رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

‮"‬ويكيليكس‮" ‬يكشف وثيقة ‬غزو الكويت

كشف موقع‮ "‬ويكيليكس‮" ‬ضمن وثائقه المسربة محضر جلسة تاريخية،‮ ‬تحدث عنها السياسيون باعتبارها لحظة مفصلية في‮ ‬تاريخ المنطقة،‮ ‬وهي‮ ‬التي‮ ‬تتعلق بالاجتماع الأخير بين الرئيس العراقي‮ ‬الراحل صدام حسين

والسفيرة الأمريكية ببغداد أبريل جلاسبي‮ ‬قبل‮ ‬غزو الكويت‮ ‬1990‭.‬‮ ‬‭ ‬وأوضحت الوثيقة أن صدام اتهم الكويت والإمارات بالعجرفة والأنانية وبرفض مساعدته في‮ ‬ظروفه المالية الصعبة رغم الحرب الطويلة التي‮ ‬خاضها مع إيران‮. ‬وتشير الوثيقة إلى أن صدام أراد من جلاسبي‮ ‬إيصال رسالة إلى الرئيس الأمريكي‮ ‬الأسبق جورج بوش الأب،‮ ‬مفادها أن العراق‮ ‬يريد الصداقة بين الجانبين،‮ ‬ولكن على واشنطن أن تدرك أن بغداد خسرت‮ ‬100‮ ‬ألف قتيل في‮ ‬الحرب مع إيران وباتت البلاد فقيرة لدرجة أنها قد توقف دفع الرواتب لعائلات القتلى‮.‬

 

واضاف صدام قائلاً‮: "‬الدعم الأمريكي‮ ‬للكويت والإمارات زاد من‮ ‬غرورهما وأنانيتها‮.. ‬العراق مل من الحروب ولكن الكويت تجاهلت الدبلوماسية وإذا تعرض العراق للإذلال فإنه سيرد بصرف النظر عمّا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يقال مستقبلاً‮ ‬عن الطبيعة‮ ‬غير المنطقية لهذا الرد وما‮ ‬يحمله في‮ ‬طياته من تدمير ذاتي‮." ‬وبحسب جلاسبي،‮ ‬فقد بدأ صدام الحديث عن تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين بغداد وأمريكا والضربات التي‮ ‬تعرضت لها منذ‮ ‬1934‮ ‬وخاصة فضيحة‮ "‬إيران جيت‮" ‬التي‮ ‬انتقلت معها أسلحة من أمريكا وإسرائيل إلى إيران واعتبر أن الولايات المتحدة لم تكن ترغب برؤية الحرب مع إيران تنتهي‮.‬

وأكد صدام،‮ ‬الذي‮ "‬اختار كلماته بعناية‮" ‬وفق جلاسبي،‮ ‬أن بلاده تعاني‮ ‬من مصاعب مالية خانقة مع ديون تجاوزت‮ ‬40مليار دولار وتحدث بمرارة عن أن بلاده تواجه هذا الواقع مع أنها أحدثت بانتصارها في‮ ‬الحرب ضد ايران فارقاً‮ ‬تاريخياً‮ ‬بالنسبة للعالم العربي‮ ‬والغرب‮. ‬واتهم‮ ‬صدام الإدارة الأمريكية بالسعي‮ ‬لخفض سعر النفط في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬يحتاج فيه العراق للمال‮. ‬وأعرب صدام عن أمله في‮ ‬التوصل إلى علاقات جيدة رغم هذه الانتكاسات،‮ ‬ولكنه شدد على أن بغداد لن تقبل خفض سعر النفط،‮ ‬معتبراً‮ ‬أن من‮ ‬يقود هذه الحملة‮ ‬يشن على العراق حرباً‮ ‬اقتصادية لا‮ ‬يمكن للعراق معها أن‮ ‬يقبل الاعتداء على كرامته وازدهاره‮. ‬واتهم صدام الكويت والإمارات بلعب دور رأس الحربة للسياسة الأمريكية،‮ ‬ودعا جلاسبي‮ ‬إلى التذكر بأن بغداد هي‮ ‬التي‮ ‬حمت أصدقاء أمريكا في‮ ‬المنطقة‮ ‬عبر الحرب مع إيران وشدد على أن العراق دفع ثمناً‮ ‬باهظاً‮ ‬في‮ ‬سبيل ذلك،‮ ‬سائلاً‮ ‬ما إذا كانت أمريكا ستتحمل‮ ‬مثل الشعب العراقي‮ ‬سقوط‮ ‬10‮ ‬آلاف قتيل من جنودها في‮ ‬معركة واحدة‮. ‬واشار صدام إلى أن المناورات العسكرية المشتركة بين الكويت والإمارات والولايات المتحدة‮ ‬شجعت انتهاج سياسة بخيلة في‮ ‬الدولتين الخليجيتين،‮ ‬وشدد على أن ما وصفها بـحقوق العراق ستعود إليه واحدة بعد الأخرى‮.‬

‮ ‬وقال صدام أنه مقتنع بأن واشنطن ترغب بالسلام ولكن عليها التوقف عن لي‮ ‬الأذرع‮ . ‬ونقلت عنه جلاسبي‮ ‬أنه قدم لها شرحاً‮ ‬مطولاً‮ ‬عن القيم العراقية،‮ ‬وأكد لها أن العراقيين‮ ‬يؤمنون بالحرية أو الموت وأن العراق سيضطر إلى الرد إذا استخدمت أمريكا هذه الأساليب‮. ‬واعترف صدام أن بوسع أمريكا إرسال طائرات وصواريخ،‮ ‬ولكنه حذرها من أن دفع العراق إلى نقطة‮ ‬يشعر معها بالإهانة سيؤدي‮ ‬إلى قيام بغداد بـتصرفات لا تعرف المنطق‮. ‬ولم‮ ‬يفت صدام خلال اللقاء الحديث عن الملفات الإقليمية فأشار إلى ما أسماها بـضغوطات صهيونية تعرض لها بوش الأب خلال الحوار مع منظمة التحرير الفلسطينية،‮ ‬وقال إن على واشنطن النظر إلى حقوق‮ ‬200‮ ‬مليون عربي‮ ‬كما تنظر إلى حقوق الإسرائيليين‮. ‬وبعد ذلك،‮ ‬نقلت جلاسبي‮ ‬ما قالته لصدام،‮ ‬وذكرت أن الإدارة الأمريكية طلبت منها السعي‮ ‬لتعميق العلاقات مع العراق،‮ ‬وشددت على أن واشنطن‮ ‬غير

مسؤولة عن الانتقادات التي‮ ‬توجهها الصحافة الأمريكية للعراق لأنها لا تسيطر على الإعلام،‮ ‬ولكن هذا لا‮ ‬يعني‮ ‬أن الصحف تعكس موقف الإدارة‮. ‬وأضافت جلاسبي‮ ‬أنها قالت لصدام إن القلق الأمريكي‮ ‬حيال نواياه مبرر،‮ ‬وشرحت بالقول‮: "‬أليس من المنطقي‮ ‬أن‮ ‬ينتابنا القلق عندما تقول أنت ووزير خارجيتك إن تصرفات الكويت توازي‮ ‬الاعتداء العسكري؟ ومن ثم تتوجه وحدات من الحرس الجمهوري‮ ‬العراقي‮ ‬إلى الحدود مع الكويت؟ نحن نسأل بروح الصداقة وليس المواجهة عن نواياكم‮."‬

وبحسب الوثيقة،‮ ‬قاطع صدام جلاسبي‮ ‬بالقول‮: "‬هذا‮ ‬سؤال منطقي،‮ ‬ولكن كيف‮ ‬يمكننا أن نجعل الكويت والإمارات تفهمان مدى معاناتنا،‮ ‬لدينا مصاعب مالية سنضطر معها قريباً‮ ‬إلى‮ ‬قطع الرواتب عن أرامل ويتامى الحرب،‮" ‬وهنا تشير السفيرة الأمريكية إلى أن المترجم وأحد المدونين لمحاضر اللقاء انهارا عصبياً‮ ‬وأجهشا بالبكاء‮. ‬واضاف صدام بالقول إنه قام بكل ما بوسعه لإقناع دول الخليج بمساعدته،‮ ‬بما في‮ ‬ذلك الطلب من العاهل السعودي‮ ‬الراحل،‮ ‬الملك فهد بن عبدالعزيز،‮ ‬تنظيم قمة رباعية تضم العراق والسعودية والإمارات والكويت،‮ ‬وجرى التوصل إلى اتفاق نفطي‮ ‬مع الكويت في‮ ‬جدة،‮ ‬ثم تراجع عنه وزير النفط الكويتي،‮ ‬كما روى أنه حصل على تعهدات إيجابية لم تنفذ لاحقاً‮ ‬من قبل الرئيس الإماراتي‮ ‬الراحل،‮ ‬الشيخ زايد بن سلطان،‮ ‬الذي‮ "‬رجاه أن‮ ‬يتفهم مشاكل العراق‮."‬

ثم ذكرت جلاسبي‮ ‬أن صدام تلقى اتصالاً‮ ‬هاتفياً‮ ‬مستعجلاً‮ ‬من الرئيس حسني‮ ‬مبارك،‮ ‬الذي‮ ‬نقل له التوصل إلى اتفاق للقاء مع الكويتيين في‮ ‬الرياض‮ ‬يتبعه لقاء آخر ببغداد قبل‮ ‬30‮ ‬يوليو،‮ ‬وأشارت إلى أن صدام وعدها بعدم القيام بخطوات عسكرية‮ ‬إذا حصل على بصيص أمل من الموقف الكويتي‮. ‬وذيلت جلاسبي‮ ‬رسالتها بالإشارة إلى الخلاف حول مناطق الثروات النفطية بين العراق والكويت،‮ ‬وأضافت أن أمريكا لم تتدخل بهذا الشأن العربي‮ ‬الخاص‮. ‬وأشارت إلى أن صدام لم‮ ‬يسبق له أن استدعى أي‮ ‬سفير للقاء مماثل للذي‮ ‬عقده معها واستنتجت أن ذلك‮ ‬يدل على قلقه واعتبرت أنه أدلى بالكثير من الملاحظات التي‮ ‬تدل على اعترافه بشرعية الوجود الأمريكي‮ ‬في‮ ‬الشرق الأوسط وبدور واشنطن كقوة عظمى‮. ‬وبحسب الوثيقة،‮ ‬فإن الاجتماع عقد في‮ ‬25‮ ‬يوليو‮ ‬1990‭ ‬وقامت جلاسبي‮ ‬بإرسال تفاصيله في‮ ‬اليوم نفسه إلي‮ ‬واشنطن،‮ ‬وحضر اللقاء وزير الخارجية العراقي‮ ‬الأسبق،‮ ‬طارق عزيز،‮ ‬ومدير مكتب صدام وعدد من كتبة المحاضر والمترجمين،‮ ‬علماً‮ ‬أن الجيش العراقي‮ ‬عاد واجتاح الكويت في‮ ‬الثاني‮ ‬من أغسطس‮.‬