عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عزيزي المستشار.. تسلم يدك ولسانك

بعد صلاة العشاء في الليلة التاسعة والعشرين من شهر شعبان.. كنا نجلس في المسجد منتظرين نتيجة استطلاع هلال رمضان.. من الصعب إحضار تليفزيون في المسجد لذا كنا نحضر راديو أو اثنين ترانزستور.. كنا ننتظر إما نشرة اخبار أو أي إعلان.. وعادة كان المذيع يقدم مفتي الديار المصرية ليرأس جلسة يحضرها شيخ الأزهر ومحافظ القاهرة وآخرون.. تبدأ الجلسة ببعض آيات الذكر الحكيم.. ثم يبدأ مفتي الديار المصرية.. يتكلم عن الصيام كأحد الفرائض الخمس وتاريخها وثوابتها وأحكامها.. ثم يقدم التهنئة للرئيس ثم لكل ملوك ورؤساء الكرة الأرضية.. ثم أخيراً.. بعد أن يكون قد أغمى علينا من الانتظار والكبت في أنفسنا.. أخيراً يقرر ما اذا كان الغد المكمل لشهر شعبان فننصرف من المسجد أو أن نبدأ الشهر الفضيل فنقوم نصلي التراويح.

كتبت من سنوات في جريدة «الجمهورية» انتقد هذا الوضع مطالباً بالرحمة والشفقة بأعصابنا.. والحرص على وقتنا.. خاصة في وجود عدد من السيدات.. وكتبت هذا الكلام أيضاً في جريدة «أخبار اليوم» التي كانت صادرة في نفس اليوم عندما كان قد اتفق معي الصديق إبراهيم سعدة على مقال أسبوعي.. وأذكر أن اتصل بي الرجل الهادئ المتزن الفاضل الشيخ الدكتور السيد طنطاوي وقال لي من العام القادم سنخطر وسائل الإعلام في نفس اللحظة.. ثم اذا كان هناك احتفال فليكن على مهلهم كما يريدون.. معك حق فيما كتبت.

وتمر الأيام والسنون..
وتلعب بأعصابنا اللجنة العليا للانتخابات حينما تقرر إعلان نتيجة الاعادة بين أحمد شفيق ومحمد مرسي في التاسعة صباحاً.. ويتأخر مجرد ظهور اللجنة على المنصة ساعات وساعات على رأي المرحومة صباح.. حتى إن الحضور من الصحفيين ووكالات الأنباء العالمية وغيرهم بدأوا يتذمرون ويهددون بالانسحاب.. ويخرج أحد المسئولين باللجنة ويمسك بالميكرفون ويقول كلاماً غير لائق بمكانة الاعلام وأهميته.. ثم.. ثم فين وفين خرج أعضاء اللجنة ويقرأ رئيس اللجنة «قصة الاعادة»!! والأرقام والطعون ونتيجة التحقيقات في الطعون.. وغير ذلك.. حتى وصلنا الى الظهر. الكل منتظر من الصباح الباكر.. وسائل الاعلام الورقية والمرئية والمسموعة وتليفونات الخارج.. الكل متوقف عن العمل في الإذاعات والتليفزيونات تبث أي كلام.. في انتظار الخبر المهم.. من سيحكم مصر؟
لماذا تحطمون أعصاب شعب يعاني أساساً ومش ناقص!!.. ماذا لو أعلنتم النتيجة فوراً.. لكي تبدأ الصحف عملها في وقت متسع.. يقولون إن الحضور سينصرف بمجرد اعلان النتيجة.. ابدأ، الحضور صحفيون محترفون ومراسلون يريدون تفاصيل التفاصيل لكي ينشروها في صحفهم ووسائل إعلامهم.. فهذه التفاصيل مطلوب نشرها أيضاً.. والقرار ينتظرونه.. لذلك لن ينصرف أحد.

أما الأخ الكبير.. التقى الورع الحافظ لكتاب الله.. الرجل الدقيق المدقق في كل صغيرة قبل الكبيرة.. المجامل لأبعد الحدود لكل

معاونيه.. اللبق الأديب المثقف.. فاق الجميع في اللعب بأعصاب مصر كلها.. إنه المستشار محمد كامل الرشيدي.. وليس مرة واحدة.. بل مرتان.. مرة حينما عقد جلسة طويلة فيها فيلم كامل على الشاشة لأول مرة.. وفي نهاية الفيلم والكلام يؤجل النطق بالحكم في القضية المعروفة بقضية القرن!!.. وفي المرة الثانية كنا جميعاً متأكدين من صدور الحكم.. كانت كل دقيقة تمر وكأنها ساعة.. تذكرني بدقائق الوقت الضائع الذي يحتسبه حكم كرة القدم.. وهناك فريق متقدم بهدف ويخشى أن يضيع الفوز بكرة طائشة.
تصوروا من طول المقدمات حدثت في الخفاء في آخر القاعة من أراد أن يخفف على أعصابه فبدأ الرهان بين بعضهم.. براءة.. لا إدانة.. حسب كلام رئيس الجلسة!! كان رهاناً بالفعل!!
ثم أخيراً صدر الحكم.. مفاجأة بكل المقاييس رغم كل التمهيد الذي لم يفهمه الكثيرون.. بل الأغلبية الساحقة.. ولكن حينما ذكر المستشار في البداية أرقام بعد مواد قانون العقوبات ومنها المادة «15» استبشر بعض المحامين بالحكم لصالحهم وهى المادة الخاصة بسقوط دعوى الرشوة بالتقادم.
قال الرجل الفاضل العادل المتمسك بحرفية القانون.. قال الحكم.. ثم اتبعه ببيان قصير عن رأيه في الحكم الذي أصدره هو!!! بيان تسلم يده ولسانه.. هؤلاء مدانون ومرتكبون للجرائم.. وهناك جرائم أشد ولكن ماذا أفعل للأوراق التي أمامي والقانون الذي يحكمني.. لم يقل هذا الكلام طبعاً صراحة.. ولكن قال ما معناه بعبارات أشد.. قال المحاكمة الجنائية لا تتناسب مع المسئولية السياسية عن أفعال هذا الرئيس الذي حمى زمرة من المنتفعين وأصحاب المصالح والمتسلقين لكل رئيس هؤلاء الذين تقاتلوا لنهب ثروات مصر التي لم تشهد في عهده تعليما ولا حصة ولا أي مشروع قومي لابد من المحاكمة السياسية.. تسلم يدك ولسانك يا سيادة المستشار محمود كامل الرشيدي.