رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أما الحزب الوطني فلا بواكي له

فى خطابه المتلفز فى الجلسه الافتتاحية أمام مجلسى الشعب والشورى ألقى الرئيس مبارك خطابا مطولا تحدث فيه عن قضايا الداخل والخارج وعرّج فى خطابه على التكليفات العاجلة أمام المجلسين وعن الآمال العريضة للحزب الحاكم فى الفترة القادمة وعن الاهتمام الكبير بالفقراء ومحدودي الدخل.

 

وقد جلست مشدوها أستمع إلى خطاب كبير العائلة المصرية وأردد فى نفسى هل هذه مصر التى نعرفها والتى يتحدث عنها الرئيس أم أن هناك مصرًا أخرى لا نعرفها وهى تلك التى يتحدث عنها الرئيس؟، والأمر المثير للدهشة حقا أن يملك الرئيس هذا القدر من التفاؤل فيما يتعلق بمصر والمصريين، مع أن عموم المصريين المطحونين ـ وأنا منهم ـ لا يشعرون بهذا القدر من الأمل فى المستقبل مع أن عموم المصريين من المتدينين، والمتدين دائما يلتجئ إلى الله ولا ييأس من روح الله وفرجه ولكن لله ـ عزوجل ـ  في خلقه وكونه سننٌ لا تتغير لم يطوعها حتى لحبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم، فمن أين جاء الرئيس مبارك بكل هذا الأمل الذى أدعو الله أن يتحقق وأكون أنا مخطئا فى ظني، وحتى لا أطيل فإنى أعرض قراءتى للمشهد المصرى الراهن والأمر كله معروض للنقاش العام .

1 ـ لقد إختار الحزب الوطنى عن يقين ألا يسيطر فقط على السلطة التنفيذية والتشريعية ولكن أيضا أن يمنع وجود أى معارضه فى المجلس التشريعى، وتم ذلك من خلال تزوير مفضوح وعلني  لم يحاول حتى أن يتجمل فيه،  والأمر معلوم عن يقين فى الداخل والخارج ولكن النظام لم يأبه بأى معارضة وتم له ما أراد، والغريب أن ينال هذا المجلس الذى زورت فيه إرادة المصريين رضا الرئيس ويعتبر فقط أن بعض التجاوزات حدثت وهذا أمر عادي فى أي إنتخابات ويحدث فى كل دول العالم!،  ولا أريد أن أكرر ما كتب عن التزوير ولكنى أقول صادقا أننى أشعر بالعار مما حدث لأنّ كرامة الوطن هانت على أهل الحكم إلى هذا الحد.

2 ـ كنت أنتظر أن يكف أعضاء الحزب عن الحديث عما حدث وينصرفوا إلى الحديث عن المستقبل ولكنى وجدت إصرارا من كتبة النظام على الحديث عن الآمال المعقودة على المجلس والهجوم على كل من يفكر فى تعطيل المسيرة ويعرقل عملهم الجاد الذى سيبدأ فور تحويل خطاب الرئيس إلى تكليفات محددة تنطلق الحكومة لتنفيذها ومرة أخرى أذكر قرائي الأعزاء أنهم يتحدثون عن مصر حقيقية ليست افتراضية، والذى آلمنى أنني وجدت أساتذة كنت أحترمهم وشرفت بالتتلمذ على أيديهم يساهمون في هذا المولد الإعلامى الذى يبدأ بعد كل خطاب للرئيس وأدركت كم هى خطيرة الدنيا التى تجعل المثقف يبيع قلمه، ولكنى استدركت وقلت لنفسى: إن الذى يبيع قلمه ويكذب على بنى وطنه لا يمكن أن يعدّ مثقفا ، إنه مجرد حامل قلم يبيع بضاعته لمن يدفع أكثر وإذا تغير النظام سيطبل للقادمين الجدد فلا حول ولا قوة إلا بالله.

3 ـ إن الوضع الجديد بعد الانتخابات حولنا من مجرد دولة سلطوية فيها تعددية مقيدة إلى دولة شمولية وكأنّ عجلة الزمن تعود إلى الوراء، ووضع كهذا فى رأيى قد جانبه الرشد، لأنّ النظام الآن وحد كل المصريين ضده ما عدا الفئه القليلة صاحبة المصلحة، وهذا فى رأيي طريقة عقيمة لإدارة الصراع لن يدفع ثمنها إلا الوطن الذى يمر بفتره من أحلك الفترات فى تاريخه، وكأن الأمر يحتاج إلى نوع من الإجماع الوطنى وراء القيادة السياسية حتى تجتاز سفينة الوطن بحر الظلمات الذى إنحشرت فيه، وهذا يعنى أن الحزب الوطنى إختار ـ عن يقين ـ أن يكون وحده، وأن يعيش وحده، وأن يقرر مصير الوطن وحده، وكأن مصر خلت من رجالها وبالتالى فإنه يتحمل مسئوليه خطيرة لن يرحمه فيها من يؤرخ لهذه المرحلة العصيبة التى تمر بها مصر ويوم أن يرحل هذا الحزب الجاثم على صدورنا فلن يبكى عليه أحد.

4 ـ من الخطر أن تنسحب قوى التغيير السلمى من الساحة لأن المصاب الفادح هو الوطن الجريح الذى هان على أهل الحكم فتعاملوا معه بهذه الطريقه المهينة وكأنه عزبة أو سبيلا متاح يفعلون به ما يريدون دون أى إعتبار لعموم المصريين ما داموا يسيطرون على مفاتيح القرار، وتحميهم قوة الأمن وكأنّ الخالق ـ عزوجل ـ قد خرج تماما من المعادلة وهذه قراءة خاطئه لسنن الله ولنتذكر أننا صحونا ذات يوم لنجد أن دوله اسمها الإتحاد السوفييتى قد تفككت، وما أريد قوله أننا لا يجب أن نتوقف أبدا عن نضالنا السلمى الذى يبدأ بإثارة الوعى وتحفيز المشاركة والصدع بكلمة الحق وتدعيم المجتمع المدنى وأقولها كباحث فى المجتمع المدنى أنه لن تكون ابدا ديمقراطيه فى مصر بدون مجتمع مدنى قوى وكل الدول الديمقراطيه لابد أن يتواجد مجتمع مدنى قوى

5 ـ أنه من الخطر فى هذه المرحلة الالتجاء لأى عنف لخطورته على الوطن خاصة أن هناك من يتربصون بنا ويحاولون تفكيك مصر من الداخل فالوطن، يجب أن يكون له الأولوية فى كل تحركاتنا كذلك لا يجب أن نتعامل مع النخبة الحاكمة وكأنهم أعداء لنا ولكن أن نراقب ونتحقق من صحة المسار الذى ينتهجونه ولا نقطع خطوط الاتصال ونقدم المقترحات وفى هذا الإطار فإننى كباحث سياسى أثمن تجربة الوفد فى تكوين حكومة الظل وتوجّه قوى المعارضة نحو تكوين برلمان مواز، فالمرحلة التى يمر بها وطننا تستلزم تجميع الجهود من أجل إنقاذ سفينة الوطن ولعلّ ضمير نخبة الحكم يستيقظ ويدركون عقم الطريق الذى اختاروا أن يسيروا فيه وحدهم وأقول بالعامية الفصيحه أنه طريق "اللى بيروح فيه ميرجعش"

المعارضة  إذن يجب أن تكف عن الصراخ وتوحد صفوفها وتقدم بدائل إيجابية لإنقاذ الوطن ولا يقولنّ أحد أننا لسنا فى الحكم فخدمة الوطن لا تقتصر على أهل الحكم ولكنها مسئولية كل مصرى كل على قدر طاقته .

6 ـ أننا كمصريين لو توقفنا عن الحلم فسوف نموت كمدا وحزنا والكآبة عامل معطل للنضال والأمل الذى نستمده من الله ومن الثقة فى وطننا وأهلينا هو الذى يدفعنا إلى العمل، ولو أن المصريين خرجوا من مشاكلهم الصغيرة وأعلوا من همتهم لتغير الوضع لاضطُر أهل الحكم إلى الإستجابة لأشواق التغيير، ولكن النظام يسوقنا بالعصا والجزرة وهذا هو سر استبداده واستمراره وصدق

من قال ( كيفما تكونوا يولى عليكم ) ولن تكون الديمقراطية والحرية أبدا بدون تضحيات، ومن لا يعى ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه والله سبحانه وتعالى لخص قانون التغيير فى آية من كتابه العزيز  حيث قال عزوجل (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) فاعتبروا يا أولى الألباب.

أقول فى النهاية أن الحزب الوطنى اختار بكامل إرادته أن يعيش وحده وسيموت وحده وسيبعث يوم القيامة وحده وسيحاسب الله عزوجل رجاله على مثاقيل الذر ومن لا يعى ذلك فليعيد قراءة الزلزله التى سمعها الأعرابى فقال بفصاحته المعهوده :أفياحسب ربنا على مثاقيل الذر؟ فلما أجاب الرسول بالإيجاب قال  (إذن تكفينى ) فرد رسول الله (أفلح إن فقه ) .

7 ـ إن شبكة الجاسوسية التى اكتشفت أخيرا والتى وصل الأمر بالمتهم الأول فيها أن يقدم طلبا للالتحاق بالموساد تستدعى بعض الملاحظات والأمر يحتاج إلى مقال منفصل، فموضوع المواطنة قد تآكل إلى الحد الذى يعرض فيه مصرى على العدو أن يعمل معه وهذا أمر خطير يتطلب منا أن ندق ناقوس الخطر ونعيد تقييم سياساتنا فى الداخل ومع العدو الإسرائيلى، ونتوقف عن الكلام عن أوهام السلام ونفكر كيف يمكن أن يعود الولاء للوطن كما كان ولا يضع المسئولون رؤوسهم فى الرمال، فلابد أن يعترفوا أن الولاء لهذا الوطن يتآكل شيئا فشيئا بسبب إحساس عموم المصريين بالاغتراب وأنّ خير هذا الوطن لفئة قليلة من أهل الحكم.

ولو كان هذا الولاء موجودا لما اشترك آلاف المصريين من الموظفين ورجال الأمن فى التزوير الفاضح للانتخابات الأخيرة لصالح الحزب الوطنى وغابت تماما مصلحة الوطن عن تفكيرهم، وأقول بيقين إن المصرى المتديّن لا يمكن أبدا أن يخون وطنه لأن حُبّ الوطن من الإيمان ولكن عموم الناس يرتبطون بالوطن عندما يشعر كل مصرى أن له نصيبا ورأيا معتبرا فى وطنه، وهذا هو المفتقد اليوم فى مصرنا حتى وصل الأمر أن جموع كبيرة من المصريين تتسلل لإسرائيل ولنا أن نتخيل أنّ عددهم بالآلاف ويتعرض كثير منهم لمحاولات التجنيد من الموساد.

8 ـ وأختم بأن أحنى رأسى احتراما للمخابرات المصرية التى مازالت مع الجيش المصرى، حصون مصرية  لا حزبية تحمى الوطن وما زال شعور كل مصري نحوهم مزيج من الهيبة والحب، وأحلم بيوم تتحول وزارة الداخلية إلى وزارة مدنية لا علاقة لها بالسياسة وإنما يكون جلّ همّها توفير الأمن للشعب وليس للنظام، وأن تتوقف عن استخدام العصا الغليظة إلا مع المجرمين والخارجين عن القانون، وأن يعود المصريون سواء أمام القانون عندها سوف تعود الصورة النمطية لعسكري الشرطة الذى كان يمر فى الأزقة والحارات ليطمئن على سلامة المحال والبيوت، وفى كل وقت يطلق صيحته الشهيره للتنبيه فيعتدل المعوج ويستقيم المنحرف ولا يعود المصري خشى من الذهاب إلى قسم الشرطة كما هو الحال الآن .

وختاما أقول :إذاعجزنا أن نصلح من حال الحزب الوطنى فلنتحول كلنا إلى الحزب الوطنى ونعلنها دولة لا حزبية كما كانت أيام عبد الناصر، ولنلغِ هذا الديكور الحزبى العقيم، ولنعد للعقد الصامت بين الفرعون والمصريين: أن يتكفل بإطعامنا وكسوتنا وعلاجنا وتوفير الحياة الكريمة لنا مقابل حق الطاعة الكاملة له وليست الطاعه المطلقة، لأن الظلم يطلق لسان المصريين فيجأرون بالشكوى كما جأر الفلاح الفصيح فى تراثنا القديم فوصل أمره إلى الفرعون فسمعه وأنصفه، ولكن حكامنا لا يسمعوننا ويعرضون صورة لمجتمع افتراضي لا نعيشه فليفكر حكامنا فى هذا الاقتراح ولنفض مولد الديمقراطية والإصلاح الذى مللنا من الحديث عنه.

مرة أخرى أوجّه تحية إعزاز وتقدير إلى رجال المخابرات وكل ما أرجو أن نستثمر هذا الحدث فى معاقبة إسرائيل كما فعلت تركيا فى قضية سفينة الحرية وأرغمت إسرائيل على الاعتذار ودفع التعويضات للضحايا.

هل أحلم عندما أوجّه كل هذه النصائح لنخبة الحكم، وأنصرف يائسا كما يقول عموم المصريين الذين فاض بهم الكيل أقول بملء الفم: لا فما على الرسول إلا البلاغ المبين والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل(إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْأِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ) (فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ).