رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أقصي عقاب

 

الكمال لله وحده.. أي أنه ليس هناك إنسان معصوم من الخطأ وهذا ينطبق أيضاً علي الحكام والمسئولين، فهم بشر عرضة للأخطاء فإذا سلمنا بذلك واعترفنا بأنه هناك أخطاء ترتكب، سواء بقصد أو بدون قصد، فإنه يلزم أن يكون هناك من يكشف هذه الأخطاء وينقدها حتي يمكن إصلاحها وتجنبها في المستقبل، وكلما كان الإنسان المخطئ علي درجة من سعة الصدر ورحابة الأفق والثقة بالنفس، زاد استعداده لتقبل النقد والتصرف بطريقة سليمة للرد عليه. وأعتقد أنه في النظم الديمقراطية فإن الذي تقع عليه مسئولية الكشف عن الأخطاء وتوجيه النقد إلي مرتكبيها هي المعارضة، فالمعارضة حين تقول إن الحكومة أخطأت في كذا وكذا أو أنها أهملت في هذا الأمر أو ذاك. فإنها بذلك تبغي المصلحة العامة، »فالكل ركاب زورق واحد، إذا غرق غرقوا وإذا سار نجوا ووصلوا إلي شط الأمان«، ولكن الذي يحدث في مصر شيء مخالف تماماً، فما أن تفتح المعارضة فمها حتي تهيج الحكومة وتعتريها نوبات الصراخ والتشنج، وتبدأ الاتهامات بأن المعارضة تبغي قلب نظام الحكم أو التسلل إلي السلطة أو القفز إلي مقاعد الوزارة، والغريب أن كبار المسئولين أنفسهم لا يلبثون أن يعترفوا بكل ما تثيره المعارضة من انتقادات، فمثلاً في مسألة الزلزال قالت المعارضة: إن هناك تراخي من جانب الحكومة في عمليات إزالة آثار تلك الكارثة، وأن هناك تقصيراً في بعض النواحي وسلبيات في نواح أخري وهناك أيضاً تسيب في بعض الإدارات، وهنا تطايرت الاتهامات والشتائم ضد من أثاروا تلك الأمور وترددت العبارات غير المهذبة مثل »الكلاب تعوي« و»الأساليب القذرة«.. ولكن المدهش أن يأتي بعد ذلك المسئولون وكبيرهم ليقروا ويعترفوا بذلك بحجة عدم وجود إمكانات وأننا لسنا »أمريكا« وأن مستوي الأداء لم يكن 100٪، وأن هناك أشخاصاً منحرفين وأن وأن.. فلماذا إذن العصبية المفتعلة، ولماذا

هذا النفور والحساسية تجاه المعارضة؟ وكلمة في أذن الحكومة: إن الأوضاع السائدة في مصر في الوقت الحالي قد بلغت من الانهيار والتعقيد حداً لا يجعل أي مجنون يسعي إلي مقاعد الحكم وأنه إذا كانت هناك نية من المعارضة لعقاب الحكومة فإن أقسي عقاب هو أن تتركها، تتحمل وزر أعمالها وألا تتيح لها فرصة الهروب من الساحة.

وكلمة أخيرة نقولها: إن المعارضة أجهدت نفسها طوال ما يقرب من عقدين أو أكثر في المطالبة بالإصلاح السياسي دون جدوي، ويبدو - والله أعلم - أنه لا فائدة من إجراء أي تغيير يطلبه الشعب ما لم يأت الفرج من عند الله، لأننا أصبحنا نؤمن بأن النظام بتركيبته الحالية يسيطر عليه الفكر العسكري الذي يري أن كل شيء تمام، وأن الديمقراطية في مفهوم النظام عبارة عن أخذ رأي المحيطين عند اتخاذ أي قرار وكيف لا وأن المؤسسات من صنع النظام ولا يحترم رأيه، وقد تم اختيارها بواسطة القيادة السياسية دون أن يأتي بها الشعب عن طريق انتخابات نزيهة وسيظل الحال كما هو عليه، وعلي المعارضة أن تفكر في وسيلة أخري، لإزاحة هذه الغمة التي يعاني منها الشعب طوال الخمسين سنة الماضية، والله الموفق.