رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوروبا تفكر فى بديل عن نفط ليبيا

أوروبا تفكر فى بديل عن نفط ليبيا

مازالت الاضطرابات التي تجتاح ليبيا تؤثر في أسواق النفط العالمية، حيث ارتفعت الأسعار وبدأت الدول الأوروبية تدرس سبل التعاطي مع الاضطرابات التي عرفتها واردات الغاز والنفط من هذا البلد الواقع في شمال إفريقيا.

تفيد فيه تقارير دولية بأن إنتاج ليبيا من النفط قد توقف تماماً، إلى جانب كل صادرات الغاز، كما يتوقع معظم المحللين ازدياد الاضطرابات، لاسيما في ضوء تهديد القذافي بتفجير خطوط أنابيب الطاقة.

ويتفق المحللون على أن إمدادات النفط والغاز العالمية ليست في خطر، باعتبار أن إنتاج ليبيا لا يمثل سوى 2 في المائة من إنتاج النفط العالمي، لكن بلدانا مثل إيطاليا وفرنسا وإسبانيا اعتمدت على ليبيا خلال عام 2010 بنسب 22 في المائة و16 في المائة و13 في المائة من إجمالي استهلاك النفط، على التوالي. وهي واردات لن تستبدل بسهولة على المدى القصير بالنظر إلى أن أوروبا تستورد أكثر من 85 في المائة من صادرات النفط الليبية.

ودفع ذلك مخططي الطاقة إلى إعادة تقييم الحكمة من وراء الاعتماد على شمال أفريقيا، وهي منطقة استثمرت فيها حكومات جنوب أوروبا أموالا طائلة من أجل تقليص اعتمادها على الإمدادات النفطية من روسيا وإيران، حتى وإن انتهت الاضطرابات في ليبيا باستقالة سلمية للقذافي.

ويقول هرمان فرانسن، زميل مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية وكبير الاقتصاديين في وكالة الطاقة الدولية، "إن على أوروبا أن تختار بين أن تصبح أكثر اعتماداً على روسيا أو على الشرق الأوسط، أو على كليهما". أما منوشهر تاكن، المحلل المتخصص في شئون النفط بمركز دراسات الطاقة العالمية في لندن، فيشير إلى طريقة أخرى للتقدم إلى الأمام إذ يقول: "سيتم التشديد على تعزيز أمن الإمدادات على نحو أكبر وأقوى، لكنهم سيجدون مصادر أخرى غير شمال أفريقيا والشرق الأوسط، مثل النرويج والقطب الشمالي".

والواقع أن إيطاليا وإسبانيا راهنتا كثيرا على ليبيا، التي تمتلك أكبر احتياطيات الطاقة في أفريقيا، وإن كان إنتاجها هو ثالث أكبر إنتاج في القارة بسبب سنوات من الإهمال. فقد ظلت شركتاهما العملاقتان للطاقة، "إيني" و"ريبسول"، في الخلف للحفاظ على موطئ قدم هناك حتى في الوقت الذي فرت فيه الشركات الأمريكية والبريطانية عندما فرضت عقوبات على ليبيا عقب تفجير طائرة "بان إم" فوق بلدة لوكيربي الاسكتلندية عام 1988.

ونتيجة لذلك، كوفئت إيطاليا وإسبانيا عندما وقّع القذافي السلام مع الغرب وتخلى عن برنامج الأسلحة النووية في عام 2003؛ وازداد اعتماد البلدين بشكل تصاعدي على النفط الليبي وارتفعت استثماراتهما هناك بحيث باتت تشكل "إيني" و"ريبسول" معاً حوالي ثلث الإنتاج النفطي ومعظم الغاز الليبي.

وتعد إيطاليا، وهي القوة الاستعمارية السابقة لليبيا، مرشحة للتأثر أكثر من غيرها. ذلك أنه علاوة على اعتمادها الكبير على واردات النفط الليبية، فإن 13 في المائة من غازها أتت أيضاً من جارتها الواقعة جنوب المتوسط خلال الأشهر العشرة الأولى من 2010، حسب وكالة الطاقة الدولية.

ويقول فرانسن من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الذي يوجد مقره في العاصمة الأمريكية واشنطن: "ليس ثمة أماكن كثيرة حيث يمكن للمرء الحصول على بديل مثالي للنفط الليبي"، وهو نفط ذو جودة عالية، مضيفاً أن "أوروبا تحاول قدر المستطاع تنويع مصادر الطاقة التي تستوردها، لكن الأماكن التي يمكن أن يستوردوا منها من أجل تحقيق التنويع هي أماكن لا يرغبون في اللجوء إليها".

وتحت زعامة رئيس الوزراء برلسكوني، تعمقت العلاقات الليبية الإيطالية في الطاقة وكل المجالات، وشمل

ذلك قطاعات مختلفة من المالية إلى كرة القدم. واليوم، يتعرض برلسكوني لانتقادات شديدة في إيطاليا بسبب رهانه الخاسر. أما في حالة إسبانيا، فإن "ريبسول" لم تزد استثماراتها بشكل مهم في ليبيا خلال السنوات الأخيرة. غير أن ليبيا بالمقابل، تعد منذ بعض الوقت ثالث أكبر مصدر للنفط بالنسبة لإسبانيا، خلف روسيا وإيران، مما يبرز فشل جهودها الرامية للتنويع.

غير أن شركة "أو إم في" النمساوية، تعد أسوأ حالا بكثير، حيث يأتي 12 في المائة من إنتاجها النفطي من ليبيا، مقارنة مع أقل من 4 في المائة بالنسبة لريبسول، وذلك حسب تقارير الشركة. أما الشركات الدولية الأخرى مثل توتال، وبريتيش بتروليوم، ورويال داتش شيل، وستاتويل، وغازبروم، فتعد أقل تأثراً بما يحدث في ليبيا. وعلاوة على تزويد إيطاليا وفرنسا وإسبانيا، فإن ليبيا توفر أيضاً 23 في المائة من واردات النفط الإيرلندية، و21 في المائة من واردات النفط النمساوية، و11 في المائة من واردات النفط البرتغالية، وذلك حسب تقرير وكالة الطاقة الدولية لشهر يناير.

وإذا تراجعت الاضطرابات في ليبيا بسرعة ولم يحدث مزيد من الاضطراب في الجزائر والمغرب، فيمكن القول أن جنوب أوروبا لن يكون في حاجة لإيجاد بدائل على وجه السرعة. لكن مهما يحدث، فإن البلدان الأوروبية ستكون أقل رغبة في وضع استثماراتها في المنطقة.

ويقول ديفيد كُرش، محلل أسواق الطاقة بمؤسسة "بي إف سي للطاقة" في واشنطن: "إن بيت القصيد هو أن هذا هو تعريف ومعنى أمن الإمدادات، أمن الطاقة"، مضيفاً أن "السؤال الرئيسي هو متى ستسمح الظروف بالعودة إلى وضع عادي. إذا تحولت الأمور في ليبيا إلى حرب أهلية، فإنك بالطبع ستؤجل أي مخططات للاستثمار، وذلك لأن البيئة السياسية عامل أساسي. وستعيد الشركات تقييم مخططاتها وستبحث عن أماكن أخرى". غير أن البدائل محدودة، وبخاصة في وقت يزداد فيه الطلب على الطاقة في آسيا ويتقلص فيه الفائض العالمي، حتى في إيران وروسيا، حيث يطرح الثمن السياسي مشكلة أيضا.

ويعلق تاكن من مركز دراسات الطاقة العالمية قائلا: "لديهم خيارات: سيدعمون مزيداً من التنقيب عن النفط في الصخور الزيتية، وسيستثمرون أكثر في خيارات الطاقة البديلة، وسيتطلعون إلى البرازيل والشرق الأقصى، وسيزيدون الفعالية والكفاءة، وسيقللون استهلاك الوقود، وسيشجعون الوقود الحيوي".