رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

احذروا الفتنة..مصر في خطر

كثيرون كتبوا عن أحداث كنيسة العمرانية التي بنيت بالمخالفة للرخصة الصادرة كمبني خدمي وما تلاها من أحداث عنف تصاعدت حتي وصل الأمر إلي الهجوم علي مبني محافظة الجيزة من أعداد كبيرة من إخواننا الأقباط كثير منهم قدم من صعيد مصر مما أرغم رجال الأمن علي التدخل بعد طول صبر لم نتعوده من قوات الأمن المركزي الذين عادة ما يسارعوا بالهجوم علي المظاهرات حتي ولو كانت بأعداد قليلة وهي حكمة لم نتعودها من قيادات الأمن، ولكني كباحث سياسي أحمدها لهم في مثل هذا الموقف أقول إنني أريد أن أقرّب هذا الموضوع من وجهة نظر جديدة تتصل بأمن مصر القومي.

 

ولا يتهمني أحد بالمبالغة ولا بالتحامل علي إخواننا الأقباط فالله يعلم أن علاقتي معهم علاقة طيبة منذ صباي فقد تربيت في زمن لم نعرف فيه أي حزازات بين مسلم ومسيحي ولم نكن نسمع عن ما يسمي بالفتنة الطائفية، وفي هذه الأيام لم يكن هناك حديث عن المواطنة ولم يكن هناك نص عنها في الدستور، فما الذي جري حتي أصبحت هذه الاحتكاكات تتكرر من وقت إلي آخر وفي كل مرة تجتمع القيادات المسلمة والمسيحية ويصدر بيان يؤكد علي الوحدة الوطنية وتلتقط الصور وينفض المولد، وتخبو النيران ولكنها لا تنطفئ بل إن أقل شرارة تؤدي إلي اشتعالها من جديد فأين الخلل إذن ؟

1 ـ مصر دولة مركزية منذ أكثر من ستة آلاف عام، ووطننا معروف منذ القدم بنسيجه المترابط والفكر السائد في بلدنا منذ الأزل هو الفكر الوسطي البعيد عن الغلوّ وسر قوة الدولة هو وجود حالة من التراضي العام بين الحاكم والمحكوم، فالمصريون سواء أمام القانون الذي يطبق بصرامة علي الجميع وهذا هو الخلل الأول في الحالة المصرية الآن، فلو طبق القانون بصرامة وحسم منذ البداية وبدون أية حساسيات أو اعتبار إلا للمصلحة المصرية لأختفت هذه الأحداث تماما، ولكن النظام القائم في تطبيقه للقانون يراعي توازنات كثيرة وعينه علي الخارج وليس علي الداخل مما يجعله محل انتقاد خاصة وأنّه لا يطبق كثير من الأحكام وهذا مما يضعف موقفه داخليا وخارجيا.

2 ـ إن أية أحداث تمس النسيج القومي المصري بالضعف وبالتعبير السياسي تضعف الإندماج القومي، وهو أمر خطير يضعف الجبهة الداخلية، ويهز هيبة الدولة المصرية الأمر الذي يؤثر بالتأكيد علي مصدر هام من مصادر قوتنا الشاملة وهو القوة الناعمة التي تنعكس في صمود الجبهة الداخلية في مواجهة أي عدوان، ويكفي أن نعلم وكلنا بالتأكيد يعلم أن عدوّنا الإسرائيلي يستمد أكبر مصادر قوته من استراتيجية التفتيت؛ والتي يعمل علي التخطيط لها مركز من أهم مراكز الدراسات الإستراتيجية في إسرائيل وهو "مركز ديان" والذي يجب أن يعلمه الجميع أن هذا المركز وضع الإستراتيجيات التي تم بناء عليها عمليات التجزئة والتفتيت في العراق أولا ثم في السودان الذي تؤكد كل الدلائل أن الجنوب سينفصل عن الشمال، وهنا أقول أننا يجب أن نعي الدرس ونحرص علي الوحدة الوطنية عملا لا قولا وندرك أن إنشاء إسرائيل نفسها كدولة حاجزة في قلب العالم العربي الغرض منه التفكيك والتجزئة حتي يتمكن الغرب الاستعماري من نهب ثروات هذا الوطن والسيطرة علي مقدراته.

3 ـ مصر المحروسة هي قلب هذا الوطن وهي من تخاف منه إسرائيل وتعمل ليقظته ألف حساب، وليس سرا أن معظم صواريخ العدو الإسرائيلي موجهه بالأساس إلي المدن المصرية، وهنا أقول وليس سرا فهو أمر منشور في الوثائق الإستراتيجية في الغرب أن مصر هي الجائزه الكبري وهي سوء الختام لمشروع التجزئة والتفتيت فهل بدأ مسلسل التفتيت في مصر؟ وأقول مسلسل لأن التفتيت مشروع استراتيجي مكون من مراحل يسلم بعضها بعض، الإجابة بإختصار نعم بدأ والبداية كانت مع توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل برعاية أمريكية والتي علي أثرها خرجت مصر من معادلة الحرب مع إسرائيل، وبدأ السلام المزعوم الذي لم نحصد منه إلا الثمار المرة، فبتحييد الدور المصري وبدء ما يسمي بعملية السلام حققت إسرائيل أكبر إنجاز في تاريخها لأنها لا تخشي إلا مصر.

ومن الطريف في هذا الأمر أن تحييد الدور المصري بمراحله المتتالية التي لا داعي للخوض فيها تمّ البناء على دراسات أجراها "مركز ديان" وبالتحديد أول رئيس له، والطريف أن هذا الرجل هو أول رئيس للمركز الأكاديمي الإسرائيلي في مصر، فهل نحن غافلون عن هذه الحقائق  بالتأكيد لا نحن فقط نتغافل عنها، ونحن نحسن الظن بالعدو الإسرائيلي ونتمسك بالسلام كخيار إستراتيجي لنا وهو أمر عجيب أحار في فهمه لأنني كباحث في الدراسات الإسرائيليه أعلم أن السلام يفجر النسيج الإسرائيلي المجتمعي والذي يعاني من أزمه في الإندماج القومي ولذلك هناك حاجه متجدده لأن يعيش المواطن الإسرائيلي وعنده إحساس دائم بالخطر ومن الطبيعي في إسرائيل أن تطلق صفارات الإنذار في وقت الفجر حتي تتحسن جاهزية الناس لمواجهة الخطر

4 ـ هناك مؤتمر سنوي يعقد في إسرائيل يقيمه مركز هرتزليا للأمن القومي يناقش التحديات التي تواجهها إسرائيل وفي كل مؤتمر يتم قياس ما يسمونه بالمناعه القوميه لإسرائيل فهل فكرناكمصريين في قياس مناعتنا القوميه  أقول في الغالب لن نفعل ذلك لأننا لو فعلنا فسنضطر إلي تحديد العوامل التي تؤثر في المناعه القوميه ونعمل علي وضعها

في أولوياتنا وقولي هذا ليس يأسا ولكنه إستقراء لوضعنا فهذا التوجه يتطلب أن يكون في مصر مراكز للدراسات الإستراتيجيه لأن القرار في الدول الديمقراطيه لا يؤخذ إلا بناء علي دراسات علميه موثقه ومدي علمي أنه لا يوجد في مصر مركز واحد معتمد للدراسات الإستراتيجيه

5 ـ إن هناك في مصر إصرارا من النظام الحاكم علي الإنفراد بالقرار وعلي تزييف الإراده الشعبيه والإنتخابات الأخيره خير دليل علي ذلك فالقاصي والداني يعلم يقينا أنها زورت وبطريقه فجه خلت من أي حكمه أو رشد والمشكله هنا أن هذا المسلك يضعف الثقه في الدوله ويضعف الإنصياع لحكم القانون ويفقد الثقه فيما يسمي بالمواطنه التي نتحدث عنها ليل نهار ولا نطبق منها شيئا ومكمن الخطر هنا أنه من أهم مقومات المناعه الداخليه للدوله هو وجود حاله من التراضي العام بين الحاكم والمحكوم فأين هذا مما يحدث في مصر

6 ـ رغم كل الاعتراض علي مسلك الحزب الحاكم في مصر فإنني أقول أن مصر المحروسة فوق الجميع وأنه حين تتهدد جبهتنا الداخلية فلابد أن نصطف جميعا صفا واحدا، لأن الحياة في كنف نظام جائر أهون بكثير من الحياة في اللادولة أو الفوضي، وتذكروا جيدا يا أهل الحكم مصطلح "الفوضي الخلاقة" الذي تبناه المحافظون الجدد ونفّذ بحذافيره في العراق، وأيّ جحيم يعيش فيه العراقيون الآن وأنظروا إلى ما يجري في السودان، وما يجري في الصومال عند إنهيار الدولة، وأقول أنهم مهما فعلوا بنا فهم قومنا بغوا علينا وهم مهما فعلوا فهم من بني جلدتنا وسيكونون أرحم بنا من الغرب الذي ضرب العراق ضربة سيحتاج لعقود طويلة ليفيق منها وفظائع الأمريكان في العراق تجعلنا نصدق ما حدث لملايين الهنود الحمر عند اكتشاف أمريكا من إباده ممنهجة.

7 ـ وفي النهاية أقول كباحث في الشأن الإسرائيلي أنّ علينا أن نتيقظ لكل ما يحفظ جبهتنا الداخلية ونطبق بحزم القانون دون تفرقة  وفي نفس الوقت علينا أن ننشر الوعي في جموع المحروسة وهو ما حاولته في هذا المقال ولأنني رجل جاوز الستين فليس لي من مغنم في هذه الدنيا إلا قول الحق ولو كان مرا وتلك كانت وصية رسول الله صلي الله عليه وسلم لأبي ذر ( ياأباذر قل الحق ولو كان مرا ) وها أنا قد قلته ولا أملك إلا سلاح القلم وهو سلاح ماض لأنني أنتسب إلي أمة إقرأ (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) .

وما زلت أتمني أن يعلو نظامنا الحاكم على مصالحه الضيقة ويعلي مصالح الوطن الذي ننتسب إليه جميعا، وبحكم أننا نظام شبه رئاسي كما يقولون وأقول أنا كباحث في الدراسات البرلمانيه إنه نظام رئيسي جل السلطات فيه في يد رئيس الجمهورية، ولذلك فهو المسئول الأول عن كل ما يجري في مصر وإن كانت لي دعوة واحدة مستجابه فأنا أدعوها له عسي الله ـ عزوجل ـ أن يوفقه إلي إصلاح المسار وإنقاذ سفينة الوطن التي توشك علي الغرق والتي إن غرقت فسوف يغرق معها الجميع ولتعيدوا قراءة الحديث النبوي حديث السفينة عسي الله عزوجل أن يلهمكم فقه السفينة كما يردد دائما التلميذ النجيب لأستاذنا د. حامد ربيع ذلك هو الدكتور  سيف الدين عبد الفتاح (إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)

صدق الله العظيم