رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

.. ونجاح المؤتمر .. فالتاريخ يعيد نفسه

 

لأنها جريدة «الوفد» أريد أن أروي حكاية أو قل موقفا ما تعرض له مصطفي النحاس والوفد تماما كما حدث في المؤتمر الاقتصادي «حلم مصر».

لا أريد أن أكرر نفسي.. فقد سبق أن كتبت عن الجنازة الصامتة التي سارت فيها كل مصر من أول رئيس الوزراء والوزراء وكل أعضاء البرلمان وكل المسئولين الكبار وكل رجال السياسة يوم 13 نوفمبر 1951، ولكن ما حدث قبيل يوم الجنازة هو نفس ما حدث قبل أيام وربما أسابيع من المؤتمر الاقتصادي.
قرر أعداء مصر مجتمعين ألا ينعقد هذ المؤتمر وعملوا المستحيل وفي كل اتجاه.. حتي سافر بعض أقطاب قوي الشر الي أمريكا للتنسيق مع المخابرات الأمريكية والكونجرس وغيرهما وبطريقة فجة وواضحة انتشر مئات الصبية «الصيّع» ومعهم القنابل من كل نوع.. انتشروا في كل أرجاء مصر سواء القاهرة أو المدن المهمة فضلا عن الأبواق الإعلامية المأجورة التي تحذر الدول من السفر الي مصر لأن المؤتمر لن ينعقد! كانت حملة مكثفة بطريقة غير عادية.. لدرجة أن وزير الداخلية ومحافظ سيناء كانا يطوفان في كل الأماكن في جنح الليل قبيل وبعد صلاة الفجر طوال الأيام.. ولكن الله عز وجل كان فوق الجميع ونجح المؤتمر بدرجة تفوق كل أحلامنا.. حضر وفود ورؤساء وملوك ووزراء وعلماء ورجال مال وأعمال من كل أنحاء العالم ولا مؤتمر «دافوس» السويسري العالمي الوحيد الذي يرجع تاريخه الي أكثر من نصف قرن. الرأي العام العالمي هزم أعداء مصر.. الرأي العام المصري هزم أعداء مصر.. نفس القصة قبيل يوم 13 نوفمبر 1951.

حينما قرر مصطفي النحاس أن يقيم جنازة صامتة تسير فيها كل مصر.. ثم يؤدي إماما صلاة الغائب ووراءه كل مصر.. حتي الناس في البيوت والمصالح بل والشوارع وعبر الراديو خافت انجلترا من رد فعل الرأي العام العالمي من هذه الجنازة لأن القتلة الذين صوبوا بنادقهم وقتلوا العمال المصريين الذين أرادوا ترك أعمالهم في المعسكرات هم من الجيش الإنجليزي.
حاولت انجلترا المستحيل لمنع هذه الجنازة والصلاة بأي شكل وبأي ثمن ومهما كانت التضحيات.. فشلت وساطة الملك فاروق، الذي قال للسفير الانجليزي إن النحاس «راسه ناشفة» ولا يسمع كلام أحد!! فحاول السفير مقابلة النحاس في مكتبه فرفض صلاح الشاهد مجرد دخوله مبني مجلس الوزراء لأنه لم يأخذ موعدا مسبقا.. وهنا بدأ التهديد باستعمال القوة!! وبدأت الشائعات بأن الجيش الإنجليزي سيزحف الي القاهرة!! بل أكثر من

ذلك.. بدأت مناورات وتحركات للقوات المعسكرة علي طول القناة.. وبدأت الطائرات تقوم بطلعات استعراضية لبث الخوف في نفوس الناس ولكي يراجع الكبار الموقف كما تصور الانجليز.. ولكن قرار النحاس في مجلس الوزراء أن الوزراء وأعضاء البرلمان قرروا الاستشهاد فهم ليسوا أقل من العمال الذين ماتوا.
في نفس الوقت.. الاحتياط واجب.
قرر فؤاد سراج الدين «سرا طبعا» حشد كل رجال الشرطة من أسوان إلي الإسكندرية ومطروح في القاهرة ليلة الجنازة.. ضباطا وجنودا.. كان هناك معسكر في العباسية اسمه «بلوكات نظام الأقاليم» مليء بالعساكر تحت التمرين.. كانت تعبئة عامة لا مثيل لها.. طبعا بعيدا عن الجيش، الذي كان تحت قيادة محمد باشا حيدر ياور الملك.. كانت التعبئة من ليلة الجنازة خوفا من احتلال الجيش الإنجليزي لميدان الإسماعيلية «التحرير الآن» وشوارع وسط البلد في جنح الليل.. وهو ما لم يحدث.. كانت كل هذه الاحتياطات مع مراقبة كل الطرق من القناة الي القاهرة قبل الجنازة بيومين ومع ذلك كان الخوف من السفر الي القاهرة بالطائرات أو بأي طريقة سريعة.. المهم البلد عاشت علي أعصابها يومين.. ومع ذلك نزلت مصر كلها لتسير في الجنازة حتي امتلأ ميدان الإسماعيلية وشوارع وسط البلد حتي جامع الكخيا لذا تم تغيير المسار الي شارع الملكة نازلي «رمسيس الآن» ثم عبدالخالق ثروت الي جامع الكخيا.. وصلت مصر كلها خلف مصطفي النحاس.
خاف الإنجليز من الرأي العام العالمي، وخاف الجيش الإنجليزي من الرأي العام المصري.. وانتصرت مصر زمان واليوم.. وفي المستقبل بإذن الله تعالي ما دمنا يدا واحدة وراء رجل بعثته السماء لإنقاذ المحروسة.