عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المواطنة 1 ـ 2

 الوطنُ هو مكان إقامة الإنسان ومقرّه ولد به أم لم يولد وجمعه أوطان والوطنيه مصدر صناعي منسوب إلى الوطن كما يُقال القوميةنسبة إلى القوم والعالمية نسبة إلى العالم

وتاريخيةُ المصطلح بدأت بعدما أهبط الله ـ عزّوجلّ ـ آدم وزوجه من الجنة ليقوما هما وذريتهما بما قدر لهما من الخلافه فى الأرض وعمارتها وعبادة الله فيها وكانت الأرض مهيأه لتكون كلها وطنا ومستقرا لآدم وذريته من بعده فلما كثرت ذرية آدم وانتشرت بدأ الناس يتجمعون فى أماكن بحكم الطبيعه البشريه وذلك فى بلدان أوقرى ويتخذ كل لنفسه ولأهله وذريته بيتا يأوى إليه يمارس فيه خصوصيته يحميه ويستره من أعين الناس ومن مجموع هذه البيوت تتكون القريه التى يترابط أهلها بروابط شتى كالنسب والمصاهره والجوار والصداقه والزماله فى العمل ومن هذه القريه أو البلده أو المدينه بدأت قضية الوطن فعندما إضطر الإنسان لسبب أو لآخر إلى أن يهاجر من بلده لم ينس الموضع الأول الذى نشأ فيه وكون فيه علاقات حميمه من أهل وأصهار وأقارب وأصدقاء فأمسى مرتبطا عاطفيا بذلك المكان وأهله وكان الوطن أول الأمر يتعلق بتلك القريه أو المدينه ثم لما تطورت حياة البشر وعلاقاتهم تكونت أوطان أكبر من ذلك تشمل إقليما كبيرا ثم عدة أقاليم تنتظم تحت سلطان واحد يجمعها  دينى أو إجتماعى أو سياسي.

فكرة الوطن والوطنيه إذن تقوم على حاجة الإنسان إلى المكان وإرتباطه به وهذا أمر طبيعى فكل كائن حى محتاج إلى مكان أو مأوى يلوذ به ومن هنا كان حب الوطن والحنين إليه فطره بشريه يشترك فيها الناس عامه مؤمنهم وكافرهم عربهم وأعجمخم أبيضهم وأسودهم

ونحن نعلم أنه حين هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكه إلى المدينه كانوا يحنون إلى مكه ويشعرون بالشوق إلى ربوعها وجبالها ووديانها حتى قال عليه الصلاة والسلام ( والله إنك لأحب بلاد الله إلى الله وأحب بلاد الله إلى ولولا أن قومى أخرجونى منك ما خرجت )

وإنما أخرجوه منها لتمسكه بعقيدة التوحيد التى بعث بها ولم يفرط فيها ومن أجلها ضحى بوطنه لأن الدين فى نظر المؤمن أغلى من كل شيئ ولو ةكان وطنه أغلى من عقيدته لتنازل عن عقيدته حتى لا يفقد وطنه ومن هنا يفرض القرآن على المسلم أن يهاجر من وطنه الذى يظلم فيهولا يتمكن فيه من إقامة شعائر دينه باحثا عن مكان آخر فى أرض الله الواسعه يجد فيها حريته الدينيهوإن لم يفعل ذلك كان آثما عند الله ما لم يكن عاجزا عنم الهجره لسبب من الأسباب فهذا يرجى له العفو يقول تعالى (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً ) 98 ـ 97 آل عمران

ومع أن البدو أقل الناس إحساسا بالوطن لترحالهم وراء العشب والكلأ والماء مع هذا نجد لهم أهتماما بالأماكن التى لهم فيها خبرات معينة خاصه تلك التى تتصل بالمشاعر والقلوب ولذلك نرى أشعارهم كثيرا ما تبدأ بالبكاء على الأطلال كما قال إمرؤ القيس :

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل         بسقط اللوى بين الدخول فحومل

وإرتباط الإنسان بوطنه قوى عميق ولذلك فإن إنتزاعه منه وإخراجه قسرا أشبه بإنتزاع الظفر من اللحم وهو أمر مجرم فى كل الشرائع والقوانين كما تجلى فى القرآن الكريم الذى يعتبر أن خروج الإنسان أو إخراجه من وطنه جريمه كبرى قرنها القرآن بقتل النفس ( ولو أنا كتبنا عليهم أن أقتلوا أنفسكم أو أخرجوا من دياركم ما فغلوه إلا قليل )   النساء : 66 وقوله تعالى ( وما لنا ألا نقاتل فى سبيل اللع وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فليس هناك أوجب للقتال وأدعى للحرب من الإخراج من الديار  ) وهذا لعمرى لشر ألوان الإستعمار الذى يستولى على الأرض ويطرد منها أهلها فهو إستعمار إستيطانى إحلالى مثل الإستعمار الصهيونى فى فلسطين الذى لم يكتف بالإستيطان حتى شرد أهل الأرض من وطنهم وسكن منازلهم وورث أرضهم ومدنهم ومزارعهم وبياراتهم وهم أحياء وكأن لم يكن لهذه الديار ملاك ولا سكان

 

مواطنة المسلم وغير المسلم داخل المجتمع المسلم

الأرض بالمعنى الجغرافى لها أهميه فى نظر الإسلام فآدم أهبطه الله إلى الأرض وسخرها له ولذريته وجعلها له مهادا وفراشا ( ولكم فى الأرض مستقر ومتاع إلى حين ) وجعل من مهمات الإنسان الأساسيه خلافة الله فى الأرض وإذا كان هذا شأن الأرض بصفه عامه فإن الأرض التى يعيش فيها الإنسان ويكون فيها مولده ونشأته وتعليمه وعلاقاته وصداقاته يكون لها شأن خاص وهذه الأرض لها حقوق على أهلها أن يتعاونوا فيما بينهم على الخير وأن يتكافلوا فى السراء والضراء وأن يتناصروا إذا دهمهم عدو

والإسلام هنا يتماشى مع الفطره السليمه ويوجب على أهل الأرض المتصله أو المتقاربه أن يتكافلوا ويتناصروا ويرعى بعضهم حقوق بعض ومن هنا كان الإهتمام بحقوق الجار حتى جاء فى الحديث ( ليس بمؤمن من بات شبعان وجاره إلى جنبه جائع ) وفى أحكام الزكاه ىأن جيران المال أولى به من الأبعدين عنه

حتى أفتى بعض الفقهاء بأن لا تنقل الزكاه أكثر من المسافه التى تقصر فيها الصلاه ولذلك كله فرض الإسلام على أهل البلد الواحد إذا غزاهم عدو أن يهبوا جميعا للدفاع عنه وهذا فرض عين على أهل البلد وعلى المسلمين حولهم أن يعاونوهم بما يحتاجون إليه من مال وسلاح ورجال حسب الحاجه  ومن هذه الصلات المشتركه والواجبات المشتركه والحقوق المشتركه نشأت فكره المواطنه بين أهل البلد الواحد وإن إختلفت أنسابهم أو أديانهم

المواطنه فى العهد النبوي

من تمعن فى السيره النبويه وجد أن النبى صلى الله عليه وسلم قد إعترف بالمواطنه بين سكان المدينه من مسلمين مهاجرين وأنصار من أوس وخزرج ومن الايهودعلى إختلاف قبائلهم معتبرا هذه المواطنه ( أى العيش فى وطن واحد هو المدينه ) هو أساس التعاقد والتعامل بين الجميع فنحن نعرف من سيرته الثابته أنه قد عقد بعد هجرته إتفاقيه مع يهود المدينه : بنى قينقاع وبنى قريظه وبنى النضير وهى التى تضمنتها الصحيفه المعروفه فى السيرهوقد بناها على أساس العيش المشترك والتكافل المشترك والتناصر المشترك فى السلم والحرب بين المسلمين وجيرانهم من اليهود بإعتبارهم جميعا مواطنين فى دولة المدينه الجديده مع إختلاف االأديان التى ينتسبون إليها والعروق التى ينتمون إليها بإعتبار الوطن الذى ينتسبون إليه جميعا وهذه الصحيفه تعتبر أول دستور مكتوب فى تاريخ الفكر السياسى قبل أن تعرف أوروبا معنى الدستور بأكثر من ألف عام وقد صدرها بقوله عليه الصلاة والسلام : هذا كتاب من محمد النبى ( رسول الله )بين المؤمنين والمسلمين من قريش وأهل يثرب ومن تبعهم ولحق بهم وجاهد معهم أنهم أمة واحدة من دون الناس  والوثيقه تحتوى على حوالى 46 بند وفيما يلى المعانى الأساسيه لتكوين الأمه فى وثيقة المدينه

1 ـ  المعنى الإعتقادى ( الدينى )

 فالأمّة بهذا المعنى تتأسس على أخوّة الدين( المؤمنين بعضهم موالى بعض دون الناس )

2 ـ المعنى السياسى للأمة

بمعنى أنها لا تقتصر على سكانها المسلمين بل هى أمتان دينيتان فىة أمة سياسيه واحده( يهود بنى عوف أمة مع المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم ) وبمقتضى هذه الوثيقه يدفع المسلمون ضريبة المواطنه من دمائهم وأموالهم واليهود يدفعونها من أموالهم فقط لأنهم ليسوا جزءا من الصراع الدينى بين الحنيفيه الإسلاميه والوثنيه القرشيه وهذا إعتراف حكيم بأن اليهود جزأ من الأمه السياسيه لا الأمه الإعتقاديه فى دولة الإسلام وتقنين عادل لوضعهم طبقا لذلك كما أنه تأصيل لقبول تعدد الهويه الإنسانيه وتعدد أنماط الأخوه بين البشر

3 ـ المعنى الجغرافي للأمة

الجغرافيا هى أساس الهوية السياسية والمواطنة فى العصر الحديث ولم تغفلها وثيقة المدينه ففى مطلع الوثيقه نص على ( المؤمنين والمسلمين من قريش وأهل يثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم أمّة واحدة من دون الناس ) فتمتع المسلم بالمزايا السياسيه مشروط بالإنضمام الجغرافى من خلال الهجره والمشاركه فى الدفاع عنها من خلال الجهاد وربط الولاء السياسى بالهجره يؤيده القرآن الكريم وذلك فى قوله تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) الأنفال -72  فكل مسلم جزأمن الأمه الإسلاميه الإعتقاديه أما الدوله الإسلاميه السياسيه فالإنتساب إليها يستلزم الإنحياز الجغرافى إليها ونصر هذه الدوله للمسلم المظلوم خارج حدودها ليس مقدما على مصالحها وإلتزاماتها الخاصه

4 ـ المعنى الإجتماعى للأمة

والمراد به ما يكون من أواصر الأرحام والتعاضد الإجتماعى بين من يجمعهم نسب عرفى أو حلف سياسى تقليدى مثل أبناء القبيله الواحده وقد إعترفت وثيقة المدينه بهذه الروابط ولم تجعلها مانعا من الإنتساب إلى الأمه الإعتقاديه أو السياسيه بل جعلتها لبنه من اللبنات التى يقوم عليها الصرح الإعتقادى والسياسى فقد نصت الوثيقه على أن المهاجرين يتعاقلون فيما بينهم (أى يدفعون الديات المطلوبه منهم ثم عددت قبائل الأنصار وجعلت كل منهم عاقله مستقله ثم عممت الوثيقه قاعدة التضامن الإجتماعى لتشمل جميع المسلمين واليهود بالمدينه (وإن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم ) بل لتشمل جميع سكان المدينة ( على كل أناس حقهم من جانبهم الذى قِبَلهم )

ملاحظات هامه على وثيقة المدينة

أولا ورد مفهوم الأمه بمعانى متعدده إعتقادى وسياسى وجغرافى وإجتماعى ولكل مدلول أهميته وتأثيره على مفهوم المواطنه وحقوقها وقد أرست الوثيقه القبول للرابطه الإعتقاديه الأوسع من الدوله والرابطه القبليه الأضيق من الدوله

ثانيا قبلت الوثيقه تعدد الانتماءات أو الهويات لدى مواطنيها فقد

يكون المواطن مهاجرا أو أنصاريا , مسلما أويهوديا ,أوسيا أو خزرجيا وهو ليس مطالبا بنفى هذا الإنتماء ليكون مواطنا فى الدولة الإسلامية.

ثالثا الدولة الإسلامية ليست مرادفة لدولة المسلمين وإنما تسمى دوله إسلاميه تغليبا ومرجعيه فهى دولة المسلمين وغيرهم محكومه بقانون الإسلام .

رابعا إذا كانت الجغرافيا هى الأساس الوحيد للمواطنة فى العصر الحديث ولكن التحيز الجغرافى كان جزءا مهما من من عناصر المواطنه فى دولة المدينه لكن ا لمواطنه فى تلك الدوله النبوية كانت تركيبا من الجغرافيا والدين والمشاركه الفعليه فى خدمة الدوله والدفاع عنها (الهجرة والجهاد )

خامسا التناصر بين المسلمين أوسع من إنتمائهم السياسى وحق للجميع حتى لمن لا ينتمون لدوله إسلاميه أصلا كما هو حال المسلمين الذين لم يهاجروا للمدينه قبل فتح مكه  فهم ليسوا مواطنين ولكنهم أخوه فى العقيده

ومن وقائع السيره النبويه التى يستدل بها على شرعية فكرة المواطنه وما يستلزمها من الحقوق والمساواه ما جاء فى إتفاقية الصلح التى عقدها النبى عليه الصلاة والسلام مع نصارى نجران والتى بموجبها أصبحوا فى ذمة الله وذمة رسوله وذلك بالتعهد بحماية أموالهم وأنفسهم وملتهم وعشيرتهم وكنائسهم وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير وشهد على ذلك أربعه من خيار الصحابه منهم المغيره بن شعبه ومالك بن عوف والأقرع بن حابس وأبو سفيان بن حرب وكتب لهم الكتاب عبدالله بن أبى بكر

مفهوم دار الإسلام

إنتماء المسلم للوطن إنتماء قدرى لا إختيار له فيه أما الإنتماء لله ورسوله وللأمه التى تشاركه العقيده فهو إنتماء إرادى ولأن المؤمنون إخوه فقد غدت أمة الإسلام أهله وإخوانه وأمست دار الإسلام هى وطن كل مسلم والتى يجب عليه أن يذود عن حماها ولا يسمح لأحد أن يعتدى عليها أو ينتهك حرمه من حرماتها ودار الإسلام هى كل دار تجرى فيها أحكام الإسلام وتقام شعائره ويعلو سلطانه ويرتفع فيها الأذان ودار الإسلام يستوى فيها المسلمون فلا فرق لعربى على عجمى ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى فالإسلام لا يعرف العصبيه الإقليميه ولا العنصريه ومن روائع الفقه الإسلامى ما قرره الفقهاء من وجوب الدفاع عن البلد المسلم المعتدى عليه وإن تقاعس أهله عن الدفاع عنه بإعتباره جزأ من دار الإسلام التى هى ملك للمسلمين جميعا وصوره أخرى أوردها إبن عابدين عن إمرأه مسلمه سبيت بالمشرق وجب على أهل المغرب تخليصها من الأسر وإن إستغرق ذلك أموالهم  وهكذا قرر القرآن والسنه أن المسلمين ـأمه واحده (يسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم ) ومعنى ذلك أن الهويه الإسلاميه للمسلم يجب أن تكون لها الأوليه فلا يجوز لجندى مسلم أن يخدم فى جيش لمحاربة المسلمين ولكن ذلك لا يعنى التنكر للوطن لأن حبه من الفطره ومن الإيمان ولكن الهويه الإسلاميه يجب أن تحتل الأولويه ومن هنا نفهم لماذا الله على المسلم الهجره من وطنه إذا فتن فى دينه ولم يستطع أن يؤدى شرائعه ودوائر الإنتماء بالنسبه للمؤمن هى دوائر متحاضنه لا تتعارض وإنما تتكامل ولابد من تحقيق قيم الحريه والمساواه والعداله وبعض الناس قد لا يستسيغ فكرة الإنتماء الإسلامى بحجة أن هذا إنتماء دينى ويوجد فى المجتمع مواطنون غير مسلمين والرد بسيط فالدوله الإسلاميه هى ليست فقط للمسلمين وإنما تسع الأقليات الدينيه الأخرى ولهم نفس  حقوق المواطنه كغيرهم من المسلمين  ولابد من حذف أى مصطلحات تاريخيه

لم يعد يقبلها إخواننا من غير المسلمين  مثل أهل الذمه لأن المولى عزوجل لم يتعبدنا بذلك والعبره كما قال سيدنا عمر بالمسميات والمضامين وليس بالأسماء والعناوين

ويجب أن يقرّ فى أفهامنا أن الأخوه ليست فقط دينيه بل قد تكون وطنيه أو قوميه والسؤال هنا لماذا يبدوا أن هذه الولاءات قد تتعارض والإجابه أن :

1ـ الولاءات عندما تتعدد فقد يحتاج الفرد إلى المفاضله فى بعض الأحيان ونقول أنه فى حالة التعارض بين الدين والوطن فإن الدين هو المقدم لأن الوطن له بديل أما الدين فلا بديل له

2ـ إقتران الوطنيه بالعلمانيه  وهذا يحدث لبعض الإسلاميين الذين يظنون إقتران الوطنيه بالعلمانيه ذات الوجه القبيح عند كثير من الإسلاميين لأنها تفصل الدين عن الدوله بل قد تفصله عن الحياه وذلك ماهو معروف عن شمولية الإسلام وهذافهم خاطئ وتعميم مخل لأن الوطنيه لا تحمل أى مضمون أيدلوجى بل هى محايده وهى قابله بأن تحمل بأى مضمون من حق أوباطل وهى تكتسى برداء من يدعون لها فإن كان فكرهم ذو روح إسلاميه أظهرت الوجه الإسلامى وإن كانت غير ذلك علمانيه ليبراليه أو ماركسيه ظهرت بهذا الوجه وقد إعترف المستشرق برنارد لويس نفسه بأن معظم حركات التحرر فى البلاد الإسلاميه كان يقودها الزعماء الدينيون

3ـ الغلو فى الوطنيه حتى تصبح بديلا عن الدين  وهذا خصوصا مع النظم التى تدعى الثوريه وغالبا لا تملك رؤيه إستراتيجيه حتى تتمحور الثوره حول الزعيم الملهم وتصبح إرادتهىهى إرادة الدوله حتى إن مجرد الهتاف لغيره يصيبه بهم وغيظ شديد كما كان يحدث لعبد الناص عندما يردد الإخوان هتافهم المشهور الله أكبر ولله الحمد

4 ـ عندما تتحول الوطنيه إلى عصبيه جاهليه  وهى عصبيه تتعصب للأشخاص دون منطق أو رؤيه كما وصف أحد زعماء العرب : إذا غضب غضب له مائة ألف سيف لا يسألونه لماذا غضب وهذه لا تتواجد إلا فى النظم المستبده أما حين يسود الفكر الراشد ولا أرشد من المنهج الإسلامى تختفى العصبيات ولا يكون أمام المسلم إلا أن يدور مع الحق ويدع العصبيه والجاهليه التى قال فيها المعصوم عليه الصلاة والسلام (دعوها فإنها نتنة ) 

رجال الإصلاح وموقفهم من المواطنه

كل من درس تاريخ الحركات الإصلاحيه التى قادها رموز الأمه لتحريرها من الإستعمار الغربى وإخرجها من دائرة التخلف إلى دائرة التقدم إبتداء من جمال الدين الأفغانى ومحمد عبده وعبد الرحمن الكواكبى وحسن البنا يجد أن أولويات الإصلاح عندهم تبدأ بالوطن من باب الأقربون أولى بالمعروف وبكم أن النهوض يالوطن بتحريرها أولا من إرادة المستعمر ثم بعد ذلك من دائرة التخلف إيمانا بأن الداحل المتخلف لا يمكن أن يصنع نهضه داخليه أو خارجيه فالبدايه الصحيحه يجب أن تكون بالوطن والأصح أن تبدأ بالناس أفرادا ثم جماعات إيمانا بالقانون القرآنى للتغيير بأن الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم  إذن تتحاضن إنتماءاته فله ولاء لأسرت وعشيرته ووطنه وإقليمه وأمته الإسلاميه ومنها إلى الإنسانيه جميعا ولا تعارض بل تكامل وتحاضن إنها دوائر كموج البحر تتسع وتكبر شيئا فشيئا ولا تتقاطع .