عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الطاقة النووية والبيئة

 أعطت الطاقة النووية كمصدر لتوليد الكهرباء فوائد جمة للبيئة، وبالتحديد فإن الطاقة النووية لا تساهم في رفع درجة حرارة الأرض عن طريق انبعاثات الغازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون. كما أنها لا تنتج أيا من أكاسيد الكبريت والنيتروجين أو الجسيمات الملوثة للبيئة فلا شيء يحترق بالطريقة التقليدية.

 

والحرارة تنتج بطريقة الانشطار وليس بطريقة الأكسدة في حين أنه في حالة الوقود الاحفوري تنبعث كميات هائلة من الغازات الملوثة للبيئة نتيجة الاحتراق كما يبقى أطنان من الرماد.

 ويمكننا تصور أن 16% من كهرباء العالم المنتجة بالطاقة النووية توفر على العالم إنتاج 1.8 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون المتسبب في ظاهرة الاحتباس الحراري. ويمكن بذلك تجنب انبعاث المزيد من ثاني أكسيد الكربون ببناء المزيد من المحطات النووية أو ترقية المحطات القائمة وإطالة عمرها.

 وفى أوروبا وبفضل المحطات النووية يتم توفير نصف مليار طن من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يكافئ الغاز المنبعث من 75% من السيارات في أوروبا ونفايات المحطات النووية رغم أنها مشعة إلا أنها صغيرة الحجم، والكتلة مقارنة بكمية الكهرباء المنتجة،

وهذه النفايات يتم التعامل معها منذ البداية إلى حين التخلص منها نهائياً على خلاف محطات الوقود الاحفوري التي تطلق نفاياتها مباشرة إلى الجو. تمثل الطاقة النووية فائدة عظيمة للبيئة من حيث أنها تقلص بشكل نهائي الملوثات الجوية، ولنا أن نتصور لما حددت وكالة حماية البيئة متوسط انبعاث بعض الغازات لكل م. وات ساعة بالرطل.

 

ويقدر انبعاث ثاني أكسيد الكربون من محطات الوقود الاحفوري بحوالى35 مليار طن في العام. حوالي 40% منها من الفحم، 43% من النفط، والغاز والباقي من مصادر الطاقة الأخرى

، ويمكن القول أن العالم قد يبقى أمام خيار وحيد لتجنب الأثر الكارثي على الحياة جراء انبعاثات الغازات الدفيئة، وذلك باستخدام الطاقة النووية فكل 22 طن من اليورانيوم تستخدم كوقود توفر على العالم مليون طن من ثاني أكسيد الكربون

. كما يمكن القول أن أسعار الطاقة النووية إلى الانخفاض، وأسعار البترول إلى الارتفاع بسبب زيادة الطلب عليه مما قد يؤدى إلى اتجاه مزيد من الدول إلى خيار الطاقة النووية، ولأن معظم الدول العربية موقعة على معاهدة عدم الانتشار النووي فإن استخدام الطاقة النووية سلمياً هو الخيار المقترح بقوة أمام الدول العربية،

 ومع الحاجة الماسة إلى إنتاج المزيد من مياه الشرب بتحلية مياه البحر فإن خيار الطاقة النووية قد يصبح خياراً استراتيجياً بالنسبة للدول العربية، ولكن يجب أن يسبق هذا القرار أن تتجه الدول العربية بقوة إلى إعداد العلميين والمهندسين والفنيين القادريين على مواكبة بناء المحطات النووية محلياً وعربياً وتشغيلها بكفاءة وأمانة.

 كما أن الأمر يستلزم ثورة في نظام التعليم بحيث يتم دراسة كل آفاق الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وليس مجرد الاقتصار على الطاقة الكهربية. والرغبة تأمين مصادر للطاقة مستقرة وكبيرة لبناء محطات نووية تقف أمامه بعض العقبات لابد من تذليلها وهي:

1 –    محدودية المخزون العالمي من اليورانيوم والحاجة إلى تطوير أساليب جديدة لاستخراجه من مصادر غير تقليدية كماء المحيطات.

2 –    ضخامة الاستثمارات المطلوبة في العمل على استكشافات جديدة لليورانيوم أو لبناء مفاعلات جديدة مما يستلزم وجود إستراتيجية عربية تعتمد على التمويل العربي، ويتواكب معها وجود شبكة عربية موحدة لتحقيق أعلى كفاءة اقتصادية ممكنة للتشغيل.

3 –    نمو الطلب العالمي الكبير على الطاقة خاصة مع دول تفتقر إلى مخزون نفطي كالصين والهند مما يجعل المنافسة شديدة على المحطات النووية، ويتطلب البدء العاجل للدخول عربياً في الاستخدام السلمي للطاقة النووية في الكهرباء.

4 –    الظروف الدولية التي قد تفرض حظراً نووياً تكنولوجيا على الدول العربية خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى مزيد من انتشار الأسلحة النووية، وهو مما يعظم ضرورة أن تكون هناك إستراتيجية نووية عربية تحفظ المشروع النووي من أي إجهاض محتمل، وإننا يجب أن نتحرك بسرعة نحو الخيار النووي للطاقة لأن مع استفحال أزمة الطاقة عالمياً، ومع نضوب الوقود الاحفوري فقد يكون الخيار المتاح الوحيد غير المحطات النووية هو خفض مستوى المعيشة، وتقنيين استخدام الكهرباء، ورفع أسعار الطاقة حتى تصبح خياراً متاحاً للأغنياء فقط.

مرتكزات المشروع النووي المصري:

بداية نلفت النظر إن المرتكزات الأساسية اللازمة لنجاح أي مشروع لا تكفى لنجاحه إلا في حالة توافر عاملين أساسيين هما الإرادة والإدارة أما الإرادة فهي القرار السياسي الرشيد بناء على المرتكزات اليقينية الموجودة والكفيلة بنجاح المشروع إما الإدارة الرشيدة للموارد والطاقات فهي التي تكفل الاستغلال الأمثل للموارد مما يضمن وجود اقتصاديات منضبطة وتنافسية للمشروع ويضمن عدم حدوث أي توقف لوجود خطط تنفيذ الأعمال ترتبط بجداول زمنية ويتم تنفيذها بعيدا عن أي روتين إداري وهذه المرتكزات يمكن إجمالها فيما يلي:

1 – وجود قاعدة علمية وبحثية وإدارية ناتجة من التشغيل والصيانة لمفاعلاتنا البحثية في النشاط منذ الستينات حيث يتم إدارة المفاعلات بكفاءة أثنت عليها الوكالة الدولية كما انه من المعلوم انه توجد من بين هذه الكفاءات خبرات عالمية تحظى باحترام دولي وتشارك منذ توقف المشروع المصري في مشاريع دولية . وهذه الخبرات الرائدة حتى وان لم تعد نهائيا إلى مصر فإنها يمكنها إن تساهم مساهمة فعالة في توفير الدعم الفني لهذا المشروع القومي الرائد.

2 – وجود إجماع قومي لإحساس حتى  بالنسبه عامة المصريين لحاجتنا الماسة إلى إحياء دورنا الإقليمي سواء على المستوى العربي أو الأفريقي أو الدولي وهذا الإجماع يوفر تحفيزاعاليا لصانع القرار لإحساس كل المصريين بان مشروعا كهذا يعطى زخما لدورنا الإقليمي والذى توفرت له إنطلاقه قويه مع ثورة 25 يناير

3 – الكفاءة العالية لقطاع الطاقة في مصر والسمعة العالمية التي حصل عليها رجالها نتيجة الكم الهائل من المشروعات التي تم تنفيذها وتشغيلها بكفاءة عالية بحيث يمكن القول إن حجم الشبكة المصرية والنمو المتزايد لأحمالها وبداية الربط الكهربي مع كفاءة قطاع الطاقة خاصة إذا أعطيت له السلطات اللازمة لتخطى الروتين الحكومي يجعل من السهولة الحصول على التمويل اللازم

محليا وخارجيا.

معالم الإستراتيجية النووية المقترحة لمصر .

  1. أي مشروع نووي هو مشروع دولي بالضرورة لأنه يخضع لإشراف وكالة الطاقة الذرية ولان مصر دولة موقعة ومصدقة على معاهدة الانتشار النووي فيجب إن تستفيد من هذا التصديق في الدخول بقوة إلى النادي النووي السلمي وان تستفيد من الدعم الفني للمشروع والسعي لضمان الأمان النووي للمشروع وتوفير الوقود النووي اللازم وفى هذا الإطار فانه من المفيد    الدعوه إلى إنشاء تجمع دولي بإشراف الوكالة الدولية يضمن الإمداد بالوقود اللازم للمحطات على أسس تجارية بحتة ودون التأثر بالظروف السياسية الدولية كما يمكن الاستفادة من الوكالة في تامين التمويل الخارجي .
  2. التشغيل الاقتصادي للمحطات النووية يتطلب وجود شبكة كبيرة تضمن التشغيل تحت اعلي حمل ممكن لضمان التنافسية العالمية مع المصادر الأخرى للطاقة وهذا الأمر يقتضي تشريع الربط الكهربائي مع أوروبا وشمال إفريقيا .
  3. يجب إن نسعى إلى إقامة سلسلة من المحطات النووية حيث يمكن إحداث توفير حقيقي في الوقود الاحفورى الذي كادت مخزوناته تنفذ وهذا يتطلب إن تدخل أكثر من دولة في هذا المجال . سواء بالتمويل أو بالإمداد بالطاقة النووية ولأنه لا توجد كوادر عربية عالية الكفاءة في البلاد العربية باستثناء مصر فأن مصر لابد أن تسعى بقوة إلى الدفع في اتجاه تدريب الكوادر العلمية العربية حتى يصبح المشروع النووي المصري مشروعاً عربياً ولا يخفى على أحد أن تعريب المشروع المصري وجعله مشروعاً قومياً للعرب يقلل من تأثير التمويل الخارجي وقدرته على الضغط على صانع القرار المصري  ويجعل من الصعوبة بمكان ضرب المشروع.
  4. لابد من الاتجاه نحو نقله نوعية في التعليم باتجاه الاستخدام السلمي للطاقة النووية فلا يكفي أن يقتصر مشروعنا على إنتاج الكهرباء ولكن لابد من إحداث ثورة في مقررات التعليم الثانوي والجامعي للدراسة العلمية المعمقة بكافة مجالات الاستخدام السلمي للطاقة والسعي نحو خلق مزيد من الكوادر العلمية اللازمة الدخول بقوة في المجال النووي المصري.
  5. وفى هذا الاتجاه أيضا فلابد من السعي إلى ثقافة نووية للمجتمع حتى يكون مؤهلا لفهم أبعاد هذا المشروع وأثره على الاقتصاد القومي والمكانة الإقليمية ببساطة يجب يشعر  المواطن العادي إن هذا المشروع يمثل إضافة حقيقية إلى حياته وهذا إن تم فسوف يخلق إجماعا قوميا يجعل من الصعوبة بمكان إمكانية ضرب هذا المشروع .
  6. اتجاهنا إلى الخيار النووي يجب إن يكون ضمن إستراتيجية تعدد مصادر الطاقة وخاصة المتجددة منها كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح ومصر بها إمكانات واعدة في هذه المجالات ولذلك يجب الاتجاه إلى تعميمها خاصة في المناطق الصحراوية والريفية حيث يكون توصيل التيار مكلفا من الناحية الاقتصادية كما إن اتجاهنا للطاقة المتجددة كما هو معلوم يساهم في تحسين الوضع البيئي .
  7. لابد من تعظيم المنتج المحلى في المشروع وقد كشفت دراسة سابقة إمكانية بداية المحطة الأولى ب40% منتج محلى وهى نسبة لا بأس بها وكان يجب زيادتها وذلك يتأتى ألايكون إنشاء المحطة بنظام تسليم مفتاح حيث يعطى التصنيع المحلى فرصة لتنشيط الصناعة المحلية ودول كالهند وصلت إلى تصنيع 90% إما كوريا الشمالية فقد وصلت إلى نسبة تصنيع تجاوزت 95%
  8. لابد من إزالة التفتيت الموجود في الهيكل الإداري النووي ودمجه في هيئة واحدة مستقلة عن الروتين الحكومي مع الاحتفاظ بهيئة الأمان النووي كإدارة إشرافية ورقابية مستقلة حتى يمكن تحقيق الأمان النووي المرتجى .
  9. لابد من الإصرار على تسجيل حق مصر في تخصيب لليورانيوم إلى الدرجة التي تمكنها من توفير الوقود اللازم لمحطاتها النووية مع التسليم بحق الوكالة بالإشراف الكامل .

لابد من توفير عنصر الاستقلالية لصانع القرار المصري  ولذلك لابد من تامين إمدادات الوقود وعدم الموافقة على دخول إسرائيل في أي مشروع نووي مع مصر فالمشروع المصري يجب إن يكون مشروعاً عربياً صرفاً بعيداً عن النفوذ الأمريكي . ويجب الحذر من أي تمويل أمريكي حتى لا نقع تحت أي ضغوط أمريكية وذلك يقتضينا إن نجدد الاتفاقيات التي وقعناها منذ أكثر من 25 عاما.