رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإخوة الأعداء .. ومصر الضائعة

في الموالد الشعبية.. وتحديدا في الليلة الكبيرة تجد حشودا هائلة من البشر.. أجسادا متلاصقة وأنفاسا متلاحقة، وأقداما تبحث عن الطريق الصعب خوفا من مغبة السقوط والدهس بالأقدام.. طوائف وفئات مختلفة من البشر «مؤمن» يرغب في التقرب الي الله عن طريق التبرك بأوليائه الصالحين، لص و«ملقاط» ينتظر هذا اليوم بفارغ الصبر حتي يخرج منه بالمزيد من المحافظ وشنط السيدات، ولا مانع من الحلي الذهبي التي وصلت الي يد «الملقاط»، وثالث «شاذ» يهوي التحرش بالنساء في الأسواق والتجمعات الشعبية فينتظر

هذا اليوم من السنة للسنة لإشباع رغباته الدنيئة.. كل ذلك وسط جو أخاذ من الأغاني والإنشاد الديني والألعاب والمراجيح.. ورائحة البخور والطيب تتصاعد وسط صخب هائل من بائعي الترمس والحلبسة ونبوت الغفير.. جو روحاني هائل جسدته لنا كلمات العبقري صلاح جاهين والألحان السهلة الممتنعة للعبقري سيد مكاوي، لا أدري لماذا تذكرت هذه المشاهد جميعا عندما كنت أتابع المليونية الأخيرة في التحرير، فقد حفلت بأشياء في منتهي الغرابة فأسموها مليونية إنقاذ الثورة، ولم يقولوا لنا إنقاذها مِنْ مَنْ بالضبط، هل من المجلس العسكري الذي تعهد مرارا وتكرارا بتسليم السلطة قبل اليوم الأخير من يونيو القادم، أم إنقاذها من تغول التيار الإسلامي الذي استطاع اللحاق بقطار الثورة بعد انطلاقه من المحطة في اللحظة الأخيرة، وما إن تمكنوا منه حتي أجبروا ركابه جميعا علي ترك مقاعدهم، وأخرجوهم من القطار بأكمله ليسقط منهم من سقط ويلجأ بعضهم الي التسطيح فوق سطح القطار.. وها هم يسعون لطرد سائق القطار نفسه.. ليقودوه الي حيث يريدون، بعد أن اتخذوا ركابه كأسري لا إرادة لهم..!
صورة غريبة من البشر شباب ثورة أتي لاستكمال الثورة من وجهة نظره وتعويض خسارته الكبري لأنه شعر بأنه خرج من الموالد بلا حمص، بعد أن أصر حكم المباراة صاحب اللحية الكثيفة والجلباب الأبيض القصير علي

طرده من الملعب ومن دكة الاحتياط بل ومن المدرجات والملعب بأكمله.
إخوان وسلفيون جاءوا الي الميدان لـ«التكويش» علي التظاهرة بعد أن كوشوا علي كل مناصب الدولة.. يريدون استخدام الميدان «كمطية» تصل بهم الي المنصب الرفيع.. قيادة قطار مصر!! ورغم أن التيار الإسلامي ليس كتلة واحدة فما بين السلفيين والإخوان ما صنع الحداد، بسبب محاولة كل فصيل احتلال صدارة المشهد الإسلامي والتحدث باسم الدين منفردا، واحتكار الدعوة لتطبيق الشريعة حسب مفهوم كل فصيل، ورغم كل هذه الاختلافات إلا أن حب السلطة وشبق النفوذ وحَّد فيما بينهم وقتيا علي الأقل.
إذن جمعت المليونية بين «الإخوة الأعداء» ثورجي وسلفي وإخواني بين أهازيج وأغاني العظيمة شادية في حب مصر وبين الأناشيد والهتافات الحماسية التي تدعو للجهاد من أولاد أبوإسماعيل.. كل ذلك وسط حشد من باعة الترمس والحلبسة وغزل البنات.. تماما تماما كالليلة الكبيرة في موالد السيدة زينب والحسين.. كل شيء تجده في الميدان بائع الأعلام وبائع البانجو.. بين الراقصة والسياسي.. بين الوطن والانتهازي  كل شيء تجده في المليونية بالميدان إلا شيئا واحدا لن تجده أبدا حتي لو عثرت علي إبرة في كوم قش.. قد يسألوني ما هذا الشيء الذي اختفي من الميدان.. فأقول لكم إنه «مصر»!!