له المسكين جعله يبدو في الستين من عمره.. وبدأ المسكين يحكي مأساته التي جعلت النوم يجافي عينيه.. فقد أكرمه الله بابنته ياسمين والتي تعاني من الإعاقة الذهنية والحركية، فأحالت حياة الأسرة البائسة لجحيم مقيم، خاصة وأن اجتماع الفقر مع الإعاقة يجعل الحياة مستحيلة وهذا هو حال عم حمدي.

المهم ان عم حمدي، والذي كان ينفق علي المسكينة من الجنيهات القليلة التي يتحصل عليها من عمله كنقاش سابق بالقرية الفرعونية، ولكن لأن المصائب لا تأتي فرادي فقد شاءت إرادة الله ان يترك المسكين عمله ويصبح بلا عمل حقيقي.. المهم ان عم حمدي كان يتقاضي من الدولة معاشاً شهرياً لابنته المعاقة وقدرة خمسة وثمانون جنيهاً بالتمام والكمال، ومع أن هذا المبلغ لا يكفي لإطعام «قطة» صغيرة، إلا أن عم حمدي كان ينظر لهذا المبلغ علي انه هدية من السماء علي الأقل يساهم في شراء «البامبرز» الذي تحتاجه المسكينة بكثافة نظراً لعدم قدرتها علي التحكم في الإخراج، المهم أن عم حمدي ذهب الشهر الماضي لاستلام المعاش الشهري للفتاة ففوجئ بالمسئول يقول له بكل برود آسفين يا سيد.. الدولة، قطعت هذا المعاش عن المعاقين.. كلمات سقطت كالصاعقة علي اذن عم حمدي، وجعلت الدنيا تهتز تحت أقدامه.. صحيح مبلغ الخمسة وثمانين جنيها لا تسد رمق قطة، لكن كما يقولون في الأمثال «النواية تسند الزير» فجاء لي في الوفد شاكيا باكيا، فوعدته أن أعرض شكاواه، لعل رئيس الجمهورية الذي كان يتمثل في أحاديثه بعمر بن الخطاب، وأبي بكر الصديق يتذكر كلمات عمر عن «دابة» العراق وسؤال الله له يوم القيامة لماذا لم يمهد لها الطريق، وعلي نفس النمط سيسأله الله عن الطفلة ياسمين، والتي ابتلاها الله بفقدان نعمة العقل، وسلبها قدرتها علي الحركة، والمشكلة ليست مشكلة ياسمين وحدها، ولكن المشكلة، خاصة بعدة ملايين من أبناء المعاقين الذين شاءت إرادة الله ان يخرجوا للدنيا بهذه الإعاقة التي سلبتهم أعظم نعمة من نعم الخالق وهي نعمة العقل.
ذكرني حديثي مع عم حمدي بقصة سمعتها من زميلة لي عن معاملة أوروبا للطفل المعاق ذهنياً، فذكرت لي أن الأسر هناك لا تحزن كثيراً إذا ما رزقت بواحد من هؤلاء «الملائكة» الذين يعيشون بيننا، ولما تعجبت من ذلك ذكرت لي الزميلة الفاضلة ان ذلك يرجع لأن الدولة هناك تصرف لهؤلاء الأطفال

المعاقين معاشاً شهرياً مغريا تجعل الأسرة تصرف منه علي المعاق وعلي باقي أفراد الأسرة، فقلت لها لهذا يقيس العالم تحضر الدول أو تخلفها بمدي مراعاتها للمعاقين فيها، وخاصة أصحاب الإعاقة الذهنية، الذين يعجزون طوال حياتهم عن العمل والتكسب، أما في مصر فالأمر مهين، ويكشف نظرة لا إنسانية للمعاق حتي إن معظم جهات الدولة والقطاع الخاص يرفضون الالتزام بتعيين نسبة الـ 5٪ الخاصة بالمعاقين، وبهذا يظل هذا الطفل كارثة تلحق بأسرته حتي يشاء الله له أن يستريح من ظلم البشر، وإهمال المسئولين، ليحلق بعيداً عن هذه الدنيا، إلي حيث موقعه الأثير في جنات الخلد عند رب منصف رحيم بعباده.
يا سادة هؤلاء الأطفال في رقابنا جميعاً وسيسألنا الله عنهم يوم القيامة سيسأل هؤلاء المسئولين عن جرائمهم في حق هؤلاء الملائكة، وسيسأل أصحاب المال الذين بخلوا به عن أن يكون وسيلة لإدخال السعادة لقلوب هؤلاء الملائكة.
والله يا عم حمدي قَلبت علي المواجع وذكرتني بابني «فادي» الذي شاء الله له أن يخرج للدنيا معاقا كابنتك تماماً، ولما ذهبت إلي أحد المشايخ المعروفين أبثه قلقي وحزني عليه، وخوفي علي مصيره في الدنيا إذا ما رحلت فجأة كما رحلت والدته الشابة الصغيرة قبل 9 شهور ففوجئت بالشيخ يقول لي لا تقلق يا ولدي عليه.. فالله الذي خلقه أحن عليه منك ومن البشر أجمعين.. فثق أن الله لن يضيعه أبداً.
يا سادة هؤلاء الأطفال لهم حق في رقبة كل واحد منا.. مطلوب ان يراعي كل مسئول ربه فيهم سواء بمنحهم معاشاً لائقاً أو إقامة أماكن إيواء وتعليم لهم أو حتي إنشاء أماكن ترفيه خاصة بهؤلاء الملائكة.