رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

دماء على ثوب القضاء

الناس حائرون.. يتساءلون.. فى جنون.. عن المجرم الحقيقى فى «فضيحة» التمويلات الأجنبية.. ملابساتها وتداعياتها.. ولو نظرنا بإمعان فلن نحتار كثيراً.
فالقضية مكونة من مثلث ثلاثى الأضلاع.. الضلع الأول فيه هو المستشار محمد محمود شكرى والثانى المستشار عبدالمعز إبراهيم، أما الضلع الثالث فهو المجلس العسكرى صاحب الأمر والنهى فى البلاد!

الأزمة فى رأيى أديرت أسوأ إدارة فى التاريخ من المجلس العسكرى الذى تشير كل المؤشرات إلى أنه البطل الحقيقى فى القضية فهو الذى طلب بالقطع ـ ولا أحد غيره ـ من المستشار عبدالمعز إنهاء الموضوع مع القاضى وهنا أتساءل إذا كان المجلس العسكرى فى نيته إنهاء الموضوع من الأول فلماذا أدخل القضاء فى اللعبة.. فكان الأولى به إنهائها قبل أن تصل ليد القضاء وهنا لن يعيب عليه أحد فمبدأ «الصفقات» مبدأ معروف فى العلاقات الدولية، شىء مقابل شىء.. لا عيب فى ذلك لكن العيب فى وصول الموضوع أو القضية إلى حرم القضاء وهو حرم لا يقبل العبث فيه أو المساس به هذا من حيث المبدأ، أما إذا كان الإفراج عن المتهمين والسماح بسفرهم بكل اعتزاز وتقدير نتيجة «صفقة»، فقد كان على المجلس الأعلى أن يطلع الشعب على بنود هذه الصفقة، فالشفافية كفيلة بفك طلاسم هذه القضية اللغز، وليس فى ذلك عيب لأن الشعب ليس قاصراً، كما أنه ليس مجموعة جنود فى «قشلاق» يسمعون ويطيعون بدون نقاش أو جدال، فالسياسة شىء وسلوكيات القشلاق شىء آخر.. كل ذلك يؤكد أن المجلس العسكرى أدار الأزمة أسوأ إدارة فى تاريخ علم الإدارة.
أما الطرف الثانى من أضلاع المثلث فهو المستشار عبدالمعز، رجل القضاء الشهير، الذى تدخل بطريق مباشر فى القضية بطريقة «غشيمة» قد تعرضه للسجن من ثلاثة أعوام إلى 15 عاماً حسب كلام زملائه مقدمى البلاغات ضده.. فقد كان على الرجل أن يرفض بإصرار حتى لو كلفه الأمر منصبه أن يرفع سماعة التليفون ويرتكب هذا الإثم فى حق

القضاء وفى حق زميل له بل والإساءة لسمعة هذا الزميل بأن ذكر لجميع وسائل الإعلام أننى «واجهت» القاضى بعمل ابنه وليد فى مكتب استشارى معروف يتعامل مع السفارة الأمريكية، فاعترف ـ والكلام على لسان المستشار عبدالمعز ـ بصحة هذه الأقوال، فطلبت منه التنحى عن القضية فتنحى!!
إذن الرجل تعامل مع زميله المستشار الجليل محمد شكرى وكأنه متهم بشىء مشين فذكر ألفاظ «واجهته فاعترف»، فكان الأولى بالمستشار الجليل عبدالمعز أن يرفض تدخل العسكرى أو السفارة الأمريكية حفاظاً على قدسية واستقلال القضاء الشامخ.
أما الضلع الثالث من المثلث فهو القاضى الجليل محمد شكرى، رئيس الدائرة، التى نظرت القضية، والذى كان عليه أن يرفض بإصرار التنحى عن القضية، بالأمر المباشر، طالما هو واثق من براءة ساحة نجله وعدم وجود أية علاقة لعمله بالسفارة الأمريكية، وكان عليه أن يكشف للرأى العام كواليس الفضيحة، بل وأن يتقدم ببلاغ رسمى للنائب العام ضد المستشار عبدالمعز لأنه ارتكب فى حقه جريمتين الأولى التدخل فى عمله القضائى، والثانى الإساءة إلى سمعته وإلى تاريخه القضائى.
إذن القضية شائكة. ومشينة.. إساءة للقضاء أبلغ إساءة والشعب كله فى انتظار ظهور الحقيقة لمعرفة من الجانى الحقيقى فى الأضلاع الثلاثة للمثلث النارى، لأن الشعب شعر بإهانة ولطمة أدمت جسده وقلبه فى آن واحد.