رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سراج الدين.. وشباب هذه الأيام

قالوا لي: لقد انتقدت بشدة موضوع تعيين نواب وزراء من الشباب لتأهيلهم لتولي المسئولية.. واستشهدت علي ذلك بوزير من الشباب تم تعيينه وزيرا للثقافة في وزارة عصام شرف.. ثم اضطر عصام شرف إلي ان «يقبل استقالته»!!! بعد 12 يوما بالضبط بعد أول اجتماع للوزير بوكلاء الوزارة ورؤساء القطاعات .. فقد هرول هؤلاء إلي رئيس الوزراء يخطرونه بأن هذا الشاب ليس عنده فكرة عن أي شيء!!

ويضيف الأصدقاء إلي كلامهم:
- هل تعلم أن فؤاد سراج الدين تولي وزارة الزراعة ولم يكن قد أكمل الثلاثين من عمره!!!.. كان عمره 29 عاما وبضعة شهور!!!.. هل تعلم أن عبدالحميد عبدالحق تولي وزارة الشئون الاجتماعية وعمره بالضبط كان 32 عاما؟

وكان ردي عليهم:
لا تقارنوا شباب الأمس بشباب اليوم أرجوكم .. شباب اليوم معذورون.. ظروفهم سيئة للغاية.. ظهروا في ثورة أضاعت البلد.. أضاعت كل شيء.. حتي التاريخ مسحوه والتقاليد تغيرت.. وأصبح التعليم مجرد أن تحصل علي شهادة لكي تعيش.. وليس للتعليم نفسه.. خريجو الجامعات لا يعرفون كتابة أسمائهم بحروف يمكن قراءتها.. فما بالك باللغات.. كنا زمان نقرأ الكتب لكبار الكتاب الآن التليفزيون والمسلسلات الهابطة.. كنا زمان نتعلم اللغات الأجنبية في المرحلة الابتدائية علي يد مدرسين إنجليز وفرنسيين.. الآن يتعلمون القشور في المرحلة الاعدادية!!!
زمان كانت جيوبنا محشورة بها (روايات الجيب) و(قصص الجيب) و(كتابي للمرحوم حلمي مراد) كتابي هذا في حجم الكف فيه قصة ومعلومات طريفة ومعلومات علمية.. ومجلة اسمها (المختار) هي النسخة العربية لمجلة أمريكية اسمها (ريدر دايجزت) إذا بدأت قراءتها فلن تتركها من الغلاف إلي الغلاف!!! ولا أقول لك.. (أيام طه حسين) ولا (عبقرية محمود العقاد) ولا (أهل الكهف) للحكيم!!! وأين أفلام زمان ودور السينما الضخمة.. سينما مترو كانت أقدامنا تغوص في السجاد الأحمر ونحن نغوص في الكراسي الفوتيه.. لذا أقام المصريون دور سينما رائعة لمجرد المنافسة.. سينما راديو وريفولي وغيرهما.
والأفلام الأمريكية العملاقة التي لا تتكرر الآن.. كليوبترا والوصايا العشر وكوفاديس، قصتا سيدنا موسي وسيدنا عيسي وفيلم دكتور جيكل ومستر هايد، لسبنسر تراس، ولا أقول «ذهب مع الريح» وروائع الثنائي روليل وهاردي ولا أفلام العبقري شارلي شابلن العبقري الذي لا يتكرر.
أين شباب هذه الأجيال من هذا الجو الذي كنا نعيشه... الوزير يركب الترام!! سليمان حافظ!!!
ذات مرة ركبت ترام 3 من العباسية لأذهب إلي الجامعة بالجيزة في أول الأربعينيات وجدت عماد حمدي (فتي مصر الأول) ومعه شادية!!! عدد السيارات المركونة في شارع سليمان باشا من ميدان الإسماعيلية (التحرير الآن) إلي شارع فؤاد الأول (26 يوليو الآن) لا يزيد علي تسع سيارات أو عشر!!! بل بعد ذلك بمدة طويلة عام 1956 عندما أصدرنا صحيفة (المساء) برئاسة الرجل العظيم خالد محيي الدين

وكان المبني أمام مبني أخبار اليوم في شارع الصحافة كان عدد السيارات لا يزيد أيضا علي 10 أو 12 سيارة!!!.. كانت الدنيا دنيا.
كانت جلسات مجلسي النواب والشيوخ تشد الناس لسماع كل ما يدور فيها عن طريق الراديو.. وكان الناس يذهبون إلي المحاكم ليسمعوا مرافعات مكرم عبيد ومصطفي مرعي وأحمد رشدي وعمر عمر وغيرهم.. لم تكن مرافعات عادية كانت خطبا بليغة.. كان مكرم عبيد يستشهد أحيانا بالقرآن الكريم.. فسأله قاض: هل أنت تؤمن بالقرآن؟ فكان رده: أنا أؤمن بكل الكتب السماوية كما أمركم الله عز وجل بأن تؤمنوا أنتم أيضا بكل الكتب السماوية..

أصدقائي وأعزائي..
لا تقارنوا سراج الدين وعبدالحميد عبدالحق بشباب اليوم.. شباب لا يعرفون شيئا عن محمد علي الكبير ولا سعد زغلول ومصطفي النحاس أو مصطفي كامل ومحمد فريد وطه حسين والعقاد والحكيم!!!.. بفضل جريمة (مجانية الجامعات) التي أرهقت الميزانية لتخريج جهلة لا يجدون عملا لأنهم غير مؤهلين لأي عمل!!.. يحشرون خمسمائة وستمائة في مدرج كنا زمان لا نزيد علي ثمانية بل أحيانا سبعين طالبا لا أقل من 15 من دفعتنا سفراء وآخرون أدباء، كان من دفعتنا ثروت أباظة وصحفيون أو معيدون أصبحوا أساتذة جامعة مثل كمال أبوالمجد (أول الدفعة) والذين فشلوا في كل شيء أصبحوا أشهر محامين في مصر مثل علي منصور وعبدالرؤوف علي.
ثم تقول لي شباب اليوم مؤهلون للقفز لكرسي الوزارة!!!.. حرام عليكم.. اتقوا الله.. رجال زمان نشأوا في زمن لا يعود كان فيه كل شيء، فيه الدين الحنيف بدون تحريف، وبعد ذلك كل شيء موجود من صحة وتعليم وثقافة وفن.. وحب وأخلاق.. وابتسامة وتفاؤل.. هواء نقي وماء نظيف.. وشوارع خالية وسماء صافية.. وفوق كل هذا وقبل كل هذا وبعد كل هذا.. رضاء الرب سبحانه وتعالي.. «قل للزمان عود يا زمان».