عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قصة إقالة أول وآخر شيخ أزهر

مازالت أصداء قرار إقالة المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام.. ثم عودته.. محل تعليق وكتابات الصحف ووسائل الإعلام المختلفة.
ولكن لفت نظري بل وازعجني الافتراء علي التاريخ فيما نشرته إحدي الصحف الكبري عن قصة عزل شيخ الأزهر الشيخ عبدالمجيد سليم عام 1951 خلال حكومة الوفد.. باعتبار أن هناك ثلاثة غير قابلين للعزل أو الإقالة وهم شيخ الأزهر والبابا والقاضي.

نعم.. تم عزل الشيخ عبدالمجيد سليم عام 1951.. لكنها قصة طويلة لها خلفياتها الوطنية المهمة.
عندما تولي الوفد الحكومة في يناير عام 1950 كان من برنامجه جلاء الجيش الإنجليزي من مصر، وكان يخطط لذلك بطريقة رجال السياسة المحنكين الكبار، وعلي طريقة رأس الذئب الطائر حينما أنشأ مصطفي النحاس جامعة الدول العربية عام 1945 عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية وبدأ الكلام عن «وعد بلفور» وإقامة دولة إسرائيل هنا طالب السفير البريطاني بإقالة وزارة الوفد، فاستجاب الملك فوراً لكراهيته الشخصية للنحاس باشا.
كان يخشي النحاس باشا من تكرار نفس الحكاية عندما يبدأ مفاوضات الجلاء وحينما ترفض بريطانيا طبعاً يبدأ الجهاد المسلح الذي كان يري النحاس باشا أن الإنجليز لن يتركوا مصر إلا مضطرين خوفاً علي حياة كل ضباطهم وجنودهم.
لذا كانت سياسة حكومة الوفد هي التقرب بشدة إلي الملك وتحسين العلاقة به بكل الوسائل والطرق.. بل أيضاً والتقرب من كل من حوله، حتي برللي!.. بل وصل الأمر إلي محاولة التخطيط لزيادة كراهية الملك للإنجليز الذين هددوه يوماً بالإقالة وأحاطوا قصره بالدبابات.
كان كل الخوف من قرار الإقالة بمجرد أن يقرر النحاس باشا إلغاء معاهدة 1936 أمام البرلمان.. فلا تبدأ بذلك المقاومة الشعبية في القناة وبورسعيد.. وتخمد المقاومة في مهدها رغم أنه تم الترتيب لها بقيادة فؤاد سراج الدين الذي حول وزارة الداخلية إلي ترسانة سلاح.. وستعجب إذا قلت لك أسماء بعض المعاونين له: وجيه أباظة وخالد محيي الدين وحسن إبراهيم.. كان ذلك قبل الثورة بعامين.
لذا بدأ التفكير في بدء المقاومة الشعبية قبل إلغاء المعاهدة رسمياً.. ولكن النحاس باشا رفض.. كان ينظر إلي موقفنا دولياً أمام العالم، خاصة مجلس الأمن الذي عرضنا عليه القضية عام 1948 أيام النقراشي باشا، وكان هناك تفكير بأن

إنجلترا قد تقدم شكوي لمجلس الأمن ضدنا إذا لم نبدأ بمفاوضات سلمية، ثم نعلن إلغاء المعاهدة ليكون موقفنا الدولي سليماً ومسالماً ومعنا الحق.. كان النحاس باشا بعيد النظر دائماً.. كان الناس تظن أنه رجل طيب «هيلهلي» علي غير الحقيقة!
من هنا.. كان النحاس باشا لا يريد إغضاب الملك فاروق بأي شكل.. ومهما كان الثمن.. كان أهم ما يشغل بال النحاس باشا هو إلغاء معاهدة 36 وإجلاء الإنجليز عن مصر باعتباره أنه هو الذي وقع هذه المعاهدة.. من أجل الحصول علي الاستقلال.
كان الملك يقوم خلال الصيف برحلات ترفيهية في أوروبا.. وكانت الصحف تهاجمه.. وكان هذا يغضب الملك كثيراً.. إلي أن وصل الأمر إلي شيخ الأزهر نفسه - وما أدراك بمركز شيخ الأزهر قبل الثورة - كان الرجل الثاني بعد الملك مباشرة.
وصرح الشيخ عبدالمجيد سليم في الصحف تعليقاً علي رحلات الملك الأوروبية: تقتير هنا.. وإسراف هناك!
وهنا بلغت ثورة الملك مداها.. وأصر علي إقالة عبدالمجيد سليم بأي شكل.. ولو بتشريع عن طريق البرلمان.. كان ذلك قبل موعد إلغاء المعاهدة بأيام قليلة، فقد ألغيت المعاهدة في أغسطس 1951 فلم يكن أمام النحاس باشا إلا إرضاء الملك الثائر علي الآخر من أجل إجلاء الإنجليز عن مصر.. ضحي النحاس باشا بشيخ الأزهر من أجل مصر كلها.. وبطريقة أو بأخري تمت ترضية عبدالمجيد سليم في الخفاء.
هذه هي قصة إقالة أول وآخر شيخ أزهر.. يا أيها الصحفي المبتدئ.