رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

دعوات تؤدي إلي طريق مسدود

علي مدي الأسابيع الثلاثة الماضية استعرضنا مراحل الطريق التي مرت بها الليبرالية، مصطلحاً وتياراً فكرياً وسياسياً واليوم أقول إن الليبرالية تعاني عدداً من الأزمات من بينها: عدم وجود فكر ليبرالي مصري أو عربي معاصر متكامل واضح المعالم.

والواقع أن لفظ «ليبرالية» ذاته، ينطوي علي مشكلة، فهو وإن كان مثل لفظ «ديمقراطية» لفظ غير عربي، إلا أنه لم يحظ بنفس القدر من الشيوع والانتشار، وعندما استخدم لطفي السيد هذا التعبير في العقد الأول من القرن العشرين، حيث عرف بـ«الليبراليسم»، فإنه ترجمها إلي التحررية أو المذهب الحري.

ولكن ما هو أهم من ذلك أننا لا نستطيع أن نتحدث عن نسيج فكري مصري معاصر يجمع في كل واحد بين القيم الليبرالية علي الصعيد السياسي والاقتصادي والفكري ويؤصل العلاقات الجدلية بين الديمقراطية السياسية والتعدد الحزبي وفصل السلطات من ناحية والتحرر الاقتصادي ودعم القطاع الخاص والمبادرة الفردية من ناحية ثانية وقيم التنوير والعلمانية من ناحية ثالثة.

حقاً إن الوفد، خاصة من خلال صحيفته، يدعو بلا هوادة من أجل الإصلاح الدستوري وإطلاق تكوين الأحزاب وإصدار الصحف، وتدعيم النظام البرلماني واحترام حقوق الإنسان كما يقف بحسم علي صعيد السياسية الخارجية مناصراً للديمقراطية، فضلاً عن الحماس والدعم لتحرير الاقتصاد المصري، ودعم القطاع الخاص، وتشجيع المبادرات الفردية، وفوق كل هذا فإن الدعوة إلي الوحدة الوطنية واعتبار الدين لله والوطن للجميع، تبدو أبرز ملامح الاستمرارية في الوفد الجديد مع الوفد القديم.

غير أن أزمة الليبرالية الأهم والأقدم والأعمق هي أن شعاراتها ومثلها وأفكارها لاتزال ذات طابع نخبوي غريب عن ثقافة وتوجهات قطاعات واسعة من الشعب حتي وإن تحمست لبعض شعاراتها وأفكارها في لحظة أو أخري وبعبارة ثانية فإن الكثير من شعارات الليبرالية هي شعارات (غير شعبية) حتي وإن كانت في جوهرها تعبر عن الطريق الأكثر جدوي للتقدم والإصلاح وعلي سبيل

المثال وعلي الصعيد الاقتصادي فإن المناداة بتشجيع الاستثمار الخاص وترشيد الدعم وترك الأسعار تتحدد بظروف العرض والطلب وإلغاء التزام الدولة بتعيين الخريجين وهي كلها أمور أقل شعبية بكثيرمن دعوات توسيع القطاع العام والإبقاء علي الدعم والاستمرار في سياسة التزام الدولة بتعيين الخريجين حتي وإن كانت هذه الدعوات الأخيرة تؤدي إلي طريق مسدود.

غير أن التحدي الأساسي لليبرالية علي هذا الصعيد إنما يأتي من جانب التيار السياسي الأكثر قوة وفاعلية علي صعيد المعارضة السياسية في مصر اليوم أي التيار الإسلامي، ففي حين أن الليبرالية السياسية تفترض ـ بحكم التعريف ـ الاعتراف بالقوة الإسلامية كقوة فاعلة علي المسرح السياسي لها حقها في التعبير عن نفسها، فإن هذه الأخيرة ترتبط ـ علي الأقل من خلال فصائل كثيرة فيها ـ بفكر شمولي سلفي يتعارض مباشرة مع قيم الديمقراطية والحرية الفكرية، وإن كان يجد آذاناً صاغية لدي الجماهير في مجتمع تخيم الأمية فيه علي حوالي نصف سكانه.

ومع ذلك كله، تظل الليبرالية بقيمها وأفكارها هدفاً عزيزاً، ينبغي السعي بدأب لترسيخه علي مستوي النخبة والجماهير، وبمقدار ما تقترب مصر من تلك القيم والأفكار، بمقدار ما يتعاظم الأمل في أن تكون أكثر أهلية لدخول عالم جديد.