رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حدث في اليابان

الإحصائيات التي نشرت مؤخراً عن المبالغ التي يتكلفها تعليم الفرد في الدول المختلفة تشير إلي أن مصر تأتي في ذيل القائمة، بل إن بعض البلاد التي كانت في عهد قريب تسبح في ظلمات الجهل والأمية مثل اليمن تأتي قبل مصر في الترتيب ولا مجال بالطبع لذكر دول العالم الأول مثل أمريكا وأوروبا، وهذا يثبت بكل وضوح قصور السياسة التعليمية عندنا وأن الهدف من التعليم في مصر هو الكم بأقل تكلفة ممكنة وليس الكيف.

كما يفسر أيضاً أحد أسباب هبوط وتدني مستوي التعليم والمتعلمين في مجتمعنا، ولقد كانت إحدي المقولات الشائعة التي كنا نستخدمها كشماعة نعلق عليها أسباب تدهور الأحوال في المجتمع المصري أن الاستعمار الإنجليزي كان يهدف من وراء التعليم مجرد تخريج كتبة وموظفين.. ولا أظن أن النظام الحالي يستطيع حتي تخريج مثل هؤلاء الكتبة والموظفين.. فمن السمات الخطيرة للأجيال المتلاحقة من خريجي الجامعات والمعاهد العليا نقص القدرات الحسابية وتفشي الأخطاء اللغوية والإملائية، ناهيك عن الضعف المتناهي في اللغات الأجنبية، ومن الطبيعي أن تنوء الدولة بحمل تعليم جميع أبنائها في المراحل المختلفة بالمجان، فلا هم تعلموا ولا هي استفادت، ومع أن شعارات الدولة مازالت تصر علي أن مجانية التعليم هي هدية للشعب، فإننا نجد الشعب يرفض هذه الهدية، فأولياء الأمور أصبحوا يجرون ويلهثون هنا وهناك لإلحاق أبنائهم بالمدارس الخاصة ومدارس اللغات مهما بلغت مصاريفها، ذلك لأنهم يعلمون أن مدارس الحكومة المجانية لن تعلم أولادهم شيئاً.. أما أولئك الذين يلحقون أبناءهم بالمدارس الحكومية يدفعون دم قلبهم في الكتب الخارجية والمجموعات المدرسية والدروس الخصوصية.

حتي إن بعض البيوت إن لم يكن كلها يتحول خلال العام

الدراسي وأيضاً خلال الإجازة الصيفية إلي ما يشبه المدرسة، فالمدرسون يتوافدون عليها الواحد تلو الآخر لإعطاء الدروس الخصوصية لجميع الأولاد في جميع المواد والآباء يدفعون وهم صاغرون.

إن مشكلة التعليم وما ينفق عليه وكيفية تدبير هذا الإنفاق تستحق كل مدرسة من الجهات المعنية، فالمعروف أن التعليم خدمة عامة لكن عائدها يمس المجتمع كله، ولا يجب أن تبخل أو تستخسر أية مبالغ تنفق في هذا الميدان، ولعل أبلغ مثال علي أهمية التعليم هو ما حدث في اليابان، فبعد خروجها منهارة ومهزومة في الحرب العالمية الثانية علي يد أمريكا والحلفاء فطنت إلي أهمية التعليم وأعطته الأهمية اللازمة والأموال المطلوبة وكانت النتيجة هذا التفوق الهائل الذي حققته والذي استطاعت من خلاله أن تجعل أمريكا ورئيسها يخطبون ودها.

ولا أظن أن الشعب نفسه يرفض المساهمة في تعليم أولاده طالما هو متأكد من النتيجة الطيبة التي سوف تعود عليهم، والمثل الشعبي يقول: «الغالي ثمنه فيه» أي أن الناس تعرف جيداً أن الشيء إذا تكلف مبلغاً من المال ونتج عنه عائد مرضٍ فإنه أحسن من شيء «ببلاش» ولكنه عديم النفع.