رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أمل عبد العزيز الهزاني يكتب : إردوغان و«تويتر».. من يحجب الآخر؟

بوابة الوفد الإلكترونية

هدد رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان بحجب موقع «تويتر» أمام الأتراك قبل أن يفعل ذلك، أي قول وفعل، ومن الجهة الغربية تأتينا صورة للرئيس التنفيذي لموقع «غوغل» ولمؤسس موقع «فيسبوك»، وهما يهمان بالدخول على الرئيس الأميركي لإبداء ملاحظاتهما حول أهمية منح المزيد من الحريات لاستخدام الإنترنت في الولايات المتحدة! هذا التسلسل في الحدث للقضية نفسها، يعكس كالمرآة القيمة الفعلية للتعبير الحر في البلدان المذكورة.

في بعض البلدان مثلا، يحرم الناس من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، لأنها في نظر صناع القرار والمنظرين تورث التفرقة وتؤلب الناس، أما التأثير الأكبر والأسوأ في نظر هؤلاء، فهو أن هذه المواقع نوافذ مفتوحة أكثر من اللازم على الشارع، مما يسمح بدخول المسموح وغير المسموح الذي قد يتناقض مع أهداف صناع القرار. وهناك حكومات ترسل طلبتها إلى أميركا؛ البلد الأكثر انفتاحا، لتعلم الاقتصاد وتقنية المعلومات، لأنها تطمح في اقتصاد منتعش مبني على أحدث أساليب المعالجة، لتحافظ على موقعها الاقتصادي الريادي، لكنه انفتاح مدروس، تحافظ من خلاله على درجة عالية من التحكم حتى لا ترتخي قبضتها.
أما تركيا، فقد خذلت معجبيها الذين يتطلعون إلى محاكاة حزبها الإسلامي الحاكم المتباهي بنظامه الديمقراطي، بل وجعلت منهم مثار سخرية أمام مناوئيهم، حينما قرر إردوغان حجب موقع «تويتر»، بعد نشره أدلة تدينه في قضايا الفساد التي تثقل ظهره. وهو هنا يمتحن صبرا وشيك النفاد من الشباب عليه، متذكرين كيف كان يلقن شعوب دول المنطقة دروسا في الديمقراطية خلال مرورها بفترة الربيع العربي، خاصة في مصر.
منع «تويتر» عن الأتراك سيجعل إردوغان يبدو وكأن له وجها آخر يختلف عما أظهره للعالم منذ هيمنة حزبه «العدالة والتنمية» عام 2003 على سدة الحكم، وسيضعه في موقف صعب؛ سواء في الانتخابات البلدية المقبلة التي أكد أنها اختبار لشعبيته، أو الانتخابات الرئاسية في الصيف المقبل. كيف يتصور إردوغان شعبيته بعد أن منع ملايين الناخبين من تقنية اجتماعية أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتهم اليومية؟ حتى مؤيدوه لن يكونوا سعداء بهذا القرار المتعسف.
المفارقة أن بعض دول الخليج المتهمة بالتضييق على حرية التعبير ومساحات الرأي، التي لا تدعي أنها بلاد ديمقراطية في معظمها، لم تبادر بحجب «تويتر»، حتى في أصعب الظروف حينما عمت الفوضى البلاد العربية مطلع عام 2011، بل تركت الحكومات الناس تنفّس عن غضبها خلال هذه المواقع، فكان المسؤولون أهدافا للشتائم والاتهامات، واستخدم الموقع للتأليب والتحريض ونشر الأكاذيب، وعلى الرغم من ذلك لم تغامر أي حكومة بحجب الموقع، بل وجدت فيه فرصة

لجس نبض الشارع واستطلاع رأي العامة، وفي الحد الأدنى، فهي لم تستفز الشباب بحرمانهم من وجبتهم اللذيذة.
هناك أمران لا بد من الإشارة إليهما في هذا الجانب؛ الأول أن موقع «تويتر» لا تضاهيه أي تقنية أخرى في سرعة انتشار المعلومة وسهولة الاستخدام، وهذا يعني أنه الأكثر خطرا على أصحاب الملفات السرية، لذلك لم تطل المدة على تسريبات «ويكيليكس» حتى أصبحت في أيدي كل سكان الأرض، لأن حساب «ويكيليكس» على «تويتر» تولى هذه المهمة، أي أننا نفهم مخاوف رئيس الوزراء التركي حينما شعر بالخطر، ولكنه يخطئ بظنه أن حجب الموقع قبل الانتخابات البلدية سيحميه من سهام أعدائه. أما الأمر الثاني، فإن حجب «تويتر» ليس عملية سهلة، في الصين مثلا فهذه الخدمة غير متوفرة، ولكن الصينيين على رأس قائمة أكثر مستخدميه، لأن هناك 35 مليون صيني يتوصلون إلى ذلك بوسائل تقنية لتجاوز الحجب، والإيرانيون في ثورتهم الخضراء عام 2009 تمكنوا من تجاوز العقبات التقنية التي وضعتها الحكومة. «تويتر» كشركة مؤمنة بحق التعبير، تستميت في إيجاد الحلول لكسر الحظر وتمكين المستخدمين، وهو ما تفعله الآن مع الأتراك.
إردوغان الذي ظن أنه قادر على تطويع «تويتر» من خلال منع نشر الأدلة التي تدينه، يتحسب من الغد الذي قد يلعب فيه هذا الموقع دورا مهما خلال الانتخابات البلدية، حين يجتمع فيه الغاضبون من ميدان «تقسيم» مع المحرومين من «تويتر»، برعاية خصمه النافذ فتح الله غولن، وستكون معركة كسر عظام كان قد ظن إردوغان أنه تجاوزها.
قد لا تصح دائما مقولة «الباب الذي تأتيك منه الريح، سده واستريح»، لأن الريح قد تكون أشد بأسا من الباب، ومن البيت.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط