رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إستراتيجية البحث العلمى فى إسرائيل3 ـ 3

يتمحور التعاون العلمي الإسرائيلي مع الخارج حول ثلاث محاور علاقات مهنية بين علماء ومؤسسات بحثية من دول مختلفة وتمويل البحوث في إسرائيل من خلال صناديق أبحاث في الخارج وعلاقات علمية وتكنولوجية ضمن إطار اتفاقيات رسمية .

إسرائيل تشترك في أغلب المؤتمرات العلمية ذات المستوي الرفيع التي تعقد في الخارج، وقد جاءت في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في ترتيب الدول التي شاركت في المؤتمرات العلمية،  ومعلوم أن المستوي الرفيع للبحوث الإسرائيلية في الخارج هو الذي أثار اهتمام صناديق البحوث في العالم ودفعهم إلي المساهمة في البحث العلمي في إسرائيل، وفي إطار الاتفاقات التي وقعت مع الخارج سافر من إسرائيل وحضر إليها نحو 1000 باحث سنة 1972 وحتى 1977 ضمن إطار هذه الاتفاقات، ويعقد كل سنة 10-15 ندوة مشتركة. كما يوجد في عام 1977 م نحو 50 برنامج بحثي مشترك بين علماء إسرائيليين وآخرين .

كذلك طرأ تطور نوعي علي علاقات إسرائيل العلمية مع الخارج بعد توقيع الاتفاقية العلمية مع السوق الأوربية المشتركة، حيث أصبح بمقتضاها تحت تصرف إسرائيل مجمل المنجزات العلمية الجماعية لدول المجموعة الأوروبية، أما التطور الأكبر فهو الذي نتج من تطور العلاقات الأمريكية الإسرائيلية ومثال علي ذلك الصندوق القومي الأمريكي الإسرائيلي للبحوث 1974 م، وفي مستهل 1978م بدأ عمل صندوق قومي أخر للبحوث الصناعية، أما مشاركة إسرائيل في مشروع حرب البحوث خلال عهد ريجان فهو الانجاز الأكبر مع الأخذ في الاعتبار أن أمريكا ما كانت تنوي اشتراك جانب أخر في هذا المشروع العلمي الخطير، والذي ترتب عليه منح خزانة التكنولوجيا الأمريكية أمام إسرائيل لولا المستوى المتميز للباحثين الإسرائيليين ويكفي أن نعلم أن إسرائيل قدمت حوالي 150 بحثاً لبرنامج حرب النجوم مما يدل علي أنها كانت قد قطعت شوطاً بعيداً في ميدان البحوث العلمية قبل أن تنضم رسمياً إلي هذا المشروع.

 

الإنفاق السخي علي البحث العلمي

من دلالات الأهمية القصوى والمكانة المتميزة للبحث العلمي في إسرائيل ذلك الإنفاق السخي عليه وتخصيص نسبة ملائمة من الناتج المحلي لميزانية الأبحاث، وقد تطورت هذه النسبة من1.5% عام 1965 إلي 2.2% عام 1977 إلي 3% سنة 1984 إلي 3.7% عام 2000 لتصل إلي 4.8% عام 2002 وإذا علمنا أن الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل بلغ 110 مليار دولار فان ماخص البحث العلمي منه بلغ حوالي 5.3 مليار دولار .

ومن الجدير بالذكر إن القطاع الخاص عام 2002 ساهم في 74% من الموارد المخصصة للبحث العلمي أي بزيادة تبلغ 42% علي نسبة إسهامه عام 1990 التي كانت 52% وهذا الإسهام المتزايد للقطاع الخاص في ميزانية البحث العلمي، يؤشر علي دور ووظيفة إنتاجية للعلم وعلي أن له عائداً تراكمياً مجزياً، ومن هذا العائد كان يجري اقتطاع هذه النسبة لأن العلم ساهم في تحسين الإنتاج وتعظيمه، وهذا الإنفاق دلالة علي الدور الاجتماعي للعلم وعلي أن البحث العلمي كان مربوطاً بالإنتاج وأن الأبحاث التي كانت تمول كان لها عائد اقتصادي مجزى.

تشجيع الابتكار والإبداع والمبادرات الفردية

هذا العامل هو سبب ونتيجة في نفس الوقت، فإن المناخ المواتي للبحث العلمي من إنفاق مادي وبنية تحتية واهتمام من الدولة علي أعلي مستوي ووجود عائد مجزي للبحث العلمي في تعظيم الإنتاج وتوافر المعرفة العلمية أكاديمياً وتجريبياً هيأ المناخ الملائم للمبادرات الفردية والإبداع المجتمعي المتمثل في براءات الاختراع، ويكفي أن نعلم أن عدد براءات الاختراع ارتفع من 210 براءة اختراع عام 1949 إلي 790 عام 1985 إلي 1212 عام 2002 .

وقد تكاتف إسهام الداخل والخارج في رفع عدد براءات الاختراع المنتجة أو المسجلة في إسرائيل .

وإسهام الخارج بعكس مساهمة في تمويل الأبحاث في إسرائيل وأكثر قفزة حدثت للبحث العلمي بعد 1985 وخلال فترة رئاسة ريجان واشتراك إسرائيل في مبادرة حرب النجوم مع السوفيت مع العلم بان الاتفاقيات الموقعة بقيت قائمة لتظهر نتائجها العلمية بعد ذلك.

كذلك يجب التنويه إلي الفترة 1990- 2002 والتي أحدثت أيضاً نقلة نوعية بسبب الهجرة النوعية لليهود السوفيتيين والذين لم يأتوا بشهادتهم فقط، وإنما أيضاً بما أنتجوه من العلم، ولكي يستفيد المجتمع الإسرائيلي من نتائج هذه الأبحاث  .

الدور الفاعل للمشروع النووي الإسرائيلي

حظيت الطاقة النووية بشقيها الأمني والمدني، باهتمام إسرائيل الكبير ويعود ذلك إلي الاهتمام المبكر بدور العلوم عموماً وهو يرجع إلي بدايات نشاط الحركة الصهيونية فبعد قيام الدولة، أصبح العامل الأمني أولاً وفي مراحل لاحقة العامل الاقتصادي الرافعة التي حملت مشروع إسرائيل النووي إلي الأمام ويمكن إيجاز أهداف إسرائيل النووية في :

الحصول علي سلاح نووي للدفاع عن وجود إسرائيل إذا حدث أي تهديد يهدد

وجود الدولة العبرية .

استخدام الطاقة النووية في المجال الاقتصادي خاصة في مجال توليد الكهرباء وتحليه المياه .

ويكفي أن نعلم أن لجنة الطاقة النووية الإسرائيلية تشكلت في 13/6/1952 وقد ترأسها د/ بيرجمان مدير معهد ويزمان، والذي اكتشف اليورانيوم في الرواسب الفوسفاتية في النقب، وكان في اللجنة "5" أعضاء أخرىن منهم د/ دوستر وفسكي الذي تولي رئاسة اللجنة عام1966م، وأهدافها تركزت في تقديم المشورة إلي الحكومة لأجل تنمية البحث النووي والإشراف علي تنفيذ الخطط المتفق عليها وتمثل إسرائيل في المؤسسات العلمية ذات الصلة بالموضوع النووي، وكان من أوائل مهمات اللجنة هو اكتشاف إمكانات الحصول علي معادن مشعة لإنتاج اليورانيوم والتوصل لإنتاج الماء الثقيل ( اكسيد الدوتيريوم ) المستخدم لإنتاج الطاقة النووية بطريقة اقتصادية.

والجدير بالذكر أن الدكتور/ دوستروفسكي سبق له العمل علي تطوير عملية لإنتاج الماء الثقيل خلال عمله في جامعة لندن، وقد تمكن العلماء الإسرائيليون بالإضافة إلي إنتاج الماء الثقيل من النجاح في فصل اليورانيوم 235 عن حمض الفوسفوريك .

كذلك تمكنت إسرائيل من الحصول علي الخبرة الألمانية في تخصيب اليورانيوم 235 بشكل يسمح بنسبة تخصيب تصل إلى 90%

مما سبق يتضح أن التكنولوجيا النووية العسكرية هي في متناول يد إسرائيل وان امتلاكها لسلاح نووي أمر لاشك فيه ولكن الاختلاف قد يكون في عدد الرؤوس التي تمتلكها.

كذلك وجود محطات نووية لإنتاج الكهرباء وتحلية المياه أمر ثابت من واقع استقصاء القدرات الكبيرة التي أضيفت إلي الشبكة والزيادة في كميات المياه المتوافرة، رغم أن إسرائيل ترفض الاعتراف بذلك لأنها لم   توقع علي معاهدة عدم الانتشار النووي  .

كذلك يجب العلم بأن تشغيل المحطات النووية لإنتاج الطاقة الكهربائية يسمح لإسرائيل بالحصول علي البلوتونيوم من الوقود المحترق والمعروف أن الرؤوس النووية تحتاج لكميات أقل من المواد الانشطارية إذا استخدم البلوتونيوم 239 بدلاً من اليورانيوم 235 .

ومن الجدير بالذكر أيضاً أن إسرائيل تسعي إلي الاستقلال في المجال النووي ويتجلي ذلك في محاولتها صنع المفاعلات النووية محلياً، وفي بناء مفاعلات تعتمد علي اليورانيوم الطبيعي حتى تمكنها الاستفادة من اليورانيوم 235 المستخرج من الرواسب الفوسفاتية الموجودة في صحراء النقب والذي يقلل اعتمادها علي اليورانيوم المستورد لتشغيل محطاتها النووية .

والذي يجب أن نشير إليه في التجاء إسرائيل إلي الخيار النووي سلمياً هو في حاجتها إلي إنتاج كهرباء رخيصة تخفض التكلفة الاقتصادية لمنتجاتها وبالتالي يعطيها قدرة تنافسية عالية علاوة علي أن إسرائيل لا تملك بترول وهي تضطر إلي استيراده، وإذا أضفنا إلي ذلك أن إسرائيل قد استنفذت كل مصادر المياه الطبيعية الموجودة فلم يعد أمامها إلا الخيار النووي لتوفير المياه، وأهم من كل ذلك والذي قد يخفي علي كثيرين أن الخيار النووي سلمياً وعسكرياً لابد أن يستند علي قاعدة علمية علي أعلي مستوي، وعلي صناعات مغذية، وبالتالي فان التقدم التقني والعلمي المصاحب للنشاط النووي سلمياً وعسكرياً يساهم في تعزيز الدور الإقليمي لأي دولة، وربما كان هذا هو السبب في محاولة إسرائيل لإجهاض أي مشروع نووي في المنطقة بحيث تظل هي منفردة بالخيار النووي سلمياً وعسكرياً .